شريط الأخبار
كتلة الميثاق الوطني: قرار الحكومة الاسرائيلية المصغرة استمرار لحربها المستعرة ضد الشعب الفلسطيني اختتام الأسبوع الثاني من الدوري الأردني للمحترفين CFI إدارة ترخيص تعلن فتح بوابة شراء الأرقام المميزة غدًا تشكيل المجلس الاستشاري الأعلى لجمعية الاقتصاد السياحي برئاسة الدكتور عمر الرزاز تركيا: على الدول الإسلامية الاتحاد لمواجهة خطة إسرائيل للسيطرة على غزة اجتماع عربي طارئ الأحد لبحث القرار الإسرائيلي بإعادة احتلال قطاع غزة امطار في الجفر والازرق وغبار في العمري والرويشد تحديث موقع القبول الموحد استعداداً للدورة الصيفية وزير الصحة ونظيره العراقي يبحثان تعزيز التعاون فتح باب الترشح لرئاسة جامعتي اليرموك والطفيلة التقنية الخارجية تعزي بارتقاء عدد من عناصر الجيش اللبناني وزير الإدارة المحلية يتفقد واقع الخدمات في بلديتي الفحيص وماحص مهرجان الأردن العالمي للطعام يسير قافلة مساعدات ثالثة لقطاع غزة الجيش الأردني ينفذ إنزالات جوية جديدة على قطاع غزة بالتعاون مع دول شقيقة وصديقة فعاليات صيف الأردن تُزين المفرق بحضور مُهيب (صور) حوارية لبحث آخر المستجدات المتعلقة بالأمن السيبراني الأردن يشهد زخماً اقتصادياً يمهّد لمرحلة جديدة للتحديث الاقتصادي النائب البشير : العلاقات التي تجمع الأردن بالمملكة المتحدة تاريخية ومتينة وزير الشباب يؤكد من المفرق: بناء شراكات لضمان جاهزية المنشآت الرياضية والشبابية تجارة الأردن: الشركات الأردنية قادرة على تقديم حلول برمجية مبتكرة

العنف المدرسي في الأردن: أزمة قيم أم إدارة؟ أحمد عبدالباسط الرجوب

العنف المدرسي في الأردن: أزمة قيم أم إدارة؟  أحمد عبدالباسط الرجوب
القلعة نيوز:

هزت جريمة مروعة الرأي العام الأردني، عندما أقدم طالبان على سكب مادة بترولية على زميلهما محمد حميدي، البالغ من العمر 11 عامًا، وإضرام النار فيه داخل مدرسة خالد بن الوليد في لواء الرصيفة. أدى هذا الحادث إلى إصابة الطفل بحروق خطيرة، مما أثار صدمة واسعة وأسئلة عميقة حول مدى أمان البيئة المدرسية في الأردن.

وفقًا للتقارير الإعلامية والأمنية، كان محمد ينفذ طلبًا من معلمه بإحضار مكنسة لتنظيف الفصل، لكنه تعرض للاعتداء من قبل زميليه اللذين سكبا عليه مادة الكاز وأشعلا النار في جسده. لولا تدخل المعلمين السريع، لكانت العواقب أكثر كارثية. هذه الحادثة ليست مجرد فعل عنف فردي، بل هي مؤشر على أزمة أعمق تتعلق ببيئة المدرسة وقيم المجتمع.

(1) الإهمال المؤسسي والمسؤولية المشتركة

اعترف وزير التربية والتعليم عزمي محافظة بأن الحادثة تعكس إهمالًا وتقصيرًا من قبل بعض العاملين في المدرسة. وأشار إلى أن وجود مواد خطرة مثل الكاز في متناول الطلاب أمر غير مقبول، مما يستدعي مراجعة شاملة للإجراءات الأمنية داخل المدارس. كما أكد أن ولي العهد الأمير الحسين بن عبدالله الثاني تابع الحادثة وأوعز باتخاذ إجراءات صارمة لضمان عدم تكرار مثل هذه الأحداث.

ومع ذلك، لا يمكن تحميل المدرسة وحدها المسؤولية الكاملة. الأسرة والمجتمع يلعبان دورًا محوريًا في تشكيل سلوك الأبناء. ضعف الرقابة الأسرية، وغياب القيم التربوية في المنازل، والتأثير السلبي لوسائل التواصل الاجتماعي، كلها عوامل تساهم في تفشي السلوكيات العنيفة بين الطلاب. فالأهل ليسوا مسؤولين فقط عن توفير الاحتياجات المادية لأبنائهم، بل أيضًا عن غرس القيم الأخلاقية مثل الاحترام والتسامح، والتي بدأت تتراجع في ظل الانفتاح غير الموجه على الإنترنت والمحتوى غير الهادف.

(2) وسائل التواصل الاجتماعي: سلاح ذو حدين

أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي منصة لنشر الأفكار السلبية والسلوكيات المنحرفة، مما يزيد من التحديات التي تواجهها المؤسسات التعليمية. المحتوى العنيف والمشاهد المؤذية التي يتعرض لها الأطفال يوميًا تؤثر سلبًا على سلوكياتهم وتزيد من ميلهم نحو العنف. لذلك، أصبح من الضروري أن تتدخل الحكومة لتنظيم المحتوى الرقمي المتاح للأطفال، وحجب المنصات التي تروج للعنف والسلوكيات الهدامة.

(3) نحو بيئة مدرسية آمنة

معالجة العنف المدرسي لا تقتصر على معاقبة المتورطين في الحادثة، بل تتطلب إصلاحًا جذريًا لمنظومة التربية والتعليم. ومن أبرز الحلول المقترحة:

1. تعزيز هيبة المعلم: يجب استعادة الدور الريادي للمعلم وتعزيز مكانته في المجتمع، بحيث يكون قادرًا على ضبط سلوك الطلاب داخل المدرسة.

2. تطوير المناهج التعليمية: يجب إعادة النظر في المناهج الدراسية لتشمل مواد تعزز القيم الإنسانية وتنمي روح التسامح والتعاون بين الطلاب.

3. تفعيل الرقابة المدرسية: يجب فرض رقابة صارمة على الأماكن التي يمكن أن تشكل خطرًا داخل المدارس، مثل المختبرات والمطابخ، وتأمين المواد الخطرة.

4. تدريب المعلمين والمرشدين التربويين: يجب تفعيل برامج تدريبية للمعلمين حول كيفية التعامل مع السلوكيات العدوانية واحتوائها قبل أن تتفاقم.

5. تعزيز دور الأسرة والمجتمع: يجب عقد ورش عمل للأهالي لتوعيتهم بأهمية متابعة أبنائهم ومراقبة سلوكياتهم داخل وخارج المدرسة.

6. مكافحة التأثير السلبي لوسائل التواصل الاجتماعي: يجب إصدار تشريعات تحد من وصول الأطفال إلى المحتويات الضارة، وتوعية المجتمع بمخاطر هذه المنصات.

(4) الاستراتيجية الوطنية: حلول مستدامة

تأتي الاستراتيجية الوطنية لتنمية الموارد البشرية (2016-2025) كإطار شامل لمعالجة هذه التحديات. تركز الاستراتيجية على تحسين تأهيل المعلمين، وتحديث المناهج الدراسية، وتعزيز البيئة المدرسية الآمنة. التعليم ليس مجرد عملية تلقين للمعلومات، بل هو عملية شاملة تهدف إلى بناء شخصية سوية للطالب، وتحد من مظاهر العنف والانحراف.

(5) خاتمة

حادثة الطفل محمد حميدي ليست مجرد حادثة فردية، بل هي جرس إنذار ينذر بتفاقم ظاهرة العنف المدرسي في الأردن. لا بد من تعامل فوري وحازم مع أسباب المشكلة من جذورها، قبل أن نشهد المزيد من المآسي التي تهدد مستقبل أبنائنا. التربية والتعليم مسؤولية وطنية مشتركة، وحماية الأطفال من العنف مسؤولية الجميع. يجب أن نعمل معًا لبناء بيئة مدرسية آمنة، وتعزيز القيم الإنسانية التي تحمي مجتمعنا من الانزلاق نحو المزيد من العنف والتفكك.

كاتب وباحث اردني