القلعة نيوز :
قال رئيس غرفتي « صناعة الاردن « و» عمان « المهندس فتحي الجغبير إن جائحة كورونا ألحقت خسائر كبيرة مباشرة بالصادرات الأردنية وأضاعت فرصاً تصديرية عديدة على الاقتصاد الوطني . وأضاف في حديث لـ» الدستور « أنه ورغم ذلك فقد خلقت « الجائحة « فرصاً كبيرة للاقتصاد الأردني عموما، ولبعض القطاعات خصوصا، مؤكدا أن القطاع الصناعي أظهر قدرات انتاجية مميزة وساهم بتعزيز المخزون الإستراتيجي للمملكة .
أبرز آثار الجائحة :
- وفي حديثه حول ابرز آثار جائحة كورونا على الاقتصاد الوطني، والى اي مدى نملك أرقاما واحصاءات حول حجم الخسائر الحقيقية لكل قطاع قال المهندس الجغبير:
لا يختلف واقع الاقتصاد الوطني وحجم تأثره بتبعات أزمة فيروس كورونا عن ما حصل في مختلف أنحاء العالم، مدفوعاً بتراجع مستويات الطلب المحلية والعالمية، وتوقف حركة التجارة العالمية، والاجراءات الحكومية الوقائية، والتي تمثلت في إغلاق المدارس والجامعات كخطوة أولى اعتبارا من 15 آذار وامتدت لأكثر من 6 أشهر، وما تبعها بعد ذلك من اغلاق المطار وتعطيل لجميع مؤسسات القطاع العام والخاص وحظر للتجول الشامل اعتبارا من 21 آذار وامتدت هذه الاجراءات لأكثر من شهر تقريباً وفقاً لطبيعة القطاعات وبعض الاعتبارات الصحية الأخرى، وكل هذا كان له آثار سلبية تراكمية على الاقتصاد الوطني بشكل عام وعلى القطاعات الاقتصادية المختلفة على وجه الخصوص.
فبحسب بيانات دائرة الاحصاءات العامة، فقد سجل الناتج المحلي الاجمالي انخفاضا بما نسبته 3.6٪ خلال الربع الثاني من العام 2020 مقارنة بالربع الثاني من العام 2019، اذ إن معظم القطاعات الاقتصادية سجلت تراجعاً، أعلاها قطاع الفنادق والمطاعم وبنسبة وصلت الى -13.4٪ ، ثم قطاع النقل والتخزين والاتصالات بمعدل انخفاض بلغت نسبته -9.2٪ ، تلاه قطاع الخدمات الاجتماعية والشخصية بمعدل بلغت نسبته -6.4٪ ، ثم قطاع الانشاءات بمعدل بلغت نسبته -6.3٪ ، ومن ثم قطاع الصناعات التحويلية بمعدل انخفاض بلغت نسبته -5.3٪ .
كما تشير توقعات البنك المركزي تسجيل الاقصاد الأردني نمواً سالباً بنسبة 4.3٪ خلال العام 2020 كاملاً، مع العلم بأن هذه التوقعات ما زالت قابلة للتغير في ظل حالة عدم اليقين التي يعيشها الاقتصاد العالمي ككل.
كما الحقت جائحة كورونا خسائر كبيرة مباشرة بالصادرات الأردنية واوقفت العمليات التصديرية لعدد من القطاعات، بل أضاعت فرصاً تصديرية عديدة على الاقتصاد الوطني، وما يدلل على ذلك ما أظهرته الأرقام الرسمية الأخيرة من تراجع الصادرات الوطنية بما نسبته 1.6٪ خلال سبعة الأشهر الأولى من العام الحالي، كنتيجة للإغلاقات التي حدثت منذ منتصف آذار وحتى بداية شهر أيار بشكل رئيس، وتوقف حركة النشاط الاقتصادي والتجارة الخارجية، هذا بالإضافة الى قرارات منع التصدير لعدد من السلع الزراعية والغذائية وبعض المستلزمات الطبية التي أصدرتها الجهات المعنية في بداية الجائحة بهدف الحفاظ على المخزون الاستراتيجي من السلع الأساسية في المملكة.
وما يؤكد ذلك التراجع الذي حدث للصادرات الوطنية خلال أشهر الحظر، اذ سجلت الصادرات الوطنية نسبة انخفاض 11٪ خلال شهر اذار و33٪ خلال شهر نيسان، و15٪ خلال شهر أيار.
كما كان لجائحة كورونا تأثير كبير على حركة ونشاط السوق المحلي، ومن أبرز المؤشرات الدالة على هذا التأثير، الانخفاض الكبير لإجمالي مساحة الأبنية المرخصة خلال النصف الأول من عام 2020 بنسبة 36.9٪ ، ليصل الى نحو 2,016 ألف م2، مقارنة مع 3,196 ألف م2 خلال الفترة ذاتها من عام 2019، وما يرتبط به قطاع الانشاءات من روابط مع العديد من الأنشطة الاقتصادية على غرار المهن الحرة، والصناعات الانشائية، والنقل وما الى ذلك.
فضلاً عن تراجع نشاط سوق عمان المالي، فبحسب آخر النشرات انخفض حجم الأرباح بعد الضريبة خلال النصف الأول من عام 2020 للشركات المساهمة العامة المدرجة في بورصة عمان والتي زودت البورصة ببياناتها المالية إلى 43.3 مليون دينار مقارنة مع 596.9 مليون دينار للنصف الأول من عام 2019، أي بانخفاض نسبته 92.7٪ .
كما من المتوقع أن تتضاعف معدلات البطالة نتيجة عدم قدرة المنشآت الاقتصادية على الايفاء برواتب العاملين لديها، نتيجة الاغلاقات التي حصلت وتوقف انسياب الموارد المالية لهذه المنشآت وتراجع أنشطتها بشكل ملحوظ، علماً بأن معدل البطالة وصل الى مستوى قياسي بنحو 23٪ خلال الربع الثاني من العام الحالي.
هذا بالإضافة الى تأثير الجائحة وما تبعته من اجراءات حكومية للحد من انتشار الوباء والحفاظ على صحة المواطن، الواضح على القدرات المالية للمنشآت الصغيرة والمتوسطة التي تعتمد بطبيعتها على الايرادات المالية المنتظمة الناتجة عن حركات البيع الشهرية لتغطية التزاماتها المالية، ويظهر هذا جلياً من خلال ارتفاع قيمة الشيكات المعادة بسبب عدم كفاية الرصيد في أول ثمانية أشهر من العام الحالي بما نسبته 44٪ لتبلغ قيمتها نحو 968 مليون دينار وبعدد 287 ألف شيك، مقارنة مع حوالي 673 مليون دينار وبعدد نحو 184 ألف شيك خلال الفترة نفسها من العام الماضي.
قطاعات اقتصادية حققت أرباحا
- وفي حديثه حول ابرز القطاعات الاقتصادية التي حققت ارباحا ونجاحا خلال الجائحة، وكيف يمكن تقديم مزيد من الدعم لها قال المهندس الجغبير:
على الرغم من التداعيات التي خلفتها الجائحة، الا أنها خلقت فرصاً كبيرة للاقتصاد الأردني بشكل عام، وعلى مستوى بعض القطاعات الاقتصادية بشكل خاص.
اذ زاد الاعتماد على تقنيات واساليب التجارة الالكترونية بل إن التوجهات تفيد بتضاعف أحجامها خلال السنوات القادمة؛ ما يعني ضرورة العمل على تعزيز منظومة التجارة الالكترونية في الأردن وتهيئة البيئة المناسبة لنجاحها واستغلال مستقبل الانتاج.
أما على جانب القطاع الصناعي فقد أظهر قدرات انتاجية مميزة وساهم في تعزيز المخزون الاستراتيجي للمملكة بل رفع مستويات التصدير في عدد من الأنشطة ولعل أبرزها؛ المعقمات والمطهرات، الأدوية والمستلزمات الطبية، والصناعات الغذائية بمختلف منتجاتها، والتعبئة والتغليف والبلاستيك.
فعلى سبيل المثال أصبح لدينا اليوم اكتفاء وفائض من الكمامات الطبية الجراحية اذ كان الأردن قبل الأزمة يصنع كمامات بطاقة انتاجية لا تتعدى 20 الف كمامة يوميا، في حين وصل انتاج الأردن اليومي من الكمامات حالياً الى ما يزيد عن 5 ملايين كمامة يومياً، ما سمح له التوجه نحو الأسواق التصديرية بعد تغطية حاجة السوق المحلي، هذا بالاضافة الى تطوير العديد من المنتجات والمستلزمات الطبية الأخرى اذ اصبح الأردن ينتج 20 الف واق للرأس يومياً، وأكثر من 10 الاف افرهول طبي يومياً، وبالتالي حقق كفاية السوق المحلي وحاجات القطاع الصحي، وتوجه نحو التصدير لاستغلال الفرص المتاحة.
وظهر جلياً الاهتمام الكبير بالانتاج المحلي خلال الجائحة والعمل الدؤؤوب لاغتنام الفرص الناتجة، وذلك من خلال التوجيهات الملكية السامية الى الحكومة بضرورة الاعتماد على الذات وجعل الأردن مركزاً إقليمياً رائداً في الصناعات الأساسية، فضلاً عن التوجيه لتشكيل لجان متخصصة لضمان تعافي الاقتصاد الأردن من الجائحة واغتنام فرص التصنيع الناتجة عنها.
وهذا ما انبثق عنه بتشكيل كل من: مجلس استشاري للسياسات الاقتصادية برئاسة رئيس الوزراء وعضوية عدد من الوزراء وممثلين عن القطاع الخاص والاقتصاديين، فضلاً عن قرار رئيس الوزراء بتشكيل أربع فرق متخصّصة تضمّ ممثّلين عن القطاعين العام والخاصّ، والجهات العسكريّة والأمنيّة والمدنيّة ذات العلاقة، وذلك متابعة لما أمر به جلالة الملك عبدالله الثاني، من توسيع القدرات المحليّة لإنتاج الأدوية، وصناعة المعدات والمستلزمات الطبية، وتعزيز الصناعات الغذائيّة والزراعية، وضمان استمرارية الإنتاج واستدامته.
بالتالي يجب العمل والبناء على التجربة الحالية في الأردن، ووضع خريطة طريق واضحة لتعزيز القطاعات الانتاجية في الأردن وخاصة من خلال الإسراع والتوجه الفعلي نحو الاعتماد على الذات ودعم الانتاج المحلي، وزيادة الترابطات فيما بين القطاعات الاقتصادية المختلفة، وبما يسهم في الحد من تفشي معدلات البطالة في الايام القادمة، في ظل قدرة القطاع على استيعاب العمالة، وحفز النمو الاقتصادي، والبناء على مكتسبات هذه الجائحة.
كيف نصل الى مرحلة « التعافي الاقتصادي « سريعا ؟
- وردا على سؤال « الدستور « حول كيفية الوصول الى مرحلة التعافي الاقتصادي سريعا اجاب رئيس غرفتي صناعة « الاردن « و» عمان « المهندس فتحي الجغبير قائلا :
الوصول الى مرحلة التعافي الاقتصادي بشكل سريع يتطلب العمل وفق عدة محاور ذات أبعاد زمنية محددة، فعلى الصعيد القريب والعاجل لا بد من توفير آليات لتمكين المنشآت الصغيرة والمتوسطة من الاستمرارية في أعمالها وضمان العودة الى نشاطها الاقتصادي الاعتيادي ما قبل الجائحة، وبالتالي ضمان الحفاظ على العمالة لديها، ووقف تفشي معدلات وارقام البطالة الحالية. وذلك من خلال آليات وبرامج تمويلية بالاضافة الى بروتوكولات لادامة سلاسل الانتاج والتوريد لهذه المنشآت، وبرامج تحفيزية أخرى على غرار ما تم بداية الجائحة.
أما على المستوى المتوسط والبعيد لا بد من البناء على الفرص الايجابية التي أظهرتها الأزمة على رأسها ضرورة التوجه نحو الاعتماد على الذات ودعم الانتاج المحلي، وزيادة الترابطات فيما بين القطاعات الاقتصادية المختلفة، وبما يحقق الاكتفاء الذاتي في الأردن وخاصة من السلع الأساسية ويعزز القدرات الانتاجية في المملكة.
اذ يجب أن تدرك الحكومة الجديدة وتضع على سلم أولوياتها بأن الأردن أمام فرصة تاريخية للتحول الفعلي نحو دولة الانتاج، خاصة ًفي ظل الفرص الناتجة خلال الأزمة والتي أشار اليها جلالة الملك في كتاب التكليف السامي، لكن يتطلب المسار نحو هذا الهدف العمل وباستمرار بشراكة حقيقية وفاعلة بين القطاعين العام والخاص وبناء استراتيجية شاملة للوصول الى مبدأ الاعتماد على الذات وتعزيز الفرص الناتجة، وبما يعزز منعة الاقتصاد الأردني وتوفير فرص عمل جديدة للأردنيين.
كما أن أحد ابرز الضمانات لنجاح التعافي الاقتصادي السريع والخروج من الأزمة الاقتصادية واعادة الثقة للقطاعات الاقتصادية، تكمن في ضرورة تغيير النهج والنظرة الحكومية في التعاطي مع القرارات الاقتصادية وخاصة ذات الأثر المالي على الخزينة، اذ إن الحكومات المتعاقبة تنظر الى اتخاذ القرار الاقتصادية من خلال رفع الضرائب والرسوم والتكاليف الانتاجية، في حين أن الاثار الاقتصادية المفقودة نتيجة بعض القرارات السابقة أكبر بكثير من تلك المكتسبة.
قطاعات تجاوزت الأزمة وأخرى أكثر تضررا:
- وعن القطاعات التي استطاعت تجاوز تداعيات الازمة بصورة او باخرى ، وتلك التي كانت اكثر تضررا قال م. الجغبير :
كما ذكرنا سابقاً كان لبعض القطاعات الاقتصادية دوراً مهماً خلال الجائحة وساهمت بشكل ايجابي في الحد من تداعياتها على الاقتصاد الوطني ولعل من أبرزها التجارة الالكترونية، والمنشآت التجارية الصغيرة، بالاضافة الى الصناعات الغذائية، والكيماوية، وصناعة المستلزمات الطبية والأدوية.
في حين أن بعض القطاعات وبفعل الاجراءات التي اتخذت فقد سجلت تراجعاً كبيراً في أنشطتها على غرار الفنادق والمطاعم، والسياحة، والانشاءات، ولعل هذا ظهر جلياً من خلال ارقام الناتج المحلي للربع الثاني الذي افادت بأن معظم القطاعات الاقتصادية سجلت تراجعاً، أعلاها قطاع الفنادق والمطاعم وبنسبة وصلت الى -13.4٪ ، ثم قطاع النقل والتخزين والاتصالات بمعدل انخفاض بلغت نسبته -9.2٪ ، تلاه قطاع الخدمات الاجتماعية والشخصية بمعدل بلغت نسبته -6.4٪ ، ثم قطاع الانشاءات بمعدل بلغت نسبته -6.3٪ ، ومن ثم قطاع الصناعات التحويلية بمعدل انخفاض بلغت نسبته -5.3٪ .
كما يمكن الاستعانة باحصاءات التجارة الخارجية للتعرف بشكل أكبر على ابرز القطاعات التي سجلت تقدماً ملحوظاً أو تلك التي سجلت تراجعاً نتاج تبعات الجائحة، ويوضح الجداول التالية هذه القطاعات.
أبرز التحديات
- وفي الختام لخص رئيس غرفتي « صناعة الاردن « و» عمان « المهندس فتحي الجغبير ابرز تحديات المرحلة في ظل وجود حكومة جديدة، قائلا :
جاءت الحكومة الجديدة في ظل ظروف استثنائية يواجهها الأردن جراء جائحة كورونا ولعل أبرز التحديات تواجهها تكمن في الانتشار الواسع للفيروس في المجتمع الأردني من جانب والتحديات الاقتصادية من ارتفاع البطالة والمديونية والعجز وغيرها من جانب آخر، وبالتالي فإن أبرز تحد يواجه الحكومة الجديدة يكمن في قدرتها على التعاطي مع الأزمة والمواءمة بين الجانبين الاقتصادي والصحي.
وتحتاج هذه التحديات والظرف الاستثنائي الذي نمر به، استجابة استثنائية لمواجهة الملفات الاقتصادية الشائكة التي تنتظرها، ولعل توجيهات جلالة الملك الصريحة في كتاب التكليف السامي وتشكيل الفريق الاقتصادي الجديد فيها اشارات واضحة ومبشرة لادارة الملفات الاقتصادية في قادم الايام، سواء في التناغم بين ملفي الاستثمار والعمالة والاستقرار في كل من ملفي الطاقة والمالية، بشكل يضمن الخروج من هذه الأزمة الاقتصادية.