القلعة نيوز:
في الأوقات التي تعلو فيها أصوات المدافع وتهوي القذائف، لا ينحصر الدمار الناجم عن الحرب في غزة على الخسائر البشرية والمادية فقط، بل يمتد تأثيره ليشمل البيئة والمناخ العالمي. الحروب، بطبيعتها المدمرة، تسهم في تفاقم أزمة المناخ من خلال الانبعاثات الكبيرة للغازات الدفيئة، التي تعتبر من العوامل الرئيسية المسببة للاحتباس الحراري.
وفقًا لدراسة حديثة، فإن الانبعاثات الناتجة عن الحرب في غزة خلال الشهرين الأولين كانت أكبر من البصمة الكربونية السنوية لأكثر من عشرين دولة من الدول الأكثر عرضة لتغيرات المناخ. هذه الانبعاثات، التي تقدر بـ281,000 طن متري من ثاني أكسيد الكربون، تعزى بشكل رئيسي إلى القصف الجوي والغزو البري الذي قامت به إسرائيل.
تظهر البيانات أن نحو نصف إجمالي انبعاثات CO2 كانت نتيجة لطائرات الشحن الأمريكية التي نقلت الإمدادات العسكرية إلى إسرائيل. وفي المقابل، فإن الصواريخ التي أطلقتها حماس على إسرائيل خلال نفس الفترة أنتجت حوالي 713 طنًا من CO2، وهو ما يعادل تقريبًا 300 طن من الفحم، مما يبرز التفاوت في قدرات الحرب لكل طرف.
التأثير البيئي للحرب لا يقتصر على الانبعاثات الكربونية فقط، بل يشمل أيضًا الأضرار التي تلحق بالبنية التحتية والموارد الطبيعية، والتي تعيق جهود الاستدامة وتسرع من استنزاف الموارد. كما أن الحرب تعيق التعاون الدولي في مجال مكافحة تغير المناخ، حيث تصرف الموارد المالية لأغراض الحرب بدلًا من استثمارها في مشاريع الطاقة المتجددة والحلول البيئية.
في ظل هذه الظروف، تصبح الحاجة ماسة للتوصل إلى حلول سلمية تنهي الصراعات وتفسح المجال للتعاون الدولي من أجل مستقبل مستدام. السلام ليس فقط ضرورة إنسانية، بل هو أيضًا مطلب بيئي يمكن أن يسهم في تخفيف حدة أزمة المناخ ويعزز جهود الحفاظ على كوكبنا للأجيال القادمة.
م.منى الصياح
ناشطة في مجال البيئة والمناخ
رئيسة جمعية بيئتي للتنمية المستدامة