
أحمد العطافي
كثيرا ما ينتقد المتقاعد ويطلق عليه أوصاف غير منصفة كـ/ يطفي لمبات أو مزعج أو يتدخل في كل شئ وكأن التقاعد نهاية العطاء لكن الحقيقة أن المتقاعد لم يتوقف عن الحياة بل هو شخص خدم لسنوات ولديه من الخبرة والتجربة ما لا يقدر بثمن .
هو لم يطفئ اللمبات بل أنارها طويلا وحان وقت أن يقدر لا أن ينتقص فبدلا من السخرية من المتقاعد لنتعلم منه ولنوفر له البيئة التي يعيد فيها توجيه طاقاته ويستمتع بما زرعه طوال عمره فالتقاعد ليس تقاعدا عن التأثير إنما بداية لمرحلة مختلفة من العطاء .
فالمتقاعد لم يتوقف عن العطاء بل تحول من جدول زمني صارم إلى مساحة أكثر حرية يستطيع فيها أن يبدع ويشارك ويسهم بخبرته في مجتمعه أو أسرته أو حتى في ذاته فهو الذي علم وربى وبنى وخطط فهل يعقل أن نقلل من شأنه حين يختار التفرغ أو الراحة أو من الواجب أن يكون موضع تقدير واحتفاء وأن نوفر له البرامج والمبادرات التي تحترم خبرته وتشركه في التنمية ؟
كثير من المتقاعدين اليوم أصبحوا قدوة في العطاء المجتمعي تجدهم يشاركون في الأعمال التطوعية ويطلقون المبادرات ويؤلفون الكتب ويستثمرون خبراتهم في تدريب الأجيال فالمتقاعد الحقيقي ليس من توقف راتبه أو خفتت أضواء مكتبه إنما من أوقف فكره عن العمل ورضي بالعزلة بدل التأثير.
علينا كمجتمع وأفراد وجهات أن نعيد صياغة مفهوم التقاعد من مرحلة "انطفاء" إلى مرحلة "امتداد" نحتفي بهم وبتجاربهم ونسلط الضوء على قصصهم الملهمة فكم من متقاعد صنع بعد تقاعده ما لم يصنعه في حياته العملية فقط لأنه امتلك الوقت والإرادة والرؤية فلا نسخر من متقاعد يطفي اللمبات فقد أضاء بعقله ويده وطن بأكمله لعقود وربما بيده الآن أن ينير دربا جديدا لغيره.