سارة طالب السهيل
الانترنت بحر عميق ، وما نستخدمه منه في معاملاتنا اليومية لا يتجاوز 4 % من سعته وعمقه ، فهو سوق مفتوح فيه الغث والسمين ، الصلاح والفساد ، المكسب والخسارة الاخلاق والرذيلة ، العلوم الظاهرة والاسرار المخفية ، خاصة الدارك ويب.
الانترنت هو الحياة المعاصرة بكل ألغازها ، فتحت ابواب واسعة للأرزاق ، وغلقت ابوابا اخرى تقليدية ، وكشفت عن مواهب دفينة لدى الكثيرين من عامة الناس لم يتلقوا حظا وافرا من التعليم الجامعي لكن ذكاءهم ومواهبهم العقلية مكنتهم من تعلم القليل من امكانات الانترنت ووظفوها في خدمة أعمالهم البسيطة وحققوا بها شهرة واسعة في مجالات مختلفة و دفنت مواهب حقيقية اخرى لمن لا يجيد الترويج لنفسه انترنتيا كما شهرت عديمي المواهب .
وعلى الرغم مما توفره أجيال الانترنت من خدمات مهمة للمستخدمين الا انه بحر واسع وشديدة الخطورة على حياة الانسان وممتلكاته من خلال الشبكة المظلمة دارك ويب ، واستهداف بعض عناصرها للفئات التي تعرف ب هاي نت بروفايل ، وهم الفئة التي تتمتع بمستوى عالٍ من الرفاهية المالية والثروة من أصحاب الشركات وكبار المستثمرين والمشهورين في الطب والقانون والتكنولوجيا والفنون .
فالأشخاص ذوي الصفة العالية بما يملكونه من معلومات مهمة او قيمة مالية قد يصبحون هدفا محتملا للمخترقين والاحتيال عبر الإنترنت . ومع انتشار تجارة البيانات الشخصية ، يتم تبادل البيانات الشخصية والمعلومات الحساسة على الشبكة المظلمة ومنها معلومات عن الأشخاص ذوي الصفة العالية ، والتي يمكن استخدامها في عمليات الاحتيال أو الابتزاز .
وفي بعض الحالات ، قد يستخدم أفراد ذوو الصفة العالية الشبكة المظلمة لتبادل المعلومات السرية بطريقة غير مشروعة ، سواء كانت معلومات تجارية أو سياسية أو غيرها .
وتستخدم العصابات المنظمة والجماعات الإجرامية الشبكة المظلمة لتنظيم جرائم ذات تقنيات عالية ، وقد يتورط في ذلك الأشخاص ذوو صفة عالية .
وحماية ملفات الهاي نت الشخصية من مخاطر الدارك ويب حسبما يشير المتخصصون ، باستخدام تقنيات التشفير والحماية الموثوقة مثل VPN ( شبكة خاصة افتراضية ) لتشفير حركة المرور عبر الإنترنت وحماية خصوصيتك . والحذر من البريد الإلكتروني والملفات المرفقة إذا كانت تأتي من مصادر غير معروفة أو مشبوهة . والتواصل مع خبراء الأمن الإلكتروني في حالة الشك أو الاشتباه في تعرض الحساب او البيانات للخطر ، لاتخاذ الإجراءات اللازمة .
عامة الناس كانوا يسمعون عن الجرائم الالكترونية ، دونما معرفة تفاصيل وقوعها الا في السنوات الأخيرة لانهم لا يستخدمون من الانترنت والويب السطحي ب Surface web من حجم شبكة الإنترنت العالمية وهي 5٪ عبر محركات بحث معروفة مثل جوجل كروم ، موزيلا فاير فوكس ، أوبرا ، وغيرها ، ويكادون لا يعرفون شيئا عن الديب ويب ، و الدارك ويب اللذان يعدان
عنصران اساسيان في شبكة الانترنت العالمية .
فالديب ويب يشكل90 %من الإنترنت وتشمل المواقع التي تقع في عُمق شبكة الإنترنت ، وتحمي حسابات المستخدمين الخاصة على مواقع مثل فيسبوك أو البريد الإلكتروني ، من الظهور في محركات البحث على الإنترنت السطحي .
أما الدارك ويب ، فيمثل 6 % من الشبكة العنكبوتية ، ويعد الجانب المظلم منها بسبب استخدامه من جانب المجرمين والقراصنة ، والدارك ويب هو جزء من الإنترنت غير المؤمن ولا يمكن الوصول إليه الا باستخدام شبكة التور Tor ، تتداول فيه العملات المشفرة ، وقد يتسبب في خسارة الكثيرين لأموالهم ، لأنها لا تخضع لمعايير أي بنك مركزي .
والدارك ويب مرتعا خصبا لسوق السلاح وتجارة الأعضاء والإتجار بالبشر والعديد من جرائم النصب والاحتيال وتسجيل المكالمات لابتزاز الضحايا بمقابل مالي ، بجانب تأجير أشخاص لتنفيذ أعمال إرهابية .
والخطورة كلها تكمن في إستدراج الدارك ويب للأطفال عبر ألعابهم على الإنترنت العادي ، و يتعرفون عليهم عبر غرف المحادثة الخاصة باللعبة ويرسلون للأطفال هدايا وروابط للدخول و تصفح لدول مواقع الدارك ويب .
وقد يقوم القراصنة باستدراج الأطفال ، من خلال طلب مقابلتهم في مكان معين واختطافهم ، وبصفة عامة فان جرائم الدارك ويب بحق الطفولة برأيي من أشد الجرائم خطورة على الانسانية ، ومنها الاعتداء الجنسي والاستغلال الجسدي للأطفال وتصويرهم في فيديوهات خطيرة .
و يستخدم بعض المجرمين الأطفال في جرائم الابتزاز عبر الإنترنت ، حيث يهددون بنشر معلومات خاصة أو صور مُخلة بهم إذا لم يقوموا بتقديم المزيد من المعلومات أو الصور ، وتجنيد الأطفال في أنشطة إجرامية مثل الاحتيال عبر الإنترنت أو التجارة غير المشروعة .
وعلينا ان ندق ناقوس الخطر لحماية الاطفال من دمار وهلاك الدارك ويب ، من خلال أولا ، قيام الأسرة والمربين بتوعية الاطفال بمخاطر الإنترنت ، وتعليمهم كيفية التصرف بأمان عندما يتورطون في بعض الأنشطة الخطرة .
مراقبة الاهل والمربين على استخدام الأطفال للإنترنت و نشاطاتهم على الشبكةـ و ذلك باستخدام برامج مراقبة الوالدين وتقنيات الرقابة .
وتعليم الأطفال مهارات الإنترنت الآمنة مثل حماية كلمات المرور ، وعدم مشاركة المعلومات الشخصية ، والتحقق من مصداقية المواقع والتطبيقات التي يستخدمونها .
تقديم الأهل الدعم النفسي للأطفال في حال تعرضهم لتجارب سلبية على الإنترنت ، وتشجيع الاطفال على التبليغ عن أي اعتداء أو مخاطر يواجهونها على الإنترنت .
وجريمة الطفل المصري علي الدين المقيم مع اسرته بالكويت ، والذي استخدم الدارك ويب في اقناع شاب ثلاثيني لقتل طفل شبرا الخيمة 15عاما ، وتصوير جريمة القتل بالتفصيل واستئصال أعضائه لبيعها مقابل بضعة ملايين من الجنيهات نموذج صارخ على تكريس العنف لدى الاطفال عبر الإنترنت ، ودفعهم لإدمان السادية والوحشية تجاه اطفال ابرياء في مثل عمرهم !!!! وقد كشفت جريمة علي الدين شبكة جرائم حصلت و كادت ان تحصل.
وكما عرفت ان هذه الجريمة ليست الوحيدة من نوعها بل هناك العشرات من هذه الجرائم تحدث في العالم في الفترة الأخيرة و بعضها في بلدان عربية و الهدف الرئيسي من هذه الجريمة المحددة النوع هي زيادة المشاهدين و المتابعين و الحصول على الاموال من الدارك ويب او الانترنت المظلم