شريط الأخبار
الملك ورئيس الوزراء الكندي يبحثان في أوتاوا سبل تطوير الشراكة بين البلدين وأبرز مستجدات المنطقة بعد التجويع.. الموت عطشاً يلوح في سماء غزة الديوان الملكي : الملك يلتقي اليوم مع رئيس الوزراء الكندي خلال زيارة عمل إلى أوتاوا محافظ درعا : نحو 200 من عائلات البدو بالسويداء وصلت إلى مراكز الإيواء الخارجية تعزي بضحايا تحطم طائرة تدريب تابعة لسلاح الجو البنغلاديشي الرواشدة يستقبل نظيره المصري الأردن يعزي بضحايا الفيضانات في كوريا التعاون الخليجي» يدعو إلى التحرك العاجل لفك الحصار عن غزة وإدخال المساعدات "الخارجية": جميع الأردنيين المُقيمين والموجودين في كوريا بخير مصدر إسرائيلي يكشف تطورات مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة الرواشدة يرعى ندوة فكرية احتفاءً بذكرى استشهاد الملك المؤسس عبد الله بن الحسين وزير الصحة السوري يتفقد أوضاع المصابين في محافظة درعا فرنسا ترحب بوقف إطلاق النار في السويداء وتدعو للالتزام به الرواشدة يلتقي الهيئة الإدارية لجمعية ذوقان الحسين للثقافة والإبداع ملك بلجيكا: ما يحدث في غزة "عار على الإنسانية" وزارة الصحة في قطاع غزة: استشهاد 134 فلسطينيا وإصابة 1155 آخرين خلال الساعات الـ24 الماضية "رئيس النواب" يلتقي برلمانيين من مجلسي العموم واللوردات البريطاني رئيس مجلس الأعيان يلتقي وفداً برلمانياً بريطانياً ماتركس .. المشروب الرسمي لمنتخب النشامى رئيس الديوان الملكي يلتقي وفدا من وجهاء ومخاتير منطقة النصر

سايكس بيكو الجديدة: الشرق الأوسط من شتات الماضي و مخاطر الحاضر ... ماذا صنعت أيديكم؟

سايكس بيكو الجديدة:  الشرق الأوسط من شتات الماضي و مخاطر الحاضر ... ماذا صنعت أيديكم؟
سايكس بيكو الجديدة: الشرق الأوسط من شتات الماضي و مخاطر الحاضر ... ماذا صنعت أيديكم؟

د. محمد العزة

اتفاقية سايكس بيكو 1916 (بين بريطانيا وفرنسا، وبمصادقة روسية)، ثم وعد بلفور 1917، ومؤتمر سان ريمو 1920 (برعاية إيطاليا)، جاءت جميعها في لحظة ضعف تاريخية، كانت الأمة العربية خلالها في أضعف حالاتها، عقب سقوط الدولة العثمانية التي أنهكها الزمن وهزيمتها في الحرب العالمية الأولى.

ترك العثمانيون العرب دون مقومات الدولة أو مؤسسات قادرة على النهوض، بل مارسوا سياسة التجويع والتجهيل، وسخروا الدين كأداة لإخضاع الشعوب، واستغلال ثرواتها لصالح السلطنة المحتضرة،وبهذا أصبحت الأمة جاهزة ـ بشكل مأساوي ـ لتقبّل أي مشروع خارجي يَعِد بالخلاص، لكنه كان بداية تقسيمها، في غياب الحد الأدنى من الجاهزية السياسية أو البنية التحتية للدفاع عن نفسها ضد تقسيمها ، بل كان سببا لأحكام السيطرة عليها

نفذت مقررات سايكس بيكو تحت غطاء "الشرعية الدولية" للقوى الاستعمارية الكبرى آنذاك. تم تمزيق بلاد الشام وسوريا الكبرى والعراق، وإفشال الحلم الهاشمي العربي، ونقض الوعود التي قُطعت له، وكانت تلك الطعنة الكبرى التي مهدت الطريق لإقامة كيان صهيوني وظيفي عام 1948، حيث وقعت فلسطين تحت الاحتلال بعد أن كانت أقل من 1% من المساحة بيد الصهاينة، لتبدأ فصول الصراع العربي الإسرائيلي.

واليوم، في عام 2025، وبعد أكثر من مئة عام على تلك الاتفاقية، نعيش نسخة متجددة من المشروع ذاته، لكن بأدوات وتقنيات الألفية الجديدة. لم يعد الأمر مقتصرًا على تقسيم الكيانات الكبرى، بل أصبح الهدف هو تفتيت المفتت، و تشظية التشظي، عبر ترسيخ منهج اللوسيفيرية 1717 و تبني بناء وعي هياكل الهويات الفرعية الدينية ،الطائفية، والمذهبية، والإثنية لتنفيذ ذلك، وتغليف المشروع بشعارات براقة مثل "حقوق الإنسان"، و"الديمقراطية"، و"الشرعية الدولية"، وقرارات مجلس الأمن تحت الفصل السابع... وكلها حق يُراد به باطل.

مشروع التقسيم الجديد بات أكثر وضوحًا بعد أحداث 11 سبتمبر، حيث سقطت بغداد الرشيد عام 2003، وتوالت بعدها انهيارات عدد من عواصم الدول العربية في ما سُمّي بـ"الربيع العربي"، الذي لم يكن سوى خريف دامٍ. انفجرت صراعات داخلية غذتها آلة الإعلام والاستخبارات الغربية ـ الصهيوأمريكية، واستغلت الفقر المعرفي و ضيق الافق السياسي والثقافي للشعوب، لتُحكم السيطرة من خلال أدوات محلية مغلّفة بشرعية دينية أو سلطوية.

وجاء 7 أكتوبر 2023 ليُحرك آخر قطع الشطرنج في هذا المخطط، عبر العدوان الممنهج على غزة، بعد إنهاكها داخليًا و استغلال خطأ تقدير حسابات القوى المقاومة فيها لمعادلة موازين القوى ، حيث العدوان لم يكن فقط على فلسطين، بل على المشروع العربي المقاوم بأكمله، تمهيدًا لإعادة تشكيل المنطقة حسب مخطط "شرق أوسط جديد".

ننظر اليوم إلى أوضاع أشقائنا في العراق، السودان، لبنان، وسوريا، وندرك أن ما يُحاك خطير، وأن الأيدي التي تنفذ هذا المخطط ليست دائمًا أجنبية، بل عربية للأسف، تُدار من غرف استخبارات غربية وصهيونية.

العرب اليوم مطالبون بإظهار قدر أكبر من البراغماتية، وتحريك أوراقهم السياسية القوية، التي لم تُستخدم بعد.
كلنا مع سوريا الوطن والفكرة، مع فلسطين القلب، مع الأمة الواحدة، تلك التي نؤمن بها لا كشعار مكرر، بل كعقيدة سياسية وإنسانية وتاريخية.

لقد سخّرت القوى الكبرى وعلى رأسها الكيان الصهيوني كل أدواتها لمنع تحقيق هذا المشروع الوحدوي، لكنه سيظل حلمًا وهدفًا، لأنه جوهر ارتباطنا بهذه الأرض، من المحيط إلى الخليج.

إن بلاد الشام، التي شاء الله أن تكون في قلب هذه الجغرافيا، لم تُستهدف عبثًا، بل لضرب هذا القلب. ومع أن الطعنة وصلت و ادمت عزيزٍ فلسطيني، إلا أن الأردن ظل الاذين و البطين الناضح بالدم والعزم، في دعم صموده هي شراكة وتوأمة تاريخية مع فلسطين، وفي وحدة مصير لا تقبل القسمة.

الأردن اليوم يضمد الجراح، جراحه وجراح إخوة العروبة في سوريا والعراق وليبيا والسودان، وفي كل بقعة من جسد هذه الأمة النازف، فالمحتل زائل، وإن طال ظلم الظالم.

إننا أمام لحظة تتشابك فيها كل المسارات، وتتشابك فيها المصالح، لكن البوصلة يجب أن تبقى ثابتة ، عدونا واحد، المطلوب منا استيعاب ذكي للمشهد، واستحضار العروبة لا كشعارات، بل كأفعال، وكاستراتيجيات معرفية وثقافية واقتصادية، تخترق العدو بدل أن يخترقنا.

نحتاج اليوم إلى مشروع نهضوي عربي تنموي شامل، ينهض على العقل، والتخطيط، والتحليل، والاتحاد، ويأخذ بأسباب التقدم، للخروج من نفق الانقسام والاحتلال، إلى فضاء الوحدة والسلام والحرية.

عاش الأردن ، عاشت فلسطين. عاشت الأمة العربية حرة موحدة من المحيط إلى الخليج .