شريط الأخبار
أرسنال يحقق فوزا دراماتيكيا أمام وولفرهامبتون ويعزز صدارته للدوري الإنجليزي إيران تهاجم غروسي: تكراره للاتهامات لا يغير الواقع ميلان يسقط في فخ التعادل أمام ساسولو ويهدر فرصة الابتعاد بالصدارة الولايات المتحدة ضاعفت تقريبا مشترياتها من الحنطة السوداء من روسيا في شهر سبتمبر بطل مسلم ينقذ عشرات اليهود من الموت في هجوم سيدني ويحرج نتنياهو.. ما القصة؟ الموعد والقنوات المفتوحة الناقلة لمباراة المغرب ضد الإمارات في نصف نهائي كأس العرب الجمارك تضبط 25 ألف حبة مخدرة و50 غراماً من الكريستال الأردن: منخفض جوي جديد يجلب الأمطار والبرودة اعتباراً من الإثنين الظهراوي والعموش يطالبان باستقالة وزير الصناعة ومديرة المواصفات بعد وفاة 11 مواطناً بسبب مدافئ الشموسة الملك يطلع على خطة الحكومة لتطوير المرحلة الأولى من مدينة عمرة من التاريخ إلى المستقبل: كلية عجلون الجامعية في خدمة الوطن سلامي: مواجهة السعودية صعبة رغم الغيابات والنشامى متمسكون بحلم التأهل لنهائي كأس العرب دراسة قانونية في الإطار الدستوري والرقابي مقتل شخصين وإصابة 9 بإطلاق نار داخل جامعة براون في الولايات المتحدة البنك الدولي يتوقع إرساء عطاءات لمشروع كفاءة المياه بقيمة 250 مليون دولار فوائد البابونج الصحية: نوم أفضل وضغط دم أقل مع تحذيرات للحوامل الفراولة … هل تناولها يرفع درجة حرارة الجسم؟ فوائد الليمون في النظام الغذائي أطباء أمريكيون يحذرون من مرض قاتل يعشش في أثاث المطابخ ماذا يحدث عند شرب الهوت شوكلت أثناء إصابتك بنزلة برد ؟

العزام يكتب : بلدياتنا على طريق التحديث.. بين صوت الناس وصدى المركز

العزام يكتب : بلدياتنا على طريق التحديث.. بين صوت الناس وصدى المركز
اسامه محمد العزام
في خضم الحديث الوطني عن مسارات التحديث الشاملة، من سياسية واقتصادية وإدارية، يتجدد في الأردن نقاش محوري حول الدور الحقيقي للبلديات. هذه المؤسسات، التي تمثل نبض الشارع ونقطة التماس الأقرب للمواطن، هي المحرك الأساسي لأي تنمية مستدامة. لكن يبقى السؤال الذي يفرض نفسه بإلحاح: هل تعمل بلدياتنا بكامل طاقتها، وهل آن الأوان للبحث بجرأة عن طريق جديد ينسجم مع طموحات الدولة الأردنية؟
لا يخفى على أحد أن بلدياتنا اليوم تكافح تحت وطأة تحديات بنيوية تحد من قدرتها على أداء دورها المنشود، وهي تحديات تقع في صميم أهداف خارطة طريق تحديث القطاع العام. فمن جهة، يقيدها الاعتماد المالي على الحكومة المركزية، حيث تجعلها شح الإيرادات الذاتية أسيرة لتحويلات قد لا تستند دوماً إلى معايير واضحة، مما يحجّم طموحها في التخطيط لمشاريع استثمارية حقيقية. ومن جهة أخرى، تعاني من ترهل إداري، حيث لا يقابل تضخم أعداد الموظفين بالضرورة وفرة في الكفاءات المتخصصة القادرة على مواكبة متطلبات الحوكمة المحلية الرشيدة.
لكن، لعل المعضلة الجوهرية تكمن في الطبيعة الهيكلية لمنصب رئيس البلدية؛ فهو يجمع بين موقعين متناقضين: موقع السلطة التنفيذية المسؤولة عن إدارة العمل اليومي، وموقع رئاسة السلطة الرقابية المتمثلة بالمجلس البلدي. هذا التداخل الحتمي في الصلاحيات يجعل من أي رقابة فعالة أمراً شبه مستحيل، ويهيئ بيئة خصبة لنشوء تضارب المصالح، مما يقوّض في نهاية المطاف أسس المساءلة الديمقراطية.
في مواجهة تحديات مماثلة، لم تكن الحلول مجرد نظريات، بل تجسدت في اتجاه عالمي أثبت نجاحه. إنه نموذج "المجلس – المدير"، وهو نهج ينسجم تماماً مع أهدافنا في التحديث الإداري، ومُطبق في آلاف البلديات الناجحة حول العالم. يقوم هذا النموذج على مبدأ بسيط وفعال: الفصل التام بين "رسم السياسات" و"الإدارة التنفيذية".
فالمجلس البلدي، الذي يقوده رئيس بلدية منتخب، هو "برلمان البلدية" الذي يعكس إرادة المجتمع ويرسم السياسات ويراقب حسن تنفيذها، بينما يتولى "مدير بلدية" متخصص تنفيذ هذه السياسات وإدارة العمليات اليومية.

قد يرى البعض، وبحق، أن فكرة "مدير البلدية" طُبقت سابقاً ولم تنجح، لكن ما جرى لم يكن النموذج الحقيقي، بل صيغة مشوّهة لم تفصل بين السلطات. لذا، فإن المقترح اليوم، تماشياً مع روح التحديث، هو الانتقال من منطق التعيينات الفردية إلى فلسفة بناء "مسار مهني" متكامل يصنع قادة المستقبل.
يكمن جوهر نجاح هذا المسار في تصميمه المتوازن الذي يوزع الأدوار بدقة، مستلهماً تجربة الحكام الإداريين. فالعلاقة هنا تكاملية؛ حيث تتولى وزارة الإدارة المحلية دور "الحاضنة" لهذا المسار، فتستقطب الكفاءات وتؤهلها وتعتمدها، لتكون بذلك الضامن لجودة المخرجات. أما سلطة الاختيار، فتبقى حقاً أصيلاً للمجلس البلدي الذي ينتقي من بين هذه النخبة المؤهلة من يراه الأقدر على قيادة بلديته. وهكذا، يتشكل مع الزمن مسار مهني جاذب، وتتكون شبكة من الخبرة الوطنية المتنقلة التي تثرِي العمل البلدي في كل أنحاء الوطن.
بطبيعة الحال، فإن هذا الإصلاح الإداري يتطلب منظومة متكاملة تترابط فيها مسارات التحديث؛ فتعزيز الاستقلالية المالية يصب في قلب رؤية التحديث الاقتصادي، وإصلاح الموارد البشرية هو من أساسيات تحديث القطاع العام، وتشجيع المشاركة المجتمعية هو جوهر التحديث السياسي.
في نهاية المطاف، تطوير الإدارة المحلية في الأردن ليس خياراً بين نماذج مستوردة، بل هو اختيار لهويتنا الإدارية المستقبلية. إنه قرار بالعودة إلى جوهر قيمنا في الشورى والمساءلة، وتطبيقها في هيكل عصري لا يؤمن بمركزية القرار، بل بقوة توزيع المسؤولية.
حين نمنح الثقة للمجتمع، ونمكّن البلدية بالأدوات، فإننا لا نبني مؤسسة قوية فقط، بل نستثمر في طاقة الإنسان والمكان. إنها دعوة لنسمح لمجتمعاتنا بأن تصنع مستقبلها بنفسها، وخطوة لا غنى عنها في مسيرة مشروع التحديث الوطني الشامل الذي يستحقه الأردن.