شريط الأخبار
القاضي: تربيتي العائلية والعسكرية لا تسمح لي بالإساءة لأبناء شعبنا وسامح الله من فسر حديثي على غير مقصده شركة البوتاس العربية .. قدرة كبيرة رغم التحديات العالمية واستراتيجية طموحة قادمة رئيس النواب: قانون خدمة العلم أولوية .. وسيُمنح صفة الاستعجال موديز: الاقتصاد الأردني يحافظ على الاستقرار رغم التحديات الإقليمية بيانات رسمية: الإنفاق على الرواتب يرتفع بـ274 مليون دينار العام المقبل مقارنة بالعام الحالي الأردن والبحرين يؤكدان ضرورة الالتزام بوقف إطلاق النار في غزة الأمن العام: الحملة الشتوية على صلاحية المركبات تبدأ غداً السبت العيسوي يرعى انطلاق مبادرة "شاشة أمل" للأطفال المرضى والأيتام واللاجئين الصفدي يجري مباحثات موسّعة مع وزير الخارجية البحريني روسيا والأردن تلغيان متطلبات تأشيرة السفر بينهما اعتبارا من 13 ديسمبر المقبل وزير الخارجية التركي: اجتماع وزاري مرتقب الاثنين لبحث وقف إطلاق النار في غزة السفير القضاة يستقبل نقيب وأعضاء مجلس نقابة المقاولين الأردنيين في دمشق الاحتلال يبدأ عملياته خلف "الخط الأصفر" بغزة بعد انتهاء "مهلة أميركية" لحماس لا زيادة على رواتب الموظفين والمتقاعدين في موازنة 2026 باستثناء الطبيعية عون: الجيش اللبناني سيرفع قواته في الجنوب إلى 10 آلاف جندي قبل نهاية العام وزير الخارجية يشارك اليوم بحوار المنامة عاجل: وزارة الثقافة عام من العمل الميداني والإنجاز المتواصل " تقرير حكومي يكشف التفاصيل " شهيد وجريح في غارة إسرائيلية جنوب لبنان استشهاد فلسطيني وإصابة شقيقه برصاص الاحتلال شرقي غزة روسيا: مستعدون لاستئناف مفاوضات إسطنبول مع أوكرانيا

الزبيدي يكتب : حديثٌ الوزير محافظة في عمق الوجع… مابين الطموح والخلل

الزبيدي يكتب : حديثٌ الوزير محافظة في عمق الوجع… مابين الطموح والخلل
الدكتور محمد عوض الزبيدي
في وطننا الحبيب والذي ظلّ لسنوات طويلة مهوى أفئدة الطلبة العرب، ومحجّ العلم لطامحي الإقليم والمنطقة، لا تمرّ كلمات وزير التعليم العالي مرور العابرين، حين يتحدث الدكتور عزمي محافظة وزير التعليم العالي عن نزاهة البحث العلمي وربطه في الجامعات، فإنه لا يُطلق أحكامًا مطلقة، بل يقرع جرسًا تأخر كثيرًا في الرنين، وحين يُشخّص علل التصنيف الأكاديمي، لا يُدين مؤسسات الوطن الاكاديمية، بل يضع يده، بصبر الجرّاح، على الجرح المفتوح منذ زمن… دون أن يسمي النزيف، لكنه يشير إليه بحزم لا يخلو من الحنين إلى الصورة المشرقة المعروفة عن التعليم في الأردن وعن سمعته التعليمية.

الوزير لم يقل إن جامعاتنا في أسوأ حالاتها، لكنه قال إنها تستحق أكثر والوطن يستحق أكثر فهو لم يُهاجم، بل صارح لم يجلد سمعة الجامعات، بل ساءه ما آل إليه حال بيوتٍ تعليمية يفترض أن تكون منيعًتاً، حديثه، في جوهره، لم يكن إعلان فشل، بل دعوة إلى إعادة توجيه البوصلة إلى مكانها الصحيح وفي ذلك، لا يمكن أن يُختصر موقفه بردّ فعل، بل يجب أن يُقرأ كسياق وطني يعيد ترتيب الأسئلة الكبرى حول جامعاتنا التي لطالما كانت مشرقة، وما نريد منها أن تكون عليه.

فالجامعات الأردنية مهما تعددت مسمياتها وُجدت لأهداف نبيلة اهداف لأجل التعليم، والبحث العلمي، وخدمة المجتمع. هذه هي أركان رسالتها المقدّسة، لا جداول التصنيف ولا الإعلانات البراقة، وإن كانت بعض المؤسسات قد ضلّت السبيل، فإنها لم تفعل ذلك وحدها، فالبيئة التي دفعتها إلى تعيينات فخرية، وإلى سباق محموم مع المجلات والاقتباسات، لم تولد من فراغ، بل من سياسات شجعتها، وصمت رسمي طالما بارك الأرقام دون مساءلة عن معناها الحقيقي.

نعم، الجامعات تمتلك صلاحيات واسعة، وربما صلاحيات شبه مطلقة، ولكنها تعمل داخل مناخ وطني عام، توجّه فيه البوصلة باتجاهات مختلفة، وتُقاس فيه الإنجازات بعدد الأوراق المنشورة، لا بجدوى تلك الأوراق ولا بمدى صدقها. لهذا، فإن مراجعة الأداء يجب ألا تكتفي بالنظر إلى قاع المؤشر، بل أن ترفع البصر نحو سقف السياسة التعليمية تجاه الجامعات الحكومية والخاصة، وتعيد رسم الخطوط العريضة التي ضيّعت الأولويات.

ما قاله الوزير، حتى وإن بدا قاسيًا للبعض، يجب أن يُؤخذ بروحه الإصلاحية، لا كأداة تجريح، فالرجل الأكاديمي المعروف لم يرمِ حجارة، بل أضاء شمعة في طريق طويل مظلم. وهو إذ يكشف عن تصنيفات حمراء وخطر مرتفع، فإنه لا يُشهّر، بل يدعو إلى مكاشفة مسؤولة تبدأ من الداخل، وتتحمل فيها كل جهة نصيبها من الحقيقة.

إن التصنيف وحده لا يصنع سمعة اكاديمية، والنزاهة الحقيقة لا تُقاس بعدد الشهادات وعدد الابحاث، بل بمدى إخلاص المؤسسات لرسالتها، ومن هنا، فإن المطلوب اليوم ليس الدفاع عن صورة مهزوزة، بل تقويم ما اعوجّ بصمت طويل، المطلوب منا جميعا من جميع الجامعات والمؤسسات التعليمية وحتى الاكاديميين، أن نحمي سمعة التعليم العالي الأردني من الداخل، قبل أن تتناوله ألسنة الخارج.

إننا بحاجة إلى من يتحدث بهذا الوضوح، لا إلى من يجمّل القبح بالصمت، نحتاج إلى وزير لا يخشى السؤال، ولا يتردد في فتح الملفات المؤجلة، لآن وضع اليد على الجرح حتى وأن كان مؤلم أفضل بكثير من تركه ينزف، ومع ذلك، فإن حديثًا بهذه الحساسية لا يكتمل من طرف واحد، بل يستدعي أن تنهض الجامعات نفسها، وتعيد قراءة دورها بعيدًا عن هوس التصنيف، وقلق التمويل، وإغراء المجد الورقي.

ولأن الجامعات قبل أن تكون مباني أو تصنيفات هي ضمير وطن وسمعه خريجيه من ابناءه والذين نفاخر بهم في كل الدنيا، فإن رعايتها ليست ترفًا ولا ترفيعًا، بل مسؤولية لا بد أن تكون على قدر المكانة التي نريدها لها، وهنا، نهمس لمن بيده القرار( إن التصحيح لا يبدأ من لوم، بل من فهم حقيقي للأوضاع ومن لا يريد أن يرى الخلل، لن يُصلحه، ومن لا يريد أن يسمع الصوت الصادق، سيبقى يدور في دائرة الخداع.

وأختم وأقول إن التعليم العالي في الأردن والذي خريجيه يعملون في كبرى الشركات والمؤسسات في الدنيا لا يحتاج إلى مديح، ولا إلى هجاء بل إلى وقفة ضمير، تعترف أن الخلل لم يولد أمس، وأن إصلاحه لن يأتي بالغضب وحده ولعلّ في كلمات الوزير ما يُعيد بعض الصدق إلى هذا المشهد، إذا أحسنا فهمه، وأخلصنا في العمل به