
أوهام التضامن والمصير العربي المشترك.
مقال وأفكار في غاية الأهمية...
القلعة نيوز:
كتب تحسين أحمد التل: مررنا نحن جيل النكسة، ومر قبلنا جيل النكبة؛ بمخاضات عسيرة مع إسرائيل، عندما ساندها الغرب في تحقيق حلم قيام الدولة الصهيونية في فلسطين، وهزيمة الجيوش العربية تمهيداً للوصول الى إتفاقيات سلام مع العدو الإسرائيلي، وفق مبدأ السلام والتطبيع مقابل الأرض، وكانت إتفاقية كامب ديفيد التي وقعتها مصر مع إسرائيل استعادت بموجبها سيناء، عام (1979).
بعد حرب الخليج الأولى؛ تهيأت المنطقة لشكل جديد من المفاوضات، كانت تحت غطاء تنفيذ قرارات الأمم المتحدة، ومنح الشعب الفلسطيني الحق في تقرير المصير، وجرى تفكيك الوفد الأردني الى وفدين، أحدهما ذهب الى أوسلو، وقد تسرع كثيراً في توقيع اتفاقية غزة أريحا أولاً، أما الوفد الأردني فوقع اتفاقية السلام مع ملاحقها الخاصة بالغمر والباقورة، وكان ما كان.
نحن اليوم أمام استحقاق سلام وتطبيع مع مصر والأردن والسلطة الفلسطينية، يجري بموجب هذا الإستحقاق: سلام كامل وشامل، وتطبيع على كافة المستويات بين إسرائيل ومصر والأردن على مبدأ الإحترام المتبادل، مع تجربة السلطة الفلسطينية لخمس سنوات يجري بعدها تقييم العملية، والتفاوض على بقية الملفات ومن بينها القدس، والاعتراف بالشرقية منها كعاصمة للدولة الفلسطينية القادمة.
التزم الأردن وإسرائيل بالسلام والتطبيع، كذلك التزم اليهود مع جمهورية مصر بالسلام والتطبيع، وتبادل السفراء، وأصبح هناك علاقات على كل المستويات، ومن بينها عدم التخلي عن الآخر وقت الحرب، وعدم وقف التبادل التجاري والاقتصادي أيضاً خلال الحرب مع أي طرف من أطراف معادلة السلام.
للتوضيح أكثر، لو دخلت الحرب أي دولة من الدول الثلاث، يجب ووفق اتفاقية السلام؛ تقديم ما عليها من التزامات تجاه الطرف الآخر الموقع على هذه الإتفاقيات، وهنا سنعيد تذكير المواطن العربي، بأن الحرب التي دارت بين إسرائيل والمقاومة الفلسطينية، وبين إسرائيل وحزب الله اللبناني، وبين إسرائيل وأي دولة عربية أو غير عربية، لا يجوز للأردن أو مصر التدخل بين الأطراف المتحاربة، ولا يجوز لإسرائيل أن تفعل ذات الفعل مع الدول المطبعة.
أي أنه لا يحق لليهود التدخل مثلاً بين الأردن ودولة أخرى، أو بين مصر ودولة مجاورة لها، وخرق اتفاقية السلام بالوقوف مع طرف دون الآخر، بل يجب أن تبقى الدولة الموقعة على اتفاقيات السلام على الحياد التام، وتنفيذ ما جاء في بنود الإتفاقية وقت السلم، وعدم نقضها وقت الحرب، لأن ذلك يمنح الطرف الآخر الحق في توجيه السلاح ومعاملته كعدو.
قبل أن يعتقد البعض أنني مع التطبيع والسلام مع إسرائيل، يجب أن أوضح الأمور التالية، وتتعلق بالتضامن والمصير العربي المشترك، أو بوحدة الصف العربي، أو بالشعارات الجوفاء التي ألهبت قلوب وحناجر الشارع العربي، زمن؛ تجوع يا سمك المحيط، وأكذوبة؛ الظافر والقاهر، والأسلحة الباردة التي ما تجاوزت عشرات الأمتار في سماء التخاذل العربي في الستينات والسبعينات، أن كل هذه الشعارات أصبحت حبراً على ورق مع إسرائيل التي ارتضت أن توقع اتفاقيات سلام، وعدم التدخل في شؤون الآخرين، بل يجب على الدول الموقعة محاربة الإرهاب، ومنع التعرض للدول المطبعة بما في ذلك إسرائيل.
لذلك من غير المستغرب أن لا تتدخل الأردن ومصر بما يجري في فلسطين، ولبنان، ما دام هناك معاهدات سلام، وما دام أن هذه الأطراف دخلت الحرب دون أن تستشير أحد، وليس من باب أن نتخلى عنهم لأنهم فتحوا نيران مدافعهم وصواريخهم على إسرائيل، بل لأن نص الإتفاقيات مع الصهاينة يفرض عدم التدخل؛ طالما أن هناك اتفاقيات سلام وتطبيع، علينا أن نقرأها جيداً قبل أن نصدر أحكامنا، ونتهم بعضنا بالخيانة، وأننا تخلينا عن مسألة التضامن والمصير العربي المشترك، هذه الشعارات التي سقطت بالتقادم.
للعلم، المقاومة الفلسطينية مشروعة في أي وقت، طالما أن هناك احتلال واغتصاب لأرض عربية، والقانون الدولي يمنح المغتصبة أرضهم حق الدفاع، والهجوم، والمطالبة بتقرير المصير، والمجتمع الدولي عبر القرارات الدولية، وعلاقات الدول مع هذا العدو المتوحش، والمحاكم الدولية؛ هو السبيل المناسب للحصول على الحقوق المشروعة.