شريط الأخبار
الأمن العام ينفذ يوما توعويا بيئيا في محافظات المملكة "اليونيسف": حياة الطفولة مهددة بالموت مع استعداد إسرائيل للسيطرة على مدينة غزة مجلس الأعمال السعودي الأردني: انطلاقة جديدة نحو شراكة اقتصادية استراتيجية النفط يتراجع للجلسة الثالثة ويتجه لخسارة أسبوعية 19 شهيدا جراء قصف الاحتلال مناطق في مدينة غزة انتقال فرع نقابة الصحفيين بالشمال إلى المقر الجديد أجواء معتدلة الحرارة في أغلب المناطق حتى الإثنين القلعة نيوز تعزي بوفاة الشابين مهند وجواد الرديسات الحجايا الهجري يطالب مجدداً بكيان مستقل في السويداء ويشكر نتنياهو النائب الحميدي في رسالة الى حسان : "إنني كنت مستبشرا في بداية تكليفك بامكانية أن تصنع فارقا وتوجد حلولا يلمس المواطن أثرها، ولكن يبدو أن لا جديد يُذكر، ولا تغيير يُشكر، وأن النهج واحد والخطى مترددة". المدرب الروسي: النشامى بين أقوى 5 خصوم واجهناهم في السنوات الأخيرة واشنطن تفرض عقوبات على 3 منظمات حقوق إنسان فلسطينية لمن تبرّعت زوجة أحمد الشرع بـ5000 دولار؟ النشامى يفرض التعادل على المنتخب الروسي بين أرضه وجماهيره لافروف: روسيا ستسعى إلى حل القضية الفلسطينية عبر الأمم المتحدة الملك وولي العهد يتلقيان برقيات تهنئة بذكرى المولد النبوي الشريف وزير الخارجية يشارك باجتماع الدورة العادية لمجلس جامعة الدول العربية وزير الخارجية العراقي: علاقاتنا راسخة ومتجذرة وتاريخية مع الأردن تفاصيل اجتياز جنود إسرائيليين للحدود الأردنية والتعامل الأمني معهم وزير السياحة يزور المواقع الأثرية في محافظة الزرقاء

الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم من الغار إلى القمة

الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم من الغار إلى القمة
إبراهيم أبو حويله...
الحمل كان ثقيلاً لكنه لم ينوء به، ومضى يحمله إلى أن بلغه، وأشهد الله على كمال بلاغه، فصلّى الله عليك ما ذُكر الله وذُكرت، وجزاك الله خير ما جزى نبيًّا عن أمته، وحشرنا الله معك، وسقانا من حوضك، وبلغك الله الوسيلة والفضيلة والدرجة العالية المحمودة.
الرسول من الغار إلى القمة...

هل اتضحت الرؤية للرسول صلوات ربي عليه، من أول يوم شاهد فيه جبريل عليه السلام على حقيقته، وجاءه الأمر الإلهي الصادم بأن اقرأ، وهو يرتجف خائفًا من هول ما رأى؟ والموقف هنا كله لخديجة رضي الله عنها: والله ما يخزيك الله أبدًا، إنك لتصل الرحم، وتحمل الكل، وتكسب المعدوم، وتقرِي الضيف، وتعين على نوائب الحق.

فانطلقت به إلى ورقة بن نوفل، فقال له: هذا الناموس الذي أنزله الله على موسى، يا ليتني فيها جذعًا، ليتني أكون حيًّا إذ يخرجك قومك. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أو مخرجيّ هم؟ فقال ورقة: نعم، لم يأتِ رجل بمثل ما جئتَ به إلا عودي، وإن يدركني يومك أنصرك نصرًا مؤزرًا. رواه الشيخان.

كل هذه الأحداث تُلقي ظلالها فجأة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، في لحظة كان ذلك الرجل الحليم الحكيم الكريم القوي، الذي يعتزل الناس أيامًا، لحكمة يبحث عنها، أو خلوة تريح النفس، أو نُسك يتقرب به إلى خالقه، أو لهدوء نفس يسعى إليه، فهو لم يكن يشارك قومه شركهم ولا فحشهم ولا سوء فعالهم، ولكن يشاركهم تلك اللحظات العظيمة التي تصنع الأمم، من بناء الكعبة وحلف الفضول وتجارتهم، فكان يتاجر لنفسه ولغيره، ومن هنا عرفته خديجة رضي الله عنها، وكان الأمين الصادق العفيف الطاهر. أو هو كان يسعى لهدوء نفس بعد أن بلغ الأربعين؟ هل كان يتفكر ويهيئ النفس لأحداث جسام؟ فهو لم يكن يدري ما يعدّه له خالقه.

من الغار إلى مكة يبدأ الحمل الثقيل، والانتقال من الحالة الفردية والصورة الأخلاقية الفردية شبه الكاملة، إلى بناء الأفراد شبه الكاملين في سبيل بناء الأمة. فمكة صناعة الفرد المؤمن، والمدينة هي صناعة الدولة المؤمنة، والتحالفات والعهود والمواثيق والصلح والتصالح، والعفو والحرب والشدة والبذل، وتأليف القلوب ومخاطبة العقول، وصناعة الصداقات أو تحييد الأعداء.

وكان يسعى لنقل الإيلاف من مكة إلى المدينة، والإيلاف كما يشير الباحث وضاح خنفر، هو بناء طرق التجارة بما يلزم ذلك من بذل مال، وصناعة صداقات، ومنح الهدايا، والمشاركة في المغانم والمغارم. ونلاحظ هنا أن الرسول صلوات ربي عليه، كان يسير وفق خطة أعدّها بناءً على كل تلك المعلومات السابقة، والوحي المستمر، والرعاية الإلهية المستمرة، ليصل إلى هدفه في مشهد مهيب في حجة الوداع: ﴿اليوم أكملتُ لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينًا﴾.

وهنا، فيما كانت خطوات الرسول صلى الله عليه وسلم مدروسة وموضوعة بعناية وتسعى لأهداف مرحلية، سواء كان حجر الميل كما يقول الغرب، أو الإنجاز بمعايير الأداء المرتبطة بالزمن، فهو كان يسير وفق خطة استراتيجية واضحة المعالم. وهناك مرحلية واضحة، وهناك انضباط واضح، فمرحلة مكة مرحلة صناعة الفرد، لا مرحلة مواجهة، ومرحلة المدينة هي مرحلة بناء الدولة، فهناك وثيقة المدينة، وهناك القبائل العربية، وهناك طرق التجارة، وهناك الاقتصاد والعمل، وهناك إرسال البعثات والسرايا والعيون، وهناك معرفة الصديق من العدو، وهناك وهناك كل ما يشغل القائد الذي يريد بناء دولة.

الرسول صلوات ربي عليه أجبر خصومه على البقاء في دائرة رد الفعل، فهو كان صاحب المبادرة دائمًا، وكان يفاجئ الصديق والعدو، حتى أقرب الصحابة له لم يكونوا يتوقعون تصرفاته، وكان يفاجئهم دائمًا بأفعاله، وكان قارئًا جيدًا لكل ما يحيط به من خريطة سياسية وتاريخية وجغرافية.

في المقابل، لم يستطع الأعداء أن يقابلوه في خطته بخطة بديلة، رغم كثرتهم وحسن عتادهم وكثرة أموالهم، فقريش كانت بيت مال لثروة ضخمة، وكان بعض سادتها يحضر الخدم والحشم والملابس وحتى من يحضرون لهم الطعام والحلويات، وكان لهم بيوت في الطائف يفرون إليها من حر مكة، وكانوا يجرّون أذيالهم خيلاء بما أنعم الله عليهم بسبب البيت والإيلاف والموقع، والحروب التي كانت تحدث بين الفرس والروم فتفتح لهم أبواب التجارة وقد أُغلقت على غيرهم.

واليهود يكفي أن تعلم أن المدينة لم تعلم الوفرة ولم يشبع أهلها إلا بعد فتح خيبر، والتي يُقدّر نصف غلاتها من التمور والحبوب والغلال بخمسة آلاف طن، حسب ما أشار خنفر. وهذا ما اتفق عليه معهم رسول الله بعد أن ألحق بهم الهزيمة وفتح حصونهم التي ظنوا أنها مانعتهم من الله، فأبقاهم في ديارهم وأمّنهم بها، شرط أن يؤدوا نصف ثمار خيبر للمدينة. فلا هو استعمار إحلالي، ولا قتل للشجر والبشر، ولكنه فتح بأخلاق النبوة.

ولم يستعمل الشدة في الأحكام إلا مع بني قريظة لأنهم خانوا العهد في غزوة الأحزاب، ما كان سيؤدي إلى ضياع دولة الإسلام وذهاب أمرها، فهنا وافق الله ورسوله سعدًا في حكمه بقتل محاربيها وسبي أطفالهم ونسائهم.

وإن كنت أرى حتى في تلك المراحل التي كان يستعمل فيها النبي صلى الله عليه وسلم الشدة، كان يهدف إلى ما يحافظ على الدولة وبيضتها، ويعظم أمر خيانتها والخروج عليها. فهو لم يستعمل الشدة مع غير اليهود، لا مع المنافقين، ولا مع قريش في فتح مكة، حيث أظهر قمة التسامح والحلم والتواضع وهو ينيخ راحلته حتى تكاد تلامس الأرض تواضعًا لله، الذي صدق وعده ونصر عبده وأعز الإسلام وحده، وهو في قمة النصر جعل الفضل لله وحده، الذي خلق فأعطى، والذي طلب فأعان، ونصر المستضعفين وألف بين قلوبهم، حتى أصبحوا اليوم أمة دون الأمم ستخضع لهم سائر الأمم.

ولله الأمر من قبل ومن بعد.