
د. كامل العجلوني: محاكمة علماء العرب بين "معاداة السامية" والكيل بمكيالين
بقلم: أحمد عبد الباسط الرجوب
باحث وكاتب أردني
الجمعية الأمريكية للغدد الصماء: معايير انتقائية في تطبيق الأخلاق
في يوليو 2025، قررت الجمعية الأمريكية لأطباء الغدد الصماء (AACE) إنهاء عضوية الدكتور كامل العجلوني — الطبيب الأردني المرموق — بسبب اتهامات بـ"معاداة السامية" نجمت عن محاضرة ألقاها في الأردن عام 2024، ناقش فيها نصوصًا من التوراة والتلمود بحسب ما أورده في دفاعه. المفارقة أن الجمعية نفسها منحته جائزة أفضل طبيب عالمي عام 2008! فكيف تحول من "نجم" إلى "منبوذ"؟
السؤال الأهم: هل نُزعت عضويته لأنه انتهك أخلاقيات المهنة؟ أم لأن خطابه لم يُرضِ اللوبي الصهيوني المسيطر على مؤسسات أمريكية؟
"معاداة السامية": سلاح سياسي أكثر منه اتهامًا أخلاقيًا
موضوع "معاداة السامية" بات يُستخدم في الغرب، وخصوصاً من قبل اللوبيات المؤيدة لدولة الاحتلال الصهيوني، كأداة سياسية لإسكات الانتقادات الموجهة إلى سياساتها، حتى لو كان النقد منصباً على ممارسات الاحتلال أو سياساته تجاه الفلسطينيين. المثال الواضح على ازدواجية المعايير هو ما يقوم به بعض المسؤولين الصهاينة من ممارسات أو تصريحات تحمل كراهية علنية للعرب، دون أن تواجه بردود فعل دولية مماثلة.
الاتهام بـ"معاداة السامية" أصبح أداةً لتصفية الحسابات مع كل من ينتقد الكيان الصهيوني أو يسلط الضوء على نصوص دينية يهودية متطرفة. والأمثلة لا تُحصى:
· وزير مالية الكيان الصهيوني (بتسلئيل سموتريش) الأوكراني الأصل يظهر أمام جدارية كُتب عليها "الموت للعرب"، ولا أحد في الغرب يتهمه بالإرهاب!
· المجرم الصهيوني نتنياهو (البولندي الأصل) يستشهد بنصوص التلمود لتبرير مجازر غزة، ويُوصف بـ"الزعيم الديمقراطي"!
· حينما يذكر د. العجلوني نفس النصوص في سياق أكاديمي، يُحاكم ويُنهى عضويته!
المعيار واضح:
· إذا كنت صهيونيًا، فلك أن تقول ما تشاء، حتى لو دعوت للإبادة.
· إذا كنت عربيًا، فانتقادك لدولة الكيان الصهيوني — أو حتى ذكر نصوصهم المقدسة — جريمة أخلاقية!
الصمت العربي: خيانة للعلماء أم خوف من التبعات؟
المفاجأة الأكبر هي الصمت المطبق من الحكومات والإعلام العربي تجاه قرار AACE، رغم أن د. العجلوني:
· أسس أكبر مركز للسكري في الشرق الأوسط (المركز الوطني الأردني).
· قاد أبحاثًا غيّرت سياسات مكافحة السكري في العالم العربي.
· مثلّ العالم العربي في أرقى المحافل الطبية لعقود.
أين التضامن مع عالمٍ رفع اسم الأردن؟ أين البيانات الرسمية؟ أين نقابات الأطباء؟ هل نخشى غضب واشنطن أكثر من دفاعنا عن كرامة علمائنا؟
الدفاع عن د. العجلوني ليس "تعاطفًا".. بل رفضًا للانبطاح
الملفت أن المجتمع الطبي الأردني والعربي لم يتعامل مع هذه القضية كفرصة لفتح نقاش جاد حول:
· حرية التعبير في المحافل الأكاديمية.
· حدود التسييس في المؤسسات العلمية العالمية.
الدفاع عن د. العجلوني ليس تبريرًا لخطاب كراهية — كما تحاول AACE تصويره — بل هو:
· رفض ازدواجية المعايير الغربية في حرية التعبير.
· رفض تحويل العلم إلى رهينة للصراع السياسي.
· مطالبة المؤسسات العربية بدعم علمائها بدل التخلي عنهم عند أول ضغوط.
الخاتمة: "معاداة السامية" صناعة غربية.. والعرب ضحيتها
القضية ليست عن د. العجلوني وحده، بل عن مصير كل عالم أو مفكر عربي قد يُستهدف يومًا لأنه تجرأ على نقاش يُغضب دولة الكيان الصهيوني. إذا قبلنا بهذا المصير اليوم، فلن نتفاجأ حين تُنهى عضوية باحثين آخرين لأنهم انتقدوا "الهولوكوست" أو دافعوا عن فلسطين!
كلمة أخيرة للمؤسسات العربية:
إما أن تقفوا مع علمائكم.. أو تسلموا بأن مناصبكم ستُحرق لاحقًا بأي حجة!