
صوت الوطن من قلب الجامعة
الأستاذ الدكتور عمر
علي الخشمان
موضوع الهوية الوطنية والجامعات من الموضوعات الهامة والحيوية
التي تمس جوهر بناء المجتمعات وتساهم بشكل كبير في تشكيل مستقبل الدول نظرا لدور
الشباب الجامعي في احداث تغير وتطوير في المجتمعات وحماية القيم وصناعة التغير لذا
تُعد الهوية الوطنية من الركائز الأساسية التي تقوم عليها المجتمعات المتماسكة
والمستقرة, وهي تمثل الإحساس بالانتماء للوطن، والتشبع بقيمه، وتاريخه، وثقافته وتبرز
الجامعات كمؤسسات وطنية تربوية تهدف ومنذُ نشأتها إلى ترسيخ الثقافة والهوية
الوطنية القائمة على تكريس مفهوم المواطنة الصالحة وتكريس مبادئ وقيم الديمقراطية وأيضا
التسامح والتعددية واحترام الرأي والرأي الآخر واعتماد الحوار المسؤول الهادف بغية
الوصول إلى التفاهم والتحاور بين الطلبة.
ومن هنا كان نداء جلالة الملك عبداللة
الثاني حفظة الله بالشباب الأردني" فلتجعلوا جامعاتنا منارات علم وحاضنات وعي
واحترام للتنوع وقبول الأخر ورفض الانغلاق" وفي الكلمات الملكية الرائعة التي
تمثل اعتزاز القائد بالشباب يحمل جلالته الشباب هذه المسؤولية الكبيرة في تجسيد الهوية
الشبابية الوطنية الجامعية, فان جلالته ينظر لبلورة هوية وطنية جامعة وانجازها من
خلال عملية تشاركيه بين الجامعات والدولة والمؤسسات الوطنية الرسمية والمدنية وفي
مقدمتها مؤسسات التعليم العالي وخاصة الجامعات وهنا يأتي دور الجامعات مسؤوليتها
في صياغة الشباب وتاهليهم وتوجيهم للمساهمة في تشكيل الهوية الوطنية الجامعية
وتجسيدها لتكون نبراس لهم في حياتهم العلمية والعملية، كما يحرص سمو الأمير الحسين
بن عبدالله الثاني ولي العهد حفظة الله على متابعة كافة الأنشطة والفعاليات التي
تخص مستقبل الشباب في الوطن وانخراطهم في خدمة مجتمعهم وحصولهم على التعليم وفرص
العمل.
فإذا كان بناء المجتمع الوطني والهوية الوطنية لا تقوم إلا في
بيئة وطنية مبينة على التسامح والمحبة ونبل الأخلاق والعدالة والمساواة وتغليب
المصلحة العامة على المصلحة الخاصة فان دور الجامعات محوري في تجسيد هذه
المبادي من خلال تطوير المناهج الدراسية
وفي مقدمتها مناهج التربية الوطنية في إبراز المواطنة الصالحة, فالمعيار
الحقيقي للمواطنة هو الانتماء للوطن الذي
يجعله حصينا في مواجهة الإخطار والتحديات, ويحول دون اختراق القوى الطامعة
بالمجتمع, ويكون الانتماء بالعمل الصادق الدؤوب في خدمة الوطن والتضحية في سبيله,
ويتجسد ذلك الانتماء, سلوكا وممارسة بالعديد من المعايير وفي مقدمتها تعزيز الهوية
الوطنية والتمسك بالدستور والحفاظ على سيادة الوطن واستقلاله والاعتزاز بة والحفاظ
علية والعمل على رفعته وتقدمة.
الجامعات ليست مجرد قاعات لنقل المعرفة، بل هي بيئات حيوية تسهم
في تشكيل وعي وهوية الشباب. كلما أدّت الجامعات دورها بوعي في تعزيز الهوية
الوطنية، زاد استعداد الشباب للمشاركة الفعالة في بناء الوطن والدفاع عنه. فالحفاظ
على الهوية يبدأ بالوعي، وينمو داخل القاعات الجامعية، ليترجم في سلوك الشباب
وحياتهم اليومية.