يبدأ أول أيام الأسبوع ودون أن تشعر يكون يوم الجمعة قد حل، تنام كل ليلة ناويا أن تبدأ غدا ولكن الغد ينتهي مثل أمس، تتراكم عليك الأعمال وتضيق نفسك بها فتتجمد في مكانك أكثر، فكيف تتخلص من هذا الشعور وتبدأ في تنظيم حياتك ليكون العام القادم أفضل؟
في ختام كل عام نسترجع همة أول يوم في السنة التي تنتهي، ونتساءل: كيف انقضت؟ هذا العام شهد تغيرات لم تكن تخطر ببال ولم يُستثن منها أحد، لذا سامح نفسك ولا تؤنبها على تقصيرها، وخذ نفسا عميقا وآمن بأن بإمكانك تغيير حالك للأفضل.
بداية الخيط
لمدة 3 أيام على الأقل اصطحب مذكرة صغيرة أو استخدم هاتفك لتدون كل ما تقوم به مهما كان هينا، لو أتممت أسبوعا لكان أفضل، إذ ستعرف الدورة الأسبوعية الكاملة لالتزاماتك، بعدها انظر إلى أيامك وقيّمها، فهناك قوة في النظر من أعلى إلى الشراك التي نعلق فيها كل يوم، كما أن المسافة من أعلى آمنة تضمن رؤية أقل حساسية لنقاط ضعفنا.
مضيّعات الوقت
لا تتحرج من كتابة ما يضيع فيه وقتك، فوجوده على ورقة يضعه في حجمه الطبيعي فلا تخبئ رأسك، بل أجبره على أن ينظر بعمق في الدوافع، هل التجول على النت وسيلة للهروب؟ إذًا، حدد ما تهرب منه وتعامل معه منعزلا لأن هذا الذي ربما لم تفكر فيه من قبل هو الذي يقف بينك وبين هدفك، فحدده بدقة، فلربما كان هروبا من قرار أو متوقفا على إجابة عن سؤال أو على مهارة تنقصك، فلا تتردد في سؤال أهل الخبرة ولا تخجل من طلب المساعدة وقبولها، فكما يقولون "الناس لبعضهم".
وقد يكون ضياع الوقت مرتبطا بتعب بدني لمرض أو قلة نوم، وقد يكون مرتبطا بالحديث مع شخص ما يترك أثرا سلبيا عليك، فاسحب منه هذه القوة وأجبر نفسك على التقدم مهما قال أو فعل.
لا أحد يتوقع منك أن تعمل كل يوم بإقدام، لكن اجعل من التزامك تجاه نفسك ما يكفي لحملك في الأيام المتثاقلة.
صفحة جديدة
ابدأ في كتابة ما هو واقعي التحقيق وحباله بيدك بالقياسات البشرية، أما إن كان التخطيط للمستقبل يشد أعصابك فتخيله بعد انتهائه، ماذا تريد أن ترى في نفسك من تغيير في آخر يوم في عام 2021؟ الآن انقل ما رأيت إلى الصفحة التي تنتظرك.
وأيا كانت الأهداف دوّن خطواتها المجربة ممن سبقوك وراعِ أن تعتمد قرارات المستقبل على خبراتك السابقة وماضيك الممنهج في العمل لا على ما تتمنى أن تكون عليه، فإذا كانت قدرتك على التركيز تنتهي بعد نصف ساعة فمن المعقول أن تخطط لدقائق راحة كل نصف ساعة أو 45 دقيقة لكن لا تخطط لساعتين متصلتين، فكلما راعيت إمكانياتك الحالية دعّمتها في المستقبل دون تعجيز.
مناحي الحياة
بدوره، يقول مايكل هيات الكاتب والمحاضر ومؤسس شركة "هيات آند كومباني" (Hyatt & Company) "أولئك الذين يشعرون بالرضا عن حياتهم الشخصية يكونون أكثر رضا عن حياتهم المهنية ويؤدون بشكل أفضل".
ويقسّم هيات نواحي الحياة إلى 10 أقسام: الناحية التثقيفية، الناحية العاطفية (المزاج العام)، الناحية البدنية، ناحية العلاقة الزوجية، الناحية التربوية (لأبنائنا)، ناحية العلاقات الاجتماعية، الناحية المهنية، ناحية المهارات الإضافية، الناحية الاقتصادية، الناحية الروحانية (الدين).
ويوفر هيات عددا من الأسئلة على صفحته، وبالإجابة عليها تتعرف على أضعف النواحي عندك والتي تحتاج تركيزا لتجبر، وهذه النواحي قد تختلف من شخص لآخر، فغير الآباء يخرجون تقييم الأبوة من الاعتبار، كذلك قد تكون لديك ناحية خاصة بك فأضفها وقيّمها.
تفريغ الأماني والهموم
ما الذي يهمك وتتمنى أن تنجح فيه؟ أفرغ على الورق الأبيض كل ما يدور في رأسك وكل ما تتمنى تحقيقه، اختر 3 مشاريع تركز عليها كل شهر، تعريف المشروع هو أمر له بداية وتاريخ انتهاء من 4 إلى 6 أسابيع، لو طال لصار روتينا، بمعنى آخر، الترويج لمبيعاتك ليس مشروعا، أما تحضير عرض لمشتر محتمل فهو مشروع، غسيل الملابس روتين، لكن غسلها للتبرع بها مشروع.
لوحة رؤية سنوية
الآن وقد حددنا مواضع إضاعة الوقت والمعوقات والأهداف حان وقت أن نعلنها لأنفسنا، وذلك بتحضير لوحة رؤية نعلقها في المكان الذي نقضي فيه معظم وقتنا، خاصة وقت العمل، لوحة بسيطة لا يشترط فيها التجميل تضيف إليها بطاقات تحمل كل منها هدفا أو حافزا حتى تتصبر بالنظر إليه كلما زاد الحمل.
الأجندة
الآن، استعد لتحويل هذه الأهداف إلى خطة بتواريخ ثابتة، فكما قال رجل الأعمال الكندي الشهير روبرت هيرجافيك "هدف بدون موعد انتهاء هو مجرد حلم".
وبما أننا في طور الاستيقاظ ليتحقق ما طالما حلمنا به فإنه يجب أن نضع تفاصيل هذا العهد الجديد في أجندة، هناك ما هو إلكتروني لك فقط وما يسمح بإضافة فريق، وهناك ما هو ورقي بأحجام وتصاميم مختلفة ولكن كلها هدفها واحد، تنظيم حياتك أنت، لذا يجب أن تختار الأقرب لشخصيتك أنت ولأهدافك والذي تتحمس لاستخدامه.
يستخدم البعض أكثر من وسيلة لنواح متباينة من الحياة، والأفضل هو تقليل عدد الأجندات التي تتابعها بحيث لا تزيد على اثنتين.
الصعوبة في لملمة جوانب الحياة طبيعية، فتفاصيل معيشتنا صارت معقدة، والمنافسة عالية تحرجنا لنقيّم شخوصنا بمعيار المثالية، وهذا التوقع في حد ذاته قادر على إصابتنا بالتسمر في المكان، أحكم أسلوب للحياة هو أن مع مرور كل عام نصير نسخة منقحة من أنفسنا، نسخة تحسن ترتيب الأولويات، وهذا لا ينتج إلا عن عقل مرتب.