شريط الأخبار
وزير الثقافة وسفير جمهورية جورجيا يبحثان تعزيز العلاقات الثقافية بين البلدين الملك وولي العهد السعودي يبحثان هاتفيا التطورات الإقليمية والعلاقات الثنائية قروض بمليار دولار.. تعاون جديد بين فيفا والسعودية فائض الميزان التجاري السعودي ينمو بأسرع وتيرة في 3 أعوام نتنياهو يتهم حركة الجهاد الإسلامي بخرق الاتفاق بزعم تأخيرها تسليم جثة أسير تسوية تاريخية.. 14 مليون دولار لتعويض جماهير نهائي كوبا أمريكا 2024 وزير المالية الروسي: اقتصادنا تخلّص من الاعتماد على عائدات الهيدروكربونات الدفاع الرومانية: تسجيل اختراق مسيّرتين أجواء البلاد رقصة "التأهل المبكر" تنقلب كابوسا.. واحدة من أغرب اللحظات في كأس العالم للناشئين وزير الثقافة وسفير كوريا الجنوبية يبحثان توسيع مجالات التبادل الفني والمعرفي الملك يدعو لتبني نهج حكومي موحد يسهم في تبسيط الإجراءات وتسهيل رحلة المستثمر الصفدي: الأردن قادر على إدخال 250 شاحنة مساعدات يومياً إلى غزة الرواشدة يعقد اجتماعًا لمديري مديريات الثقافة ويؤكد ضرورة الاهتمام بالصناعات الثقافية والتراثية وفد من القيادة العامة لشرطة أبو ظبي يزور مديرية الأمن العام الداية يكشف لأول مرة: عرفات اغتيل بالسم عبر الدواء ومقربون متورطون (فيديو) النائب الديات يمطر وزير المياه "أبو السعود" بأسئلة نيابية البنك المركزي يرد على النائب طهبوب حول واقع "القروض" في الأردن الملكة: "نِعم السند .. الله يحمي جيشنا العربي" 345 شهيدا في غزة منذ وقف إطلاق النار ولي العهد عبر "إنستغرام": لحظة أعتز بها

وجعٌ يُورِثُ عجزًا قراءة تحليلية في علاقة العنف بانتشار الإعاقة بين النساء

وجعٌ يُورِثُ عجزًا   قراءة تحليلية في علاقة العنف بانتشار الإعاقة بين النساء

القلعة نيوز: الاخصائية النفسية فادية الجرابعه

تتزايدُ في العقود الأخيرة المخاوفُ المرتبطةُ بتنامي أشكال العنف ضدَّ النساء، ولا سيّما العنف الأسريّ والعنف الجنسيّ هذا العنفُ لا يقتصرُ على الأذى الفوريّ، بل يمتدُّ إلى آثارٍ بعيدةِ المدى قد تُفضي إلى إعاقاتٍ جسديّةٍ أو نفسيّةٍ أو معرفيّةٍ تُؤثِّرُ في حياة المرأةِ ووظائفها اليوميّة ومع ذلك، لا يمكن الجزمُ بأنَّ كلَّ ارتفاعٍ في معدَّلات الإعاقة بين النساء سببه العنف وحده؛ فالإعاقةُ ظاهرةٌ مركَّبةٌ تتفاعلُ فيها عواملُ صحيّةٌ واجتماعيّةٌ واقتصاديّةٌ متداخلة من هنا تنشأ الحاجةُ إلى تحليلٍ نقديّ يوازنُ بين الأدلة العلميّة المتاحة وبين الفهم الاجتماعيّ والإنسانيّ لهذه القضية.

تُشيرُ الأبحاثُ الطبيّة الحديثةُ إلى أنَّ تعرُّض المرأة للضرب المتكرِّر، ولا سيّما على الرأس والوجه، قد يقودُ إلى إصاباتٍ عصبيّةٍ تُعرَفُ بإصابات الدماغ الرضِّيّة، وهي إصاباتٌ قد تخلِّفُ آثارًا دائمةً في الذاكرة والتوازُن والانتباه وقد وثَّقت دراساتٌ عديدةٌ أنَّ نسبةً من النساءِ اللواتي ينجُون من العنف الأسريّ يعانينَ لاحقًا اضطراباتٍ في الإدراك والسلوك، وهو ما يصنَّفُ في الطبّ الحديث ضمن «الإعاقات الوظيفيّة» التي تُقَلِّلُ من قدرة المرأة على ممارسة حياتها بصورة طبيعيّة.

تُظهرُ التقاريرُ الدوليةُ المعنيّةُ بحقوق الإنسان أنَّ النساءَ ذواتَ الإعاقةِ يتعرَّضنَ للعنف بنسبةٍ أكبرَ من النساء الأخريات إذ تكونُ الواحدةُ منهنّ غالبًا أكثرَ اعتمادًا على الآخرين في الرعاية والتنقُّل واتّخاذ القرارات، ممّا يجعلها عرضةً للتحكُّم والإيذاء وهكذا تتشكَّلُ (حلقةٌ مُغلقة)إعاقةٌ تتسبَّبُ في تعريض المرأة للعنف، وعنفٌ يُفاقِمُ الإعاقة أو يولِّدُ إعاقاتٍ جديدة.

لا يقلُّ العنفُ النفسيّ ضررًا عن العنف الجسديّ فالإهاناتُ المستمرّة والسيطرةُ على الحياة الشخصيّة، والحرمانُ من الاستقلاليّة، كلُّها ممارساتٌ قد تقودُ إلى اضطراباتٍ مثل: الاكتئاب الشديد، واضطراب ما بعد الصدمة والقلق الدائم، وهذه الاضطراباتُ تُعدّ اليوم أحدَ أشكال الإعاقة لأنها تُقَيِّدُ الأداء الاجتماعيّ والوظيفيّ وتعيقُ قدرة المرأة على العملِ واتّخاذ القرار.

إنَّ العلاقةَ بين العنف وزيادة نسب الإعاقة علاقةٌ ليست بسيطةً ولا مباشرةً دائمًا؛ فهي تُبنى على تفاعلٍ بين عناصرَ طبيّةٍ واجتماعيّةٍ وقانونيّة فالعنفُ بما يتركه من إصاباتٍ جسديّةٍ أو نفسيّةٍ قد يتحوَّلُ إلى إعاقةٍ عندما تغيبُ الرعاية الطبيّة، أو عندما تُهمَلُ الإصاباتُ لفتراتٍ طويلة، أو حين تعيش المرأةُ في ظروفٍ لا تسمحُ لها بالوصول إلى العلاج والتأهيل وعلى الجانب الآخر، يُضعِفُ غيابُ الحمايةِ القانونيّةِ والاجتماعيّة من قدرة الضحايا على التبليغ، فتتراكمُ الأضرار حتى تبلغُ حدَّ الإعاقة.

وإذا أمعنّا النظرَ في الأدلة، نجدُ أنَّ العنف ليس العاملَ الوحيد، لكنه أحدُ العوامل البارزة التي تُسهِمُ في ارتفاعِ نسبةِ الإعاقات لدى النساء إنَّ نقدَ الأدلة المتاحة يُظهِرُ أنّ الأبحاثَ ما زالت تحتاجُ إلى منهجياتٍ أكثر دقّة لقياس هذا الارتباط، إلا أنّ الاتجاهَ العامَّ يؤكِّدُ وجود علاقةٍ سببيّةٍ معتبرةٍ بين التعنيف والإعاقة

الإسلامُ قدّمَ رؤيةً صارمةً في حماية المرأة وصون كرامتها؛ قال تعالى: ﴿وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾ وفي الحديث الشريف قال النبيُّ ﷺ: (استوصوا بالنساءِ خيرًا) هذان النصّان وغيرُهما يرسمانِ حدودًا أخلاقيةً واضحة تحرِّمُ الإيذاءَ وتؤكِّدُ أنَّ العنفَ ضدّ المرأة خروجٌ عن قيم الدين ومقاصده في بناء أسرةٍ آمنةٍ ومجتمعٍ سليم.

و تظهر ضرورةُ دمجِ خدماتِ الكشفِ المبكر عن إصابات الدماغ والإصابات الجسديّة ضمن برامج حماية النساء، لتفادي تحوُّل الإصابات إلى إعاقاتٍ مزمنة والاهتمامُ بالدعم النفسيّ، وتيسير الوصول إلى العلاج، لأنَّ كثيرًا من الإعاقات ذات طبيعةٍ نفسيّةٍ لا تُرى بالعين ولكنها تُضعِفُ الحياة.

وتطويرُ آليّاتٍ دقيقةٍ لجمع البيانات، كي يستطيعَ صانع القرار تمييزَ الحالات التي تعرَّضت للعنف من غيرها، وبناءَ سياساتٍ قائمةٍ على أدلة موثوقة ولا يمكن مواجهةُ العنف دون وعيٍ مجتمعيّ فإنَّ بناءَ ثقافةٍ تُنكِرُ العنفَ وتُعَزِّزُ كرامةَ المرأة هو السبيلُ الأول لتقليل الإعاقات الناتجة عنه فالعنفُ ليس شأنًا فرديًّا، بل هو قضيةٌ أخلاقيةٌ وصحيةٌ وقانونيةٌ تخصُّ المجتمعَ كلَّه.

يمكن القول إنَّ العنفَ أحدُ الأسبابِ الرئيسةِ التي تُسهِمُ في ارتفاع نسب الإعاقة لدى النساء، سواءٌ عبر الإصابات الجسدية المباشرة، أم عبر الآثار النفسية العميقة، أم عبر الظروف الاجتماعية التي تمنع المرأة من العلاج والمتابعة ومع ذلك، يبقى هذا السبب جزءًا من منظومةٍ أوسعَ تتداخل فيها عواملُ اقتصاديّةٌ وصحيّةٌ وثقافية وما لم يُواجَهِ العنفُ بسياساتٍ حازمةٍ، ووعيٍ مجتمعيٍّ ناضج، ورعايةٍ طبيّةٍ مبكرة، فستظلُّ الإعاقاتُ إحدى النتائج المؤلمة التي تدفعُ النساءُ ثمنها طويلًا.