شريط الأخبار
تهنئة وتبريك ريال مدريد يحدد سعرا نهائيا لبيع سيبايوس مفاوضات أمريكية صينية حول الرسوم قبل انتهاء مهلة واشنطن ماكرون: فرنسا ستواصل دعم اليونسكو رغم انسحاب الولايات المتحدة مولر يستقر على وجهته المقبلة بعد نهاية رحلته مع بايرن ميونخ مصر.. تراجع حاد في إيرادات قناة السويس وقفزة في تحويلات المصريين بالخارج وإيرادات السياحة نيويورك تايمز: ترامب يجبر أوكرانيا على التفاوض مع روسيا رافينيا يعتزل كرة القدم بعد مسيرة حافلة مع بايرن ميونخ الأردن وتركيا يؤكدان ضرورة "وقف النار" بالسويداء ويرفضان بشكل قاطع التدخلات الإسرائيلية في سوريا رئيس الوزراء من جرش: جلسات مجلس الوزراء في المحافظات نهج ضروري أسسته الحكومة لبلورة برامج تنموية تعالج التحديات وتركز على الأولويات الحكومة توافق على تسوية 1014 قضية ضريبية عالقة بين مكلفين ودائرة ضريبة الدخل وفاة 5 أطباء أردنيين (أسماء) أسباب حرقة فروة الراس.. تعرف عليها مفاجأة صحية: البيض قد يقلل خطر الإصابة بالزهايمر لدى كبار السن! بدون أدوية .. طرق الحصول على فيتامين د من الشمس 7 أطعمة تحسن الهضم وتعزز صحة الأمعاء لن تتوقعها .. تأثيرات مذهلة لتناول مشروب الكركديه زيت شجرة الشاي لنمو الشعر سريعًا .. حقيقة أم أسطورة؟ طريقة عمل الفطائر القطنية بالحليب وصفة المطاعم السوري.. طريقة عمل ساندوتش الماريا

العزام يكتب : بلدياتنا على طريق التحديث.. بين صوت الناس وصدى المركز

العزام يكتب : بلدياتنا على طريق التحديث.. بين صوت الناس وصدى المركز
اسامه محمد العزام
في خضم الحديث الوطني عن مسارات التحديث الشاملة، من سياسية واقتصادية وإدارية، يتجدد في الأردن نقاش محوري حول الدور الحقيقي للبلديات. هذه المؤسسات، التي تمثل نبض الشارع ونقطة التماس الأقرب للمواطن، هي المحرك الأساسي لأي تنمية مستدامة. لكن يبقى السؤال الذي يفرض نفسه بإلحاح: هل تعمل بلدياتنا بكامل طاقتها، وهل آن الأوان للبحث بجرأة عن طريق جديد ينسجم مع طموحات الدولة الأردنية؟
لا يخفى على أحد أن بلدياتنا اليوم تكافح تحت وطأة تحديات بنيوية تحد من قدرتها على أداء دورها المنشود، وهي تحديات تقع في صميم أهداف خارطة طريق تحديث القطاع العام. فمن جهة، يقيدها الاعتماد المالي على الحكومة المركزية، حيث تجعلها شح الإيرادات الذاتية أسيرة لتحويلات قد لا تستند دوماً إلى معايير واضحة، مما يحجّم طموحها في التخطيط لمشاريع استثمارية حقيقية. ومن جهة أخرى، تعاني من ترهل إداري، حيث لا يقابل تضخم أعداد الموظفين بالضرورة وفرة في الكفاءات المتخصصة القادرة على مواكبة متطلبات الحوكمة المحلية الرشيدة.
لكن، لعل المعضلة الجوهرية تكمن في الطبيعة الهيكلية لمنصب رئيس البلدية؛ فهو يجمع بين موقعين متناقضين: موقع السلطة التنفيذية المسؤولة عن إدارة العمل اليومي، وموقع رئاسة السلطة الرقابية المتمثلة بالمجلس البلدي. هذا التداخل الحتمي في الصلاحيات يجعل من أي رقابة فعالة أمراً شبه مستحيل، ويهيئ بيئة خصبة لنشوء تضارب المصالح، مما يقوّض في نهاية المطاف أسس المساءلة الديمقراطية.
في مواجهة تحديات مماثلة، لم تكن الحلول مجرد نظريات، بل تجسدت في اتجاه عالمي أثبت نجاحه. إنه نموذج "المجلس – المدير"، وهو نهج ينسجم تماماً مع أهدافنا في التحديث الإداري، ومُطبق في آلاف البلديات الناجحة حول العالم. يقوم هذا النموذج على مبدأ بسيط وفعال: الفصل التام بين "رسم السياسات" و"الإدارة التنفيذية".
فالمجلس البلدي، الذي يقوده رئيس بلدية منتخب، هو "برلمان البلدية" الذي يعكس إرادة المجتمع ويرسم السياسات ويراقب حسن تنفيذها، بينما يتولى "مدير بلدية" متخصص تنفيذ هذه السياسات وإدارة العمليات اليومية.

قد يرى البعض، وبحق، أن فكرة "مدير البلدية" طُبقت سابقاً ولم تنجح، لكن ما جرى لم يكن النموذج الحقيقي، بل صيغة مشوّهة لم تفصل بين السلطات. لذا، فإن المقترح اليوم، تماشياً مع روح التحديث، هو الانتقال من منطق التعيينات الفردية إلى فلسفة بناء "مسار مهني" متكامل يصنع قادة المستقبل.
يكمن جوهر نجاح هذا المسار في تصميمه المتوازن الذي يوزع الأدوار بدقة، مستلهماً تجربة الحكام الإداريين. فالعلاقة هنا تكاملية؛ حيث تتولى وزارة الإدارة المحلية دور "الحاضنة" لهذا المسار، فتستقطب الكفاءات وتؤهلها وتعتمدها، لتكون بذلك الضامن لجودة المخرجات. أما سلطة الاختيار، فتبقى حقاً أصيلاً للمجلس البلدي الذي ينتقي من بين هذه النخبة المؤهلة من يراه الأقدر على قيادة بلديته. وهكذا، يتشكل مع الزمن مسار مهني جاذب، وتتكون شبكة من الخبرة الوطنية المتنقلة التي تثرِي العمل البلدي في كل أنحاء الوطن.
بطبيعة الحال، فإن هذا الإصلاح الإداري يتطلب منظومة متكاملة تترابط فيها مسارات التحديث؛ فتعزيز الاستقلالية المالية يصب في قلب رؤية التحديث الاقتصادي، وإصلاح الموارد البشرية هو من أساسيات تحديث القطاع العام، وتشجيع المشاركة المجتمعية هو جوهر التحديث السياسي.
في نهاية المطاف، تطوير الإدارة المحلية في الأردن ليس خياراً بين نماذج مستوردة، بل هو اختيار لهويتنا الإدارية المستقبلية. إنه قرار بالعودة إلى جوهر قيمنا في الشورى والمساءلة، وتطبيقها في هيكل عصري لا يؤمن بمركزية القرار، بل بقوة توزيع المسؤولية.
حين نمنح الثقة للمجتمع، ونمكّن البلدية بالأدوات، فإننا لا نبني مؤسسة قوية فقط، بل نستثمر في طاقة الإنسان والمكان. إنها دعوة لنسمح لمجتمعاتنا بأن تصنع مستقبلها بنفسها، وخطوة لا غنى عنها في مسيرة مشروع التحديث الوطني الشامل الذي يستحقه الأردن.