
المعلومات والحرب والسلام...
القلعة نيوز -
في وقت ترتفع فيه اصوات غربية تصفق لترامب، مثل مارك بومبيو وليندسي غراهام وبعض الرموز من الجمهوريين الصقور، وبعض الساسة الأوروبيين. لتعطي ترامب العزم للمضي قدما في تحدي بوتين، يبدو أنه ونتيجة إلى ما وصل إليه الغرب اليوم من أن الإنتصار التكتيكي، لا يساوي الإنتصار الإستراتيجي.فهل تشير المعطيات بأن الحرب ستأخذ بعدا جديدا هناك وهنا، خاصة بعد هذا الإنقسام الكبير الذي يحدث في العالم اليوم.
نحن والحرب، والتجسس والإختراق، والحرب النفسية، والحصار الإقتصادي، وإدارة الفوضى، او إدارة ما بعد الحرب، السيرة الذاتية للمنطقة هنا تبدو مشوهة بشكل شديد، ليس أدل على ذلك مما فعله الكيان مع القيادات والعلماء الإيرانيين، فهو جمعهم في منطقة واحدة، بناء على إختراق إتصالاتهم واستهدفهم جميعا بصاروخ واحد، هل لهذه الدرجة وصلنا، وهل الذي حدث مع حزب الله بعيدا عن ذلك.
حتى لا تتعب نفسك في المعلومة الإستخبارية، ما حدث ليس بعيدا عن العقلية الإستخباراتية التي تدير الموقف، يذكر موقع المخبر الإقتصادي بأن المخابرات العالمية، في دول غربية وامريكية والكيان، تجسست على دول غربية وعربية وإسلامية، من خلال شركة مختصة بصناعة اجهزة تشفير في سويسرا، حتى ان بعض الدول العربية، وبعد انتشار فضيحة هذه الشركة، عبر تحقيق صحفي غربي من صحيفة مشهورة، إستمرت في التعامل مع هذه الشركة ومنهم إيران.
الى هذه الدرجة وصلت الإحترافية الإستخباراتية في عالمنا، ليس العربي ولا الإسلامي فقط، وحتى دول غربية، وضعتها هذه الدول تحت المجهر.
من هنا يطفو على السطح مرة أخرى، هل مات كل أولئك بلا سبب؟ الألاف قتلوا بسبب عمليات إستخباراتية، ام بسبب الضعف في الحذر، وعدم خبرة وفطنة وكياسة وقدرة وتقدير واحتياط هذه الإجهزة.
لمَ لم تعتمد دول مثل الصين وروسيا وكوريا الشمالية على أي وسائل أو أجهزة غربية؟ مع أنه يبدو ان الغرب سجلهم ناصع البياض في هذا الأمر، فأمريكا تجسست حتى على شريكتها في ادارة الشركة السويسرية سيئة السمعة، وهي الإستخبارات الألمانية، حيث كانت شركات وهمية أمريكية والمانية تمتلكان هذه الشركة، وتعدل هذه الأجهزة بحيث يمكن اختراقها، هنا يبدو فعلا انهم يدركون تماما ماذا تعني إستخبارات عسكرية، هل يبدو هذا أنه تجسس وتجسس، حتى على نفسك تجسس، لا أدري حقا.
كسر إرادة الشعوب عبر القوة ليس ممكنا، ولو كان ممكنا، لإستكان الشعب الفلسطيني وإستسلم ولم يعد يقاوم، كما يتوقع السادة من الغرب وقادة هذا الكيان، بل حتى النسبة العظمى من الغرب القديم. ويبدو اننا يجب أن نفرق بين الغرب ما قبل الطوفان، والغرب ما بعد الطوفان. فهنا تم شق صف الغرب وتحيد جزء ضخم منه، وإعادة تموضع الكثيرين، بل وصل الأمر إلى تحدي الإرادة السياسية والعسكرية في هذه الدول من قبل مواطينها، وحتى وصل إلى مهاجمة المصانع، ومؤسسات صنع القرار، ما أجبر هذه الطغمة من الساسة في الغرب القديم، على الخروج بتصريحات سياسية، تشبه إلى حدّ كبير ما يخرج به الساسة في الشرق، هي فقط للتسويق الجماهري، ولكن مهلا هل هذه هي حقيقة موقف الساسة في الشرق.
حقيقة هنا مع أني لست سياسيا، واعتبر السياسة فن المستحيل، والضرب في الرمل، وقراءة الفنجان، ولذلك اضطر لأن أتعب نفسي في البحث هنا وهناك، والإستماع إلى ساعات طويلة، ليس لقنوات الإخبار فهي لا تصنع وعيا، ولا تساعد في الوصول إلى الحقيقة، ولكن في القراءة والإستماع إلى تحليلات من أفنى عمره هنا محاولا إلى أن يصل إلى الحقيقة، وكثير منهم لم يصل، ولكن كثرة الإستماع والإطلاع هنا، أراها تعطي بعض القدرة على الغوص إلى ما وراء الخبر، ومحاولة فهم مآلاته.
نعود إلى ساسة المنطقة، ما يبدو سطحا هادئا هو في الحقيقة دبلوماسية لا تعرف الهدوء، وتسعى إلى وضع الكثير من الحدود، والتعريفات، وصناعة تحالفات، وبناء علاقات جديدة، مع أن البعض يبدو أنه نائم، ولكن ما يرشح من بعض الدوائر في المنطقة، يعطي صورة عن حجم العمل الذي يحدث في الخلفية، طبعا ستبقى النتائج أمرا مختلفا تماما، فهي متعلقة بدوائر صنع القرار العالمية والتأثير عليها، وتلك التحالفات التي تكمن خلفها.
وهنا هل نستطيع التأثير عليها، والتحكم بالمصالح الكامنة خلفها، هنا نعود إلى نقطة إستخباراتنا، ومدى قوتها او ضعفها، وهنا أتذكر قول سن تزو" إعرف عدوك، وإعرف نفسك، فلن تهزم في مائة معركة" هل المعرفة ضرورة للحرب أم هي ضرورة للسلام، يبدو أنها ضرورية للسلام أيضا، فلن يخوض قائد حكيم حربا مع عدو لا يعرف عنه شيئا، ولذلك هل ندفع اليوم ثمن تلك الإختراقات التي حصلت يوما ما في الماضي، بحيث اصبح العدو يعرف عنّا كل شيء، وهنا نعود إلى الصين وكوريا الشمالية وروسيا.
ونضع نقطة ربما يلتفت إليها احد ما يوما ما.
هل المنطقة سُيعاد تشكيلها، ام هي من ستشكل العالم في المرحلة القادمة؟ سؤال كبير، ولكن سخونة الأحداث اليوم، وعدد الضحايا، والترشيحات التي تصدر، حتى عن دول كانت في قطيعة بينية سابقا، يجعل الأيام القادمة حبلى، وكم أتمنى بأن يتبنى الساسة في المنطقة إستراتيجة حتى لو بعيدة المدى، لوضع حدّ لهذا التغول الغربي على المنطقة، فهل يستطيعون؟
ويجب أن لا ننسى بأن أوروبا ظلت تحت هيمنة السلاطين العثمانيين قرونا طويلة من الزمن، حتى إستطاعت أن تفلت.
إبراهيم أبو حويله...