شريط الأخبار
الرواشدة يطلع على نشاطات النادي الصيفي المجاني للأطفال ارتفاع أسعار الذهب محليًا 30 قرشًا رئيس هيئة الأركان المشتركة يتابع مجريات التمرين الليلي "النجم الثاقب" بالمنطقة العسكرية الشرقية علامات تلفه ونصائح لحمايته.. ما يجب أن تعرفيه عن الكبد! الخس في الصيف: فوائد صحية لا يمكن تجاهلها 7 فوائد صحية مذهلة للبازلاء الخضراء دراسة : مخاوف من تأثير أدوية إنقاص الوزن على المراهقين والرجال مشروب شائع يمكن استخدامه ضد الإمساك حقائق عن ضربة الشمس وطرق الوقاية منها لماذا يجب أن تتناول الخيار يوميا؟ وصفات طبيعية لتفتيح الرقبة.. مكوناتها متوفرة فى مطبخك حلول منزلية للتخلص من بقع الزيت على الملابس طريقة عمل كيكة الغابة السوداء الأصلية مثل الجاهزة لبنة بخلطة الزعتر وزيت الزيتون طريقة عمل صوص الجريفي الكلاسيكي بخطوات ناجحة شكل الحواجب وطريقة تطبيق المكياج .. علاقة جوهرية خالدة لا تهمليها عمرو: لم تطرأ ارتفاعات على أسعار المواد الغذائية خلال الفترة الحالية المركز الأردني الكوري بالبلقاء التطبيقية يفوز بجائزة التميز للعام الحالي وزارة المياه تكشف تفاصيل العثور على موظف متوفٍ في مكتبه برعاية كريمة من صاحب الجلالة الملك محمد السادس حفظه الله

الحجايا تكتب : لربيع العربي مرة اخرى : الحراك الشعبي وطموح التمكين المحلي في الأرد

الحجايا  تكتب : لربيع العربي مرة اخرى : الحراك الشعبي وطموح التمكين المحلي في الأرد

القلعة نيوز:

بقلم: المهندسة رنا الحجايا، رئيسة بلدية سابقة

في عام 2011، اجتاحت موجات الربيع العربي شوارع الأردن، حيث خرج الشباب النشطاء والمواطنون العاديون في حراك شعبي عارم يطالبون بالديمقراطية، واللامركزية، وحكومة تعكس إرادة الشعب. لقد انضم الأردن إلى هذه الموجة الإقليمية التي أشعلتها ثورات تونس ومصر وليبيا واليمن، مدفوعًا بمطالب الإصلاح السياسي والاجتماعي والاقتصادي.

وعلى عكس تلك الدول التي شهدت انتفاضات واسعة النطاق أدت إلى تغييرات جذرية أو فوضى، اختار الأردن مسارًا إصلاحيًا منظمًا، حيث سعى مواطنوه إلى تحقيق تغيير حقيقي ضمن إطار يحافظ على الاستقرار الوطني. من ساحات العاصمة عمان إلى القرى الريفية النائية، ترددت هتافات الإصلاح، واستطاعت الدولة الأردنية، بمكوناتها المختلفة، استيعاب هذا الحراك بمرونة وصبر وروح ديمقراطية، مما حال دون الانزلاق إلى الفوضى التي اجتاحت دول الجوار.

إن الديمقراطية المبكرة التي بدأت في الأردن منذ عام 1989، والتي تمثلت في إعادة الحياة البرلمانية وإجراء الانتخابات، شكلت حصانة سياسية للنظام، وكانت الدافع الأساسي لاستقرار الدولة في مواجهة التحديات الإقليمية. هذا الإرث السياسي المبكر سمح للأردن بمواجهة ضغوط الربيع العربي بتوازن وهدوء، حيث استطاع النظام استيعاب مطالب الإصلاح من خلال خطوات تدريجية، مثل التعديلات الدستورية وإنشاء مؤسسات مثل الهيئة المستقلة للانتخابات، التي هدفت إلى تعزيز المشاركة السياسية.

في الأردن، ألهم هذا الحراك جيلًا جديدًا للمطالبة بحقوقه في صنع القرار، وأكد على أهمية اللامركزية كآلية لتمكين المجتمعات المحلية وتعزيز المساءلة. لقد كان الربيع العربي بمثابة صرخة ضد السيطرة المركزية والتعيينات غير الديمقراطية، ودعوة لإعادة توزيع السلطة بما يعكس إرادة الشعب. إغلاق الأفق السياسي الديمقراطي، كما يتجلى في قرارات مثل حل المجالس المحلية في يوليو 2025 وتمديد التعيينات على حساب الانتخابات، يحمل في طياته مخاطر جسيمة قد تعيد إشعال مشاعر الإحباط والتهميش إذا استمر تجاهل المطالب الشعبية بالإصلاح الحقيقي.

التراجع عن الديمقراطية الحقيقية يشكل خطرًا لأنه يقوض الثقة بين الدولة والمواطن، ويغذي الشعور بالاغتراب السياسي، مما قد يؤدي إلى زعزعة الاستقرار الذي حافظ عليه الأردن بفضل نهجه الإصلاحي المتوازن. الديمقراطية ليست مجرد آلية انتخابية، بل هي عقد اجتماعي يضمن التمثيل العادل، المساءلة، والعدالة، وأي تراجع عن هذه المبادئ يهدد بإعادة فتح جروح الحراك الشعبي.

كان قانون اللامركزية، الذي أُدخل كجزء من جهود الإصلاح السياسي الأوسع في الأردن، يهدف إلى نقل السلطة من الحكومة المركزية إلى السلطات المحلية، مما يعزز مشاركة المواطنين في صنع القرار على مستوى البلديات والمحافظات. هذه المبادرة، التي جاءت استجابةً لمطالب الربيع العربي بإدارة أكثر تمثيلًا، كانت تهدف إلى تمكين المجالس البلدية والمحلية من اتخاذ قرارات تعكس الاحتياجات المحلية، سواء في إدارة الخدمات، تطوير البنية التحتية، أو تعزيز التنمية المجتمعية. لكن الإجراءات الحكومية الأخيرة، بما فيها ضعف مخرجات منظومة التحديث السياسي، تكشف عن فجوة كبيرة بين الخطاب الإصلاحي والواقع العملي.

البلديات، التي تُعد الركيزة الأساسية للحوكمة المحلية، تعاني من تحديات هيكلية وإدارية، بما في ذلك نقص الشفافية، التعقيد البيروقراطي، وغياب الموارد المالية والإدارية الكافية. هذه التحديات تعيق قدرة البلديات على تحقيق أهداف اللامركزية، مثل تمكين المجتمعات المحلية وتعزيز التنمية المستدامة. علاوة على ذلك، فإن قرار حل المجالس المحلية دون خطة واضحة لإجراء انتخابات جديدة يعزز من هذا الإحساس بالتراجع، مما يثير مخاوف من أن الدولة قد تكون تتجه نحو تعزيز السيطرة المركزية بدلاً من تمكين الحوكمة المحلية.

بعد مرور أكثر من عقد على الربيع العربي، يظل إرث هذا الحراك درسًا حيويًا لتعزيز الديمقراطية والمشاركة الشعبية في الأردن. كان من المتوقع أن تكون مئوية الدولة الثانية فرصة لإعادة تشكيل منظومة الإدارة المحلية بما يعكس طموحات الشعب الأردني. لكن مخرجات لجنة الإدارة المحلية ضمن منظومة التحديث السياسي لعام 2021 جاءت مخيبة للآمال. اقتراح انتخاب رؤساء البلديات من قبل أعضاء المجالس بدلاً من الناخبين مباشرة يفتح الباب أمام هيمنة الصفقات السياسية، مما يقوض مبدأ المساءلة ويضعف التمثيل الشعبي. هذا التحول يتناقض بشكل صارخ مع دعوات الربيع العربي لتعزيز المشاركة والمساءلة.

علاوة على ذلك، فإن مناقشة دور مجالس المحافظات ضمن منظومة التحديث السياسي دون الإشارة إلى دور المحافظين ووحدات التنمية في المحافظات تكشف عن غياب رؤية منهجية لتطبيق مبدأ اللامركزية. قانون 2021، الذي شوه دور مجالس المحافظات، قلّص من صلاحياتها التي كان من المفترض أن تعزز المشاركة الشعبية في تنفيذ المشاريع التنموية على مستوى المحافظات. بدلاً من ذلك، نجد أنفسنا أمام مفترق طرق يتمثل في عبارة "تجديد هذه المجالس"، وهو مصطلح فضفاض يعكس غياب تصور واضح لتعزيز المشاركة الشعبية.

للحفاظ على الانفتاح السياسي الذي ألهمه الربيع العربي ولتحقيق حلم الأردنيين بالتمكين المحلي، يجب على الأردن اتخاذ خطوات جريئة وملموسة لتصحيح مسار الإصلاح من خلال إعادة النظر في قانون اللامركزيةو تصحيح التشوهات التي أدخلها قانون 2021، بحيث تُمنح مجالس المحافظات صلاحيات حقيقية لتعزيز المشاركة الشعبية في المشاريع التنموية، مع توضيح دور المحافظين ووحدات التنمية في المحافظات كجزء من هيكلية اللامركزية.

إلغاء المستويات الهرمية المعقدة التي اقترحتها منظومة التحديث السياسي، والتركيز على هيكلية إدارية بسيطة تعزز التنسيق الأفقي بين البلديات ومجالس المحافظات.ان هناك حاجه الى اعادة التوازن للتحديث السياسي حيث يجب أن تركز مخرجات التحديث السياسي على تحقيق مطالب الربيع العربي بالتمثيل الشعبي والمساءلة، بدلاً من تعزيز السيطرة المركزية من خلال التعيينات أو الهياكل البيروقراطية.