كتب :- د.أحمد الشّريدة - باحث في التراث الزراعي المشرقي - الاردن .
في مثل هذه الايام من السنة تنمو النباتات والاعشاب البرية والتي من أهمها :- والخُبَّيْزة والحمّيضة، والعكّوب والعِلتْ واللّوفْ واللسِينه والهُندباء والسِلق ولسان الثور والخَردّله. أن المشرق العربي يمتلك ( 158) نوعاً فريداً من الأعشاب البرية القابلة للاستهلاك الغذائي.
وهذه النباتات هي الأصول الوراثية البرية للنباتات المزروعة حالياً.
ولعل اشهر النباتات البرية الغذائية هي الخُبَّيْزة فقد اكلها " الاغريق" - خصوصاً عالم الرياضيات " فيتاغروس " - واعتبرها نباتاً مقدساً ومهدئاً للإعصاب ومزيلاً للتوتر النفسي ؛ فيما إعتبرها " الرومان" علاجاً لكل الامراض الصدرية والمعوية؛ حتى ان الامبراطور " شارلمان " أمر بزراعتها في حدائق قصره للزينة؛ واعتبرها " السريان " فاكهة الشتاء نظراً لفوائدها الغذائية والصحية المتعددة والتي لا تحتاج الى وقت لتحضيرها وطبخها ؛ وتعد أوراق الخُبَّيْزة واعناقها صالحة للأكل طازجة أو مطبوخة . في بلاد الشام يتم جمع أوراق الخُبَّيْزة مع أعناقها الطرية الغضة ثم فرمها فرماً ناعماً وإضافة البصل وزيت الزيتون وقليل من الملح لها ووضعها على النار هادئة حتى تنضج ثم تقدم لتؤكل مع البصل الأخضر والزيتون والفلفل الأخضر.
ولعله الفائده الكبرى منها انها مدرة للبول وملينة للمعدة والأمعاء وتساعد في الشفاء من القالون العصبي.
تنمو الخُبَّيْزة في الاردن وبلاد الشام في المناطق الجبلية والأراضي المفتلحة ؛ وهي تعتمد بشكل كلي على مياه الامطار مما يجعلها ذات طعم ونكهة مختلفة.
ان عمليه قطف بعض المواطنين لانواع من النباتات والاعشاب البرية وغير المهددة بالانقراض لغايات الطعام لن يكون ضاراً بالبيئة والتنوع الحيوي لانها تعتبر من النباتات المتجددة اذا ما تم المحافظة على جذور تلك النباتات وعدم اقتلاعها من الارض؛ واحترام شروط الجني المستدام، بما فيها جني ثلثي النبتة فقط، ومنع إقتلاعها من الجذور.
أن مناطق تواجد هذه النباتات والاعشاب البرية يحتاج الى وقت وجهد كبيرين حيث يقطع المزارعون مسافات كبيرة قد تتجاوز بعض كيلومترات للوصول اليها.
ولعل النباتات والاعشاب البرية تعتبر مصدر طعام يتكرر سنوياً على موائد الفقراء والفلاحين وعشاق الغذاء الصحي البلدي التقليدي .
في حين يتسابق بعض المزارعين الى عرض المزيد من هذه الاعشاب البرية في عرائش مخصصة على جنبات الطرق او في الاسواق الزراعية الشعبية لعرضها للزبائن الذين اصبحوا يرون فيها بديلا عن الكثير من الاطعمة والأغذية ذات الاسعار المرتفع .
وقد أحسنت عدد من مؤسسات المجتمع المدني في الاردن في إقامة مهرجان سنوي( مهرجان الخُبَّيْزة) للتعريف بالقيمة الغذائية والصحية لهذة النبتة التراثية .