ونشر الفريق بحثه في مجلة نيتشر، ويكشف البحث عن طفرات جينية جديدة للمرضى المشخصين بهذين السرطانين ويتيح التصدي لهما بعلاجات وقائية تمنع انتاكسة المرضى أو حدوث أورام جديدة.
وتسهم معرفة الطفرات أيضًا، في متابعة أفراد أسرة المرضى وتزويدهم بعلاج وقائي يمنع ظهور السرطان، أو اكتشافه مبكرًا قبل أن تشعر به المريضة ما يؤدي إلى نسبة شفاء مرتفعة.
وقال الدكتور منير أبو هلالة المدير التنفيذي للمركز الإقليمي للتحكم والوقاية من الأمراض في الأردن، إن التعرف على الجينات في أغلب الفحوصات المتوفرة حاليًا تعتمد على دراسات أجريت في الدول الأوروبية فأظهرت طفرات جينية لدى سكانها، ونرى أنه لا بد من وجود طفرات جينية مختلفة لدى سكان المنطقة العربية نتيجة الاختلاف في الخارطة الجينية، والنسبة العالية لزواج الأقارب، وأسباب أخرى غير معروفة حتى الآن.
وأوضح الدكتور أبو هلالة أن إضافة معرفة الطفرات الجينية غير المكتشفة إلى الطفرات المعروفة سابقًا يفيد في تطبيق علاجات وقائية لحماية المريضات اللواتي أصبن بسرطان الثدي أو المبيض من عودته.
ويتيح فحص أفراد أسرة المصابة وأقاربها من الدرجة الأولى والثانية بدءًا من عمر 25 عامًا. وحينما تكتشف الطفرة ذاتها لديهم، تقدم لهم العلاجات الوقائية وتتابع حالتهم، علمًا أن 50 في المئة من الأقارب من الدرجة الأولى يحملون الطفرات الجينية ذاتها، ويبلغ احتمال إصابتهم بالسرطان من 70 إلى 90 في المئة.
وأضاف إن «الهدف الإضافي من اكتشاف تلك الطفرات لدى المرضى المصابين بسرطان وراثي، تقديم العلاج المناسب لهم، فهم يحتاجون إلى علاج مختلف وأدوية مختلفة عن البروتوكول المعتمد، ولذلك نرى أن مرضى السرطان الوراثي لا يتماثلون للشفاء بالاعتماد على العلاج الاعتيادي.»
وأكد على أن «اكتشاف الطفرات الجينية الجديدة سيساعد في منع تكرار الاصابة بالسرطان عند المريض وعند الأقارب وتغيير آلية العلاج، علمًا أن نسبة السرطان الوراثي لأورام الثدي والمبيض في الدول الغربية هي بين 5 و10 بالمئة بينما تصل النسبة في الدول العربية إلى 20 بالمئة نتيجة زواج الأقارب، ويوجد عدد كبير من مرضى السرطان في الوطن العربي تقل أعمارهم عن 35 سنة ويمكن منع إصابة هذه الفئات بسهولة.»
الدراسات السابقة المشابهة
لاحظ الدكتور منير وفريقه أن الدراسات المشابهة السابقة في العالم هي دراسات أجريت في الدول الغربية واليابان، وأن الحاجة ماسة لها في الوطن العربي، وأن أغلب الدراسات التي أجريت في المنطقة العربية كانت تعتمد على نسبة وجود الطفرات المكتشفة في الدول الغربية واليابان ولم تعمل على اكتشاف الطفرات الجينية المختلفة في الدول العربية، وأن الدراسات القليلة التي أجريت في الوطن العربي كانت تبحث فقط في الطفرات المعروفة، وينقصها اختيار المرضى بشكل مناسب.
التقنيات المُطبَّقة
استخدم الفريق البحثي الأردني البرتوكول البريطاني الذي تعتمده الهيئة الوطنية البريطانية للامتياز في الصحة والرعاية لتحديد الفئات الأكثر عرضة للإصابة بالسرطان الوراثي ثم أخذ العينات منهم، ورسم خريطة وراثية واستخدام جهاز التسلسل إن جي إس للكشف عن الطفرات الجينية القديمة والجديدة.
أهداف البحث
وقال الدكتور أبو هلالة إن فريقه البحثي يهدف إلى معرفة الجينات المسببة للسرطان الوراثي ابتداءً من سرطان الثدي وسرطان المبيض في الدول العربية لاختلاف الخريطة الجينية، بالإضافة إلى اكتشاف طفرات جينية جديدة لسرطان الثدي والمبيض، ثم معرفة الطفرات الجينية للسرطانات الاخرى مثل القولون والغدة الدرقية.»
وأضاف «تفيد الفحوصات الجينية في كشف الطفرات الجديدة وإضافتها إلى المعروفة سابقًا حتى نتمكن من معرفة المرضى المصابين بالسرطان الوراثي، فضلًا عن منع تكرار المرض لديهم ولدى أقاربهم من خلال الكشف والعلاج الوقائي له. ويوجد عدد كبير من مرضى السرطان في الوطن العربي يقل عمرهم عن 35 سنة، وبإمكاننا منع إصابة هذه الفئة بسهولة.»
من أين نبعت الفكرة؟
قال الدكتور أبو هلالة إنه «عند إرسال عينات الفحوصات الجينية لمرضى السرطان -الذين يحتمل كثيرًا أن يكون سببه وراثي لديهم، خصوصًا للمرضى صغار العمر في الأردن والسعودية- إلى مختبرات الدول الغربية، تعود النتائج سلبية على الرغم من وجود تاريخ عائلي قوي جدًا للإصابة بالسرطان، ومن هنا أدركنا أن لدينا طفرات غير مكتشفة في المنطقة وتأكدنا من ذلك من خلال البحث.»
ويطمح الدكتور وفريقه إلى «التوسع في دراسة المورثات المسببة لأنواع أخرى السرطان في الدول العربية في حال توفر الدعم اللازم.»
مستقبل القطاع
قال الدكتور أبو هلالة «أنا مختص في الطب الوقائي السريري ومن ضمن مختصين قليلين على مستوى العالم في هذا المجال، وحاصل على الدكتوراه في الطب الوقائي والوبائيات من جامعة لندن البريطانية ومختص في الكشف المبكر عن السرطان، ولكن للأسف تطبيق هذا الاختصاص في الفترة الحالية محدود جدًا في الدول العربية.»
وأضاف إن «نظرتي المستقبلية هي تطبيق أسس الطب الوقائي والكشف المبكر في منع حدوث السرطان والسكري وأمراض القلب والشرايين في الوطن العربي، فمثلًا يمكن منع أو تأخير مرض السكري من خلال علاج مرحلة ما قبل السكري، ويمكن على الأقل منع 10 بالمئة من السرطان من خلال الفحص والعلاج المبكر للسرطان الوراثي.»
ويتطلع إلى «وجود هيئة إقليمية تتبنى تطبيق الطب الوقائي السريري والتحكم بالأمراض وخصوصًا المزمنة منها والأمراض الجينية في المنطقة العربية للوقاية من هذه الأمراض ولتكون مؤسسة رائدة على مستوى العالم في مجال الأبحاث الطبية، وإثراء المحتوى الطبي العالمي، ووضع الوطن العربي على الخريطة العالمية في هذا المجال.»
الفريق البحثي
يتألف الفريق البحثي من ثمانية باحثين، برئاسة الدكتور منير أبو هلالة؛ وهو أستاذ مشارك واستشاري في الطب الوقائي والوبائيات، والمدير التنفيذي المركز الإقليمي للتحكم والوقاية من الامراض في الأردن (RCDCP)، والمدير الاقليمي للتحكم بالسرطان هيئة رعاية السرطان، أكسفورد، المملكة المتحدة. وحاز في العام 2014 على جائزة برنامج الأمير سعود بن نايف لأبحاث الأورام جمعية السرطان السعودية كأفضل باحث أورام في الوطن العربي.
الدكتور بلال العزب؛ أستاذ مشارك في مركز العلاج بالخلايا الجذعية - الجامعة الأردنية (عمان - الأردن)
الدكتور رسمي المبيضين، مختص في علاج الأورام بالأشعة واستشاري الأشعة العلاجية، رئيس قسم الأورام في مستشفى البشير الحكومي في الأردن.
ديما علي؛ باحث مساعد في مركز العلاج بالخلايا الجذعية - الجامعة الأردنية (عمان - الأردن).
الدكتور حسام الشريدة؛ أستاذ مشارك في الاحصاء الجامعة الأمريكية في الشارقة (الإمارات العربية المتحدة).
الدكتور نزار دروع؛ أستاذ مشارك في مركز الجينات والنظام البيولوجي في جامعة نيويورك في أبو ظبي (الإمارات العربية المتحدة).
الأستاذ الدكتور عبد الله عويدي العبادي؛ استشاري الأورام وأمراض الدم مؤسس، ورئيس تنفيذي لمركز العلاج بالخلايا الجذعية في الجامعة الأردنية (عمان - الأردن).
الدكتورة حنان جعفر؛ محاضر في الكيمياء الحيوية ومساعد مدير مركز العلاج بالخلايا الجذعية - الجامعة الأردنية (عمان- الأردن).