شريط الأخبار
وزير الخارجية يلتقي نظيرته النمساوية الأردن يعزي السودان بحادث انهيار منجم ذهب نتنياهو يبلغ وزراءه بعدم إحراز تقدم في مفاوضات غزة ماكرون يجرى اتصالا هاتفيا مع نظيره الإيراني الجيش الأردني يحبط محاولة تهريب مخدرات عبر مقذوف من سوريا اللواء المعايطة يرعى احتفال مديرية الأمن العام بذكرى الهجرة النبوية الشريفة مجموعة القلعة نيوز تبارك لأبناء قبيلة الحجايا مواقعهم الجديدة في وزارة الداخلية العليمات يهنئ عطوفة المحافظ الدكتور مالك بيك خريسات الهلال السعودي يؤكد إصابة أربعة من نجومه قبل مواجهة مانشستر سيتي "نوفوستي": العقوبات ضد روسيا رفعت سعر الغاز للاتحاد الأوروبي بمقدار 2.5 ضعف ماكرون يؤكد دعم باريس للاستقرار الديمقراطي في أرمينيا وجهود السلام الإقليمية رونالدو يخطط للعيش بقية حياته في السعودية ويفصح عن السبب الحقيقي وراء قراره مصر تستأنف إمدادات الغاز لأكبر مصانعها بعد توقفها بسبب حرب إسرائيل وإيران ترامب يجدد رغبته بجعل كندا الولاية الأمريكية الـ51 لسببين أحدهما حبه لها ميسي ضد حكيمي.. التشكيلة الأساسية لمواجهة إنتر ميامي وباريس سان جيرمان عراقجي يطالب مجلس الأمن الدولي بتحميل إسرائيل وأمريكا مسؤولية العدوان ودفع تعويضات اول امرأة حاكم اداري ( مستقل ) لوحدة اداريه تعيين المتصرف ميسون الخصاونه متصرفاً للواء الوسطية/ محافظة اربد ترامب: البنتاغون والـ"FBI" يحققان في تسريب تقارير الضربات على إيران 88 شهيدا في قطاع غزة خلال الساعات الـ24 الماضية أبو غزالة يثمن دور الأجهزة الأمنية بالقبض على مرتكبي جريمة السرقة

العزام يكتب : بلدياتنا على طريق التحديث.. بين صوت الناس وصدى المركز

العزام يكتب : بلدياتنا على طريق التحديث.. بين صوت الناس وصدى المركز
اسامه محمد العزام
في خضم الحديث الوطني عن مسارات التحديث الشاملة، من سياسية واقتصادية وإدارية، يتجدد في الأردن نقاش محوري حول الدور الحقيقي للبلديات. هذه المؤسسات، التي تمثل نبض الشارع ونقطة التماس الأقرب للمواطن، هي المحرك الأساسي لأي تنمية مستدامة. لكن يبقى السؤال الذي يفرض نفسه بإلحاح: هل تعمل بلدياتنا بكامل طاقتها، وهل آن الأوان للبحث بجرأة عن طريق جديد ينسجم مع طموحات الدولة الأردنية؟
لا يخفى على أحد أن بلدياتنا اليوم تكافح تحت وطأة تحديات بنيوية تحد من قدرتها على أداء دورها المنشود، وهي تحديات تقع في صميم أهداف خارطة طريق تحديث القطاع العام. فمن جهة، يقيدها الاعتماد المالي على الحكومة المركزية، حيث تجعلها شح الإيرادات الذاتية أسيرة لتحويلات قد لا تستند دوماً إلى معايير واضحة، مما يحجّم طموحها في التخطيط لمشاريع استثمارية حقيقية. ومن جهة أخرى، تعاني من ترهل إداري، حيث لا يقابل تضخم أعداد الموظفين بالضرورة وفرة في الكفاءات المتخصصة القادرة على مواكبة متطلبات الحوكمة المحلية الرشيدة.
لكن، لعل المعضلة الجوهرية تكمن في الطبيعة الهيكلية لمنصب رئيس البلدية؛ فهو يجمع بين موقعين متناقضين: موقع السلطة التنفيذية المسؤولة عن إدارة العمل اليومي، وموقع رئاسة السلطة الرقابية المتمثلة بالمجلس البلدي. هذا التداخل الحتمي في الصلاحيات يجعل من أي رقابة فعالة أمراً شبه مستحيل، ويهيئ بيئة خصبة لنشوء تضارب المصالح، مما يقوّض في نهاية المطاف أسس المساءلة الديمقراطية.
في مواجهة تحديات مماثلة، لم تكن الحلول مجرد نظريات، بل تجسدت في اتجاه عالمي أثبت نجاحه. إنه نموذج "المجلس – المدير"، وهو نهج ينسجم تماماً مع أهدافنا في التحديث الإداري، ومُطبق في آلاف البلديات الناجحة حول العالم. يقوم هذا النموذج على مبدأ بسيط وفعال: الفصل التام بين "رسم السياسات" و"الإدارة التنفيذية".
فالمجلس البلدي، الذي يقوده رئيس بلدية منتخب، هو "برلمان البلدية" الذي يعكس إرادة المجتمع ويرسم السياسات ويراقب حسن تنفيذها، بينما يتولى "مدير بلدية" متخصص تنفيذ هذه السياسات وإدارة العمليات اليومية.

قد يرى البعض، وبحق، أن فكرة "مدير البلدية" طُبقت سابقاً ولم تنجح، لكن ما جرى لم يكن النموذج الحقيقي، بل صيغة مشوّهة لم تفصل بين السلطات. لذا، فإن المقترح اليوم، تماشياً مع روح التحديث، هو الانتقال من منطق التعيينات الفردية إلى فلسفة بناء "مسار مهني" متكامل يصنع قادة المستقبل.
يكمن جوهر نجاح هذا المسار في تصميمه المتوازن الذي يوزع الأدوار بدقة، مستلهماً تجربة الحكام الإداريين. فالعلاقة هنا تكاملية؛ حيث تتولى وزارة الإدارة المحلية دور "الحاضنة" لهذا المسار، فتستقطب الكفاءات وتؤهلها وتعتمدها، لتكون بذلك الضامن لجودة المخرجات. أما سلطة الاختيار، فتبقى حقاً أصيلاً للمجلس البلدي الذي ينتقي من بين هذه النخبة المؤهلة من يراه الأقدر على قيادة بلديته. وهكذا، يتشكل مع الزمن مسار مهني جاذب، وتتكون شبكة من الخبرة الوطنية المتنقلة التي تثرِي العمل البلدي في كل أنحاء الوطن.
بطبيعة الحال، فإن هذا الإصلاح الإداري يتطلب منظومة متكاملة تترابط فيها مسارات التحديث؛ فتعزيز الاستقلالية المالية يصب في قلب رؤية التحديث الاقتصادي، وإصلاح الموارد البشرية هو من أساسيات تحديث القطاع العام، وتشجيع المشاركة المجتمعية هو جوهر التحديث السياسي.
في نهاية المطاف، تطوير الإدارة المحلية في الأردن ليس خياراً بين نماذج مستوردة، بل هو اختيار لهويتنا الإدارية المستقبلية. إنه قرار بالعودة إلى جوهر قيمنا في الشورى والمساءلة، وتطبيقها في هيكل عصري لا يؤمن بمركزية القرار، بل بقوة توزيع المسؤولية.
حين نمنح الثقة للمجتمع، ونمكّن البلدية بالأدوات، فإننا لا نبني مؤسسة قوية فقط، بل نستثمر في طاقة الإنسان والمكان. إنها دعوة لنسمح لمجتمعاتنا بأن تصنع مستقبلها بنفسها، وخطوة لا غنى عنها في مسيرة مشروع التحديث الوطني الشامل الذي يستحقه الأردن.