القلعة نيوز :
يُعد ارتفاع ضغط الدم من أكثر الاضطرابات القلبية شيوعًا وخطورة في الوقت ذاته، لأنه يتطور بهدوء دون أن يلفت الانتباه، فيقضي كثير من الناس سنواتٍ طويلة دون أن يدركوا أنهم يعيشون بضغط دم مرتفع يرهق القلب والأوعية الدموية تدريجيًا. تشير تقديرات منظمة الصحة العالمية إلى أن مئات الملايين حول العالم يعانون من هذه الحالة، وأن نسبة كبيرة منهم لا يتلقون أي علاج أو متابعة دورية.
وفقًا لتقرير نشره موقع Everyday Health، فإن ارتفاع ضغط الدم لا ينتج دائمًا عن عوامل وراثية أو أمراض مزمنة، بل يمكن أن يتأثر بسلوكيات يومية بسيطة يكررها الإنسان دون وعي. هذه العادات، التي قد تبدو عادية أو حتى صحية للبعض، تُحدث بمرور الوقت اضطرابًا في آلية تنظيم ضغط الدم داخل الجسم، مما يرفع احتمالات الإصابة بمضاعفات مثل أمراض القلب، وتصلب الشرايين، والسكتات الدماغية.
الإفراط في تناول الأطعمة المالحة والمصنّعة
الملح، رغم ضرورته للحياة، قد يكون العدو الخفي لصحة القلب عند تجاوزه الحدود الآمنة. فالأطعمة الجاهزة والمعلّبة والوجبات السريعة تحتوي على كميات عالية من الصوديوم الذي يؤدي إلى احتباس السوائل في الجسم، فيزداد حجم الدم داخل الشرايين ويرتفع الضغط على جدرانها. إن تقليل هذه الأطعمة واستبدالها بالمكونات الطازجة المطهية منزليًا يُعد خطوة أساسية للوقاية.
الاعتماد المفرط على الكافيين
مشروبات القهوة ومشروبات الطاقة تُحفّز الجهاز العصبي وتُضيّق الأوعية الدموية مؤقتًا، مما يؤدي إلى ارتفاع ملحوظ في ضغط الدم بعد تناولها. قد لا يكون هذا الارتفاع خطيرًا لدى الأشخاص الأصحاء، لكنه يُصبح مزمنًا عند من لديهم استعداد وراثي أو حساسية من الكافيين. لذلك يُفضل الاكتفاء بكميات معتدلة ومراقبة استجابة الجسم لها على مدار اليوم.
قلة النوم واضطراب الراحة الليلية
النوم ليس رفاهية، بل هو عملية فسيولوجية ضرورية لضبط الضغط وتنظيم إفراز الهرمونات. قلة النوم أو النوم المتقطع تجعل الجسم في حالة توتر مستمر، فيرتفع ضغط الدم حتى أثناء الراحة. الحفاظ على مواعيد نوم ثابتة، وتجنب الشاشات قبل النوم، يساعد على استعادة التوازن الطبيعي للجهاز العصبي والدوري.
الجلوس لفترات طويلة
الخمول من أكثر الأسباب التي تُضعف كفاءة القلب والأوعية الدموية. البقاء لساعات طويلة أمام الحاسوب أو التلفاز يقلل تدفق الدم في الأطراف ويُضعف مرونة الشرايين. حتى مع ممارسة الرياضة المنتظمة، تظل فترات الجلوس الطويلة ضارة، لذا يُنصح بالوقوف أو المشي لبضع دقائق كل ساعة لتحفيز الدورة الدموية.
التدخين والتعرض للدخان
النيكوتين مادة منبهة تُسبب انقباضًا حادًا في الأوعية الدموية وترفع ضغط الدم فورًا بعد استنشاقها. ومع مرور الوقت، يؤدي التدخين إلى تصلب جدران الشرايين، ويُضاعف من خطر الإصابة بالنوبات القلبية. حتى التدخين السلبي يمكن أن يسبب آثارًا مماثلة، لذا فإن تجنب بيئات التدخين خطوة حاسمة لحماية القلب.
تجاهل مراقبة ضغط الدم بانتظام
من أكبر الأخطاء أن يعتقد الشخص أنه يعرف حالته الصحية من دون قياس فعلي للضغط. فارتفاع الضغط لا يُسبب أعراضًا في أغلب الأحيان، لذا فإن المراقبة المنزلية المنتظمة باستخدام أجهزة دقيقة ومعتمدة تُعد وسيلة فعالة لاكتشاف أي تغيّر مبكر واتخاذ الإجراءات العلاجية فورًا.
نمط الحياة المتسارع والتوتر المستمر
الإجهاد الذهني والعاطفي المزمن يؤدي إلى إفراز هرمونات التوتر مثل الكورتيزول والأدرينالين، التي ترفع ضغط الدم وتُجهد القلب على المدى الطويل. ممارسة التأمل، والأنشطة الهادئة، وقضاء وقت كافٍ في الهواء الطلق يمكن أن يساعد في تقليل التوتر وتحسين توازن الجسم العام.
إن إدراك أثر هذه العادات اليومية يُمثل الخطوة الأولى نحو الوقاية. فكل تغيير بسيط في نمط الحياة — مثل النوم الجيد، وتقليل الملح، والإقلاع عن التدخين — يمكن أن يحدث فارقًا حقيقيًا في صحة القلب والأوعية الدموية ويمنع مضاعفات لا يمكن التراجع عنها.




