شريط الأخبار
تأجيل انتخابات نقابة الصحفيين لعدم اكتمال النصاب القانوني وفاة الفنان سليمان عيد بعد بأزمة صحية مفاجئة حارتنا ضيقة!!! الفوسفات: لا صحة لما يتم تداوله حول قرارات مجلس إدارة الشركة للحق والأمانة أجهزتنا الأمنية هم أهل لهذه الأمانة نادي ضباط الأمن العام الجديد. أسعار فلكية بيان وطني صادر عن "فرسان التغيير" حول إحباط المخطط الإرهابي الذي استهدف أمن المملكة الأردنية الهاشمية مدير الأمن العام يرعى حفل التقييم السنوي والتّميّز لعام 2024 بيان صادر عن متقاعدي القوات المسلحة الأردنية والأجهزة الأمنية - الزرقاء الدغمي : الأردن بجهود اجهزته الامنيه عصي على المجموعات الفاسدة والارهابية العشائر درع حصين خلف ركب القائد الأعلى جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين المفدى وولي العهد المحبوب عاجل: الأمير الحسن بن طلال يزور بلدة ديرالقن في البادية الشمالية بالصور .. رئيس الوزراء يبدأ جولة ميدانية تفقدية من لواء الحسا بمحافظة الطفيلة بيان صادر عن عشيرة الرجوب "الأردن أولاً" معن الخشمان مدير فرع بنك الاسكان شارع الحريه مباحثات بين الأردن وأميركا حول الرسوم الجمركية في أوكرانيا يريدون إرسال جميع النساء إلى الخنادق الصراع لم يعد جمركياً.. الصين تلجأ إلى سلاح المعادن النادرة بعد الفضيحة الأوروبية.. أنشيلوتي تحت النار والكشف عن هوية البديل طقس دافئ خلال الأيام الثلاثة المقبلة

مساعده.. يكتب: ثقة الجهلاء وحذر العلماء!

مساعده.. يكتب: ثقة الجهلاء وحذر العلماء!
القلعة نيوز _ كتب: جهاد مساعده
في عالم اليوم، حيث تنتشر المعلومات بسرعة قياسية، لم يعد التخصص شرطًا أساسيًا لإبداء الرأي. أصبح الجميع يتحدث في كل شيء، ويرى كل شخص نفسه خبيرًا في مختلف المجالات، بغض النظر عن مدى معرفته الحقيقية.
في الحروب، يتحول الكل إلى محللين عسكريين مخضرمين، وفي الأوبئة، يصبح الجميع أطباء وخبراء في الفيروسات، وفي السياسة، يتحول الجميع إلى مستشارين استراتيجيين، بل حتى في العلوم الدينية، يتجرأ الكثيرون على الفتوى دون علم، وفي الرياضة، يصبح الجميع مدربين ومحللين محترفين، وفي المناهج التعليمية، يرى البعض أنفسهم خبراء في تصميمها وتطويرها، رغم افتقارهم للمعرفة التربوية والعلمية اللازمة. هذه الظاهرة ليست مجرد سلوك عابر، بل أصبحت جزءًا من طريقة التفكير الحديثة، التي تفضل الصوت المرتفع على المعرفة الحقيقية.
هناك تفسير نفسي لهذه الظاهرة يُعرف بـتأثير دانينغ - كروجر، حيث يميل الأشخاص الذين يملكون قدرًا ضئيلًا من المعرفة إلى المبالغة في تقدير فهمهم للأمور، بينما يدرك أصحاب العلم الحقيقيون مدى تعقيد الأشياء، فيكونون أكثر تواضعًا في آرائهم. هذا يفسر لماذا يتحدث الجاهل بثقة، بينما يتحدث الخبير بحذر.
حين يقرأ شخص مقالًا واحدًا عن التاريخ العسكري، يعتقد أنه قادر على تحليل استراتيجيات الجيوش الكبرى، وحين يسمع عن مرض معين، يظن أنه قادر على تقديم نصائح طبية أفضل من الأطباء، وحين يشاهد مباراة كرة قدم، يرى نفسه أكثر خبرة من المدربين الذين أفنوا حياتهم في هذا المجال.

الانتشار السريع للمعلومات غير الموثوقة يزيد من تفاقم هذه المشكلة. يستطيع أي شخص نشر رأيه في ثوانٍ، ويحصل على تفاعل واسع، مما يمنحه شعورًا زائفًا بالمعرفة والسلطة الفكرية. لم يعد الناس يبحثون عن المعلومة الصحيحة، بل أصبحوا يفضلون المعلومة التي تتوافق مع أفكارهم المسبقة، حتى لو كانت خاطئة تمامًا. إذا كان شخص ما لا يثق في اللقاحات، فسيبحث عن مقاطع فيديو تؤكد وجهة نظره، وسيرفض أي دليل علمي يخالفها، ثم سيبدأ في تقديم النصائح الطبية للآخرين، وكأنه طبيب مختص. هذا النمط من التفكير لا يشجع على التعلم، بل يعزز الوهم بالمعرفة.

إن هذه الظاهرة لم تكن جديدة، فقد أشار القرآن الكريم إلى سلوك البشر في اتباع الظن ونشر المعلومات غير الموثوقة دون علم حقيقي، فقال الله تعالى:
"وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ"
وهذا يبين أن الأكثرية ليست دائمًا على صواب، وأن كثيرًا مما يتناقله الناس لا يقوم على علم أو يقين، بل هو مجرد تخمينات وافتراضات فارغة لا أساس لها، وهو تمامًا ما نشهده اليوم في سيل المعلومات المغلوطة والآراء السطحية التي تملأ منصات الإعلام والتواصل، وبيئات العمل المختلفة.
المشكلة الأكبر أن هذه الظاهرة تؤثر على القرارات. عندما يصبح الأشخاص العاديون هم المصدر الأساسي للمعلومات، وحين تتشكل الآراء العامة بناءً على تحليلات سطحية، يصبح من الصعب على المتخصصين إيصال الحقيقة.
نجد أشخاصًا يتحدثون عن الاقتصاد العالمي وكأنهم مستشارون ماليون، ويضعون خططًا اقتصادية وهمية لا أساس لها. ونجد من يتحدث عن قضايا سياسية ودبلوماسية معقدة، وكأنه كان جزءًا من المفاوضات بين الدول.
وفي الشأن الديني، نجد أشخاصًا لا يعرفون أساسيات الفقه يتجرأون على إصدار الفتاوى، بل يكذبون العلماء الحقيقيين بحجة أنهم أكثر "وعيًا". أما في الرياضة، فتمتلئ وسائل التواصل الاجتماعي بمحللين لم يمارسوا أي رياضة في حياتهم، لكنهم ينتقدون المدربين، ويطالبون بتكتيكات لا يفهمونها.
عندما يصبح الصوت المرتفع أكثر تأثيرًا من المعرفة الحقيقية، تبدأ الفوضى الفكرية بالانتشار. يصبح من الصعب التمييز بين الرأي القائم على البحث والدراسة، والرأي القائم على الجهل والثقة الزائفة.
في مجتمع كهذا، تتراجع قيمة العلم، ويتم استبدال الخبرة والتخصص بالضجيج والمعلومات المغلوطة. المشكلة ليست فقط في وجود هؤلاء الأشخاص، بل في أن المجتمع نفسه بدأ يتقبل هذه الظاهرة وكأنها طبيعية، بل ويمنحها شرعية من خلال متابعة وتأييد الأشخاص غير المؤهلين.

الحل ليس في منع الناس من التعبير، بل في تعزيز ثقافة البحث والتحقق. لا يمكن لأحد أن يكون خبيرًا في كل شيء، والاعتراف بذلك ليس ضعفًا، بل هو أحد أقوى علامات الذكاء والتواضع الفكري.
قبل أن ينتقد الشخص مجالًا معينًا، عليه أن يسأل نفسه: هل لدي معرفة حقيقية بهذا الموضوع؟ هل بحثت فيه بشكل كافٍ؟ هل أستند إلى مصادر موثوقة أم مجرد آراء شخصية؟ إذا لم يجد إجابات مقنعة، فمن الأفضل أن يستمع بدلًا من أن يتحدث؛ لأن المعرفة تبدأ بالسؤال، أما الجهل فيبدأ باليقين الزائف