
القلعة نيوز:
طوارئ سياسية أم ترقيع
سياسي؟ نقد لتبريرات حسين الرواشدة
م رنا الحجايا
0797274707
في مقاله الأخير، يحاول
حسين الرواشدة أن يُلبس إجراءات الحكومة الأردنية رداءً عظيمًا يحمل عنوان "ترتيب
البيت الداخلي"، وكأننا أمام لحظة تاريخية تستدعي "طوارئ سياسية صامتة"
لمواجهة أخطار إقليمية .
لكن لنتحدث بصراحه ووضوح : ما يقدمه الرواشدة ليس
سوى محاولة –ولو غير مقصودة– لتبرير أخطاء الحكومة وإجراءاتها الداخلية العشوائية بزعم
أنها استجابة استراتيجية لتحديات المنطقة. حيث ان المقاله تحمل الكثير من التبريرات
الواهية والافتراضات المنفصله عن الظروف الاقليميه.
يتحدث الرواشدة عن
"إعادة ترتيب البيت الداخلي" كما لو كان مشروعًا وطنيًا عظيمًا، لكنه لا
يقدم دليلاً واحدًا يربط بين هذه الإجراءات –سواء في النقابات، البلديات، أو المجالات
السياسية والاقتصادية– وبين تحديات إقليمية مثل الحرب على غزة أو "مشروع الشرق
الأوسط الجديد". هل تغيير رؤساء البلديات أو تعديلات النقابات هي فعلاً استجابة
لـ"وثيقة سايكس-بيكو جديدة"؟ أم أنها مجرد قرارات إدارية لضبط المشهد الداخلي
وتصفية الحسابات أو إعادة توزيع النفوذ؟ الرواشدة يريدنا أن نؤمن أن هذه الخطوات هي
"دينامو" سياسي يحمي الأردن من أخطار قادمة، لكنه ينسى أن الأردنيين ليسوا
بحاجة إلى مقالات غامضه بشعارات رنانة، بل إلى شفافية في تفسير هذه الإجراءات.
ثم يتحدث الكاتب عن
"القلق" من استحقاقات الحرب على غزة، وكأن هذا القلق هو المحرك الوحيد للسياسة
الأردنية. ً: هل يعقل أن تكون إجراءات مثل تغيير قيادات بلدية أو تعديل قانون نقابة
عباره عن استجابة لمخططات إقليمية كبرى؟ أين الرابط المنطقي؟ إن ربط قرارات داخلية
روتينية بمؤامرات عالمية يذكرنا بمسرحيات الكوميديا السوداء، حيث يُحوَّل الخطأ الإداري
إلى بطولة وطنية.
لو كان الأردن فعلاً
يواجه "سايكس-بيكو جديدة" أو "قمة ترامب-ياهو"، أليس من الأجدر
أن نرى حوارًا وطنيًا حقيقيًا، وليس مجرد إجراءات مغلفة بشعارات "لم الشمل"؟ و
الهويه اذا كانت جامعه ام كليه ؟
و يتساءل الرواشدة
–بكثير من الغموض– عما إذا كانت الرسالة قد وصلت للمجتمع، وما إذا كانت عملية
"الترتيب" ناضجة بما يكفي. فأي رسالة هذه التي تتحدث عنها؟ رسالة أن الحكومة
تتحرك بهدوء لتغطية أخطائها تحت مظلة "الطوارئ السياسية"؟ الأردنيون ليسوا
بحاجة إلى تساؤلات فلسفية عن "اللحظة التاريخية"، بل إلى إجابات واضحة: لماذا
تُتخذ قرارات داخلية لا تخدم سوى إعادة ترتيب الأوراق بدلاً من مواجهة قضايا جوهرية
مثل البطالة، الفقر، أو تحسين الخدمات البلدية؟
الأكثر تهكمًا هو محاولة
الرواشدة ربط كل ذلك بالقضية الفلسطينية، وكأن إعادة ترتيب البيت الداخلي هي خط الدفاع
الأول ضد "مشاريع التهجير" أو "الشرق الأوسط الجديد". القضية الفلسطينية،
يا سيد الرواشدة، هي قضية وطنية وإنسانية، وليست أداة لتبرير إخفاقات داخلية. عندما
تتحدث عن "حوار وطني أوسع"، فلماذا لا تطالب بمكاشفة حقيقية عن أسباب هذه
الإجراءات بدلاً من تغليفها بمصطلحات مثل "الطوارئ السياسية"؟ إن ربط قرارات
إدارية بسيطة بمخططات إقليمية كبرى هو بمثابة محاولة لتحويل فشل إداري إلى ملحمة وطنية.
يبدو أن مقال الرواشدة
هو محاولة لتزيين الواقع بأقمشة الحكمة السياسية، لكن النتيجة ليست سوى ستارة شفافة
تكشف عن حقيقة أبسط: الحكومة تحاول ترميم أخطائها الداخلية بتبريرات لا تقنع حتى أكثر
المتفائلين. بدلاً من "طوارئ سياسية صامتة"، ربما نحتاج إلى "مكاشفة
سياسية صاخبة" تعترف بالأخطاء، وتضع خططًا حقيقية لتحديث البلديات والنقابات والاقتصاد،
بعيدًا عن الشعارات الرنانة والمؤامرات الوهمية.
إذا كان الأردن يواجه
"سايكس-بيكو جديدة"، فهل يكفي أن نعيد ترتيب كراسي البلديات؟ أم أننا بحاجة
إلى شيء أكثر جرأة من "الإعلان الصامت" الذي يتحدث عنه الرواشدة؟ ربما، لو
استبدلنا الخطابات الغامضة بحوار وطني حقيقي، لكنا اليوم نتحدث عن إصلاحات فعلية، لا
عن "دينامو" سياسي يدور في فراغ.