القلعة نيوز – خاص
بعد أكثر من ثلاثين عاما على عودة الحياة الديمقراطية والعديد من قوانين الإنتخابات التي صيغت بأساليب مختلفة وربما طغت المزاجية على بعض منها ، يترقب الأردنيون مخرجات لجنة الإنتخاب في اللجنة الملكية لتطوير المنظومة السياسية التي شكّلت مؤخرا . يعوّل الأردنيون كثيرا على تلك النتائج التي يتمنى الجميع أن تصبّ في صالح الوطن أولا وتنقله من السراب الديمقراطي الذي عشناه لسنوات إلى آفاق من الديمقراطية الحقيقية التي
تعبّر تعبيرا صادقا عن آمالنا وطموحاتنا ، وتعمل على الخروج بما يليق بهذا الشعب وبالقائد جلالة الملك الذي يرغب بانتقال حقيقي نحو الحكومات البرلمانية الحزبية . فما الذي يرغب به الأردنيون بعد كل هذه السنوات والمجالس النيابية التي فقدت ألقها ، بل وفقدت ثقة المواطن بها على مدى دورات برلمانية متعددة ؟ صحيح أن الأحزاب السياسية تعاني ضعفا منذ تأسيسها ، غير أن الأحزاب في الدول الديمقراطية هي العماد الرئيس للدولة ، وعليها يقوم الحكم ، والتنافس يبلغ أشدّه بين الأحزاب لنيل ثقة المواطن والوصول للبرلمان وتشكيل الحكومات الحزبية من خلال الأغلبية في البرلمان . قوانين الإنتخابات في الأردن كانت العائق الأكبر أمام الأحزاب ، لا بل ومنعتها من الوصول للمجالس النيابية ، ولذلك لا بد من قانون صديق للأحزاب ، يمكنها من تحقيق ما تصبو إليه ، حتى يتمكن المواطن من المقارنة بين النائب الحزبي والنائب الذي يأتي من خلفية لا علاقة لها بالأحزاب ، وشتّان بين الإثنين . يعتقد البعض بأن هناك وضعا خاصا للأردن ، وفي ذلك قول يجانب الصواب ، فكل دولة في العالم تعتقد بأن لها وضعا
خاصا ، لا نريد هذه الشماعة أبدا ، نرغب جميعا بقانون انتخابي يعبّر تعبيرا صادقا عن الأردنيين ، ويشجّع الناس على التوجه لصناديق الإقتراع بكثافة ، وهذا الدور من الممكن أن تقوم به الأحزاب لو جرت صياغة القانون وبما يمنح الأحزاب قائمة خاصة بها على مستوى الوطن . هناك توجهات واضحة لدى بعض أعضاء لجنة الإنتخابات في انتزاع قائمة للأحزاب وبما لا يقل عن ربع مقاعد البرلمان ، في حين يرفض البعض الآخر ذلك ويصرّ على القائمة الوطنية ويمكن للأحزاب أن تشكّل قوائمها من خلالها ، هكذا يعتقد هؤلاء . وفي المجمل ؛ فإن المواطن الأردني يمتلك اليوم تفكيرا مختلفا ، فهو لا يريد نائب خدمات فقط ، هو يرغب بالنائب السياسي الذي يدرك معنى الرقابة والتشريع والمساءلة والمحاسبة ، وبالتالي أصبح من الواجب نسف كل القوانين السابقة لصالح قانون يحترم إرادة الأردنيين . الملامح الأولى للمشروع القادم قد لا تلاقي القبول لدى البعض ، غير أنها قد تحظى بالأغلبية ، فالتوجه اليوم هو نحو إقرار قانون النظام المختلط ؛ قائمة على مستوى الوطن لا تتجاوز
أربعين بالمئة من المقاعد ، والباقي على مستوى الدائرة ، أي بواقع صوتين للناخب . إرضاء الناس غاية لا تدرك ، ونعلم أن اللجان المختلفة ستفرز مجموعة من اللوبيات التي ستدافع بضراوة عن مطالبها وما ترغب به ، غير أننا كمواطنين نرغب اليوم بانتقال حقيقي لعمل ديمقراطي فاعل ينتج قانونا دائما للإنتخابات بعيدا عن أي تأثيرات أو تدخّلات كما قال جلالة الملك ، ونأمل بأردن جديد متجدد في هذه البقعة الملتهبة من العالم ، فالأردنيون يستحقون ما هو أكثر .