
حسين الرواشدة
ما يجب أن يعرفه الأردنيون هو أن المرحلة القادمة ستكون مزدحمة بالألغام السياسية والمفاجآت؛ قمة الملك ترامب (11 /2) كانت بمثابة الخطوة الأولى في سباق المسافات البعيدة , ملف التهجير الذي استخدم كحاجز رقم واحد، يمكن القفز فوقه بعد قمة القاهرة من خلال طرح مشروع عربي ، لا نعرف حتى الآن تفاصيله، لكن ثمة حواجز أخرى بانتظارنا، حاجز إدارة غزة وإعمارها، حاجز التهجير في الضفة الفلسطينية ثم إدارة السكان ، والأخطر حاجز القدس والمقدسات.
لكي تكون الصورة أوضح ، كل هذه الحواجز التي أشرت إليها ، وربما غيرها أيضا ، ستكون قيد النقاش ، ملف التهجير لم يغلق ، يمكن أن نسمع قريباً عن طروحات وبدائل لأمكنة أخرى غير الأردن ومصر ، ملف غزة ربما يصبح "مصيدة "لبعض الدول العربية لتنظيف القطاع وادارته وإعماره تحت اشراف أمريكي إسرائيلي ، بروفة أي اتفاق في غزة سيتم نقلها مع بعض الإضافات إلى الضفة الفلسطينية ، هذا قد يعني نهاية السلطة الفلسطينية، وتمهيد الطريق للضم الكامل والتهويد ، وربما التدويل أيضا.
السيناريوهات ( هل أقول محاولات الإملاء ) المطروحة للمرحلة القادمة في إطار تصفية القضية الفلسطينية خطيرة جدا ، كما أن ارتداداتها على بلدنا وعلى المنطقة تستدعي القلق، يمكن أن نُعوّل على صلابة مواقف بعض الدول العربية ، ومساندة بعض دول الإقليم وأوروبا ، لكن هذا يجب أن يكون ثانياً ، لا أريد أن أدخل في نقاش لماذا ؟ أقول فقط : لابد أن نعتمد على أنفسنا أولاً ، أقصد أن نتحرك في كل الاتجاهات لإجهاض هذا المشروع الكبير ، أو إبطائه على الأقل ، ثم أن نتحوط لأسوأ ما يمكن ان يحدث ، عنوان هذا التحوط هو استدارة حقيقية للداخل الأردني.
هذه الإستدارة يجب أن تبدأ من إدارات الدولة ، ثم تمتد إلى كافة الوسائط السياسية والاقتصادية ، الإعلامية والاجتماعية، ثم إلى المزاج العام الأردني ، لا يمكن أن نواجه استحقاقات القادم إلا إذا كان لدينا (جماعة وطنية) تتولى إدارة النقاش العام ، وتصنع التوافق العام، وتساند الدولة في مهمة ضبط حركة المجتمع ، وملء فراغ حالة انسحاب الطبقة السياسية والبيروقراطية من المشهد، والأهم إعادة الثقة للأردنيين بوجود كتلة تمثلهم وتتحدث باسمهم ، غير محسوبة على المعارضات الأيديولوجية ، ولا على الولاءات الإنتهازية.
صحيح ، نثق بالملك ، ونلتف حول مؤسساتنا العسكرية والأمنية وإداراتنا العامة ، لكن مهمة حماية الأردن وتحصينه وعقلنة خطابه العام تحتاج ، أيضاً، إلى رجالات دولة تقف حول الأردن ومعه ، تماما كما كان يحدث في أصعب المراحل التاريخية التي واجهها بلدنا ، هذه الرجالات موجودة ولكنها ما زالت غائبة او مغيبة ، نريد فقط أن يطلق أحدهم صافرة الاجتماع الوطني لولادة( جماعة وطنية)، تضع على اجندتها هدفاً واحداً : حماية الدولة الأردنية والحفاظ على مصالحها "الأردن أولا ".
لا وقت للمزايدات ، أو إشهار (ألم أقل لكم ؟) ، أو نبش الماضي واخطائه ، أو تشغيل مراوح الاستعراضات والبطولات الوهمية ، أو استدعاء المظلوميات وتوزيع الاتهامات ، الوقت ، الآن فقط ، هو لتبادل المشورة والنصيحة والفعل الوطني العاقل، وخلق حالة وطنية يلتف فيها الأردنيون حول دولتهم وقيادتهم ، ومؤسساتهم وخيارهم الوطني، لمواجهة عواصف الخارج ، وهمزات الداخل أيضا.