شريط الأخبار
العرموطي: لتصمت صالونات النميمة .. وسياسة الملك راشدة وحكيمة الظهراوي: المدينة الجديدة زي الكرسي الدوار لحتى تخلص اراضي غوار نفاع تدافع عن أمين حزب عزم: خلط بين الصلاحيات والحوار السياسي النائب بني ملحم يستجوب الحكومة عن اسطوانات الغاز البلاستيكية وزير الإدارة المحلية: 8 آلاف عامل مياومة نصفهم في غير عملهم الفعلي لجنة الطاقة النيابية تثمن استجابة الحكومة لتوصية اللجنة بأعفاء المشتركين من رسوم إعادة توصيل الكهرباء لأول مرة توقيف مدير سابق لإحدى جمعيات المساعدات بجناية الاختلاس المياه تضبط عدة اعتداءات في جرش والكرك والمفرق اقتصاديون: مراجعة حسابات الناتج المحلي الإجمالي سيعزز التصنيف الائتمانيللأردن إحباط محاولة تهريب مليون ومئتي ألف حبة مخدرة لإحدى دول الجوار منتدى التواصل الحكومي يستضيف أمين عام سلطة وادي الأردن غدا مشروع مدينة عمرة ... رؤية جديدة للاقتصاد الرقمي الأردني سويسرا واليونيسف تتعاونان لتحسين خدمات المياه والصرف الصحي للاجئين في الأردن انخفاض أسعار الذهب وارتفاع النفط مع تراجع الدولار عالميا البابا يزور لبنان في لحظة فارقة عوائد سندات اليابان ترتفع إلى أعلى مستوى في 17 عاماً روسيا تتصدر بطولة "غراند سلام" للجودو في أبوظبي طقس مائل للبرودة في المرتفعات ولطيف حتى الخميس الاحتلال يحوّل المياه إلى سلاح.. 90% من محطات غزة مدمّرة الصادرات التجارية لمدينة الزرقاء تتجاوز 40 مليوناً في تشرين ثاني

هل تعكس الـ45 مليون دينار من مخالفات السير تطورًا في إدارة المرور أم ضعفًا في البنية التحتية؟

هل تعكس الـ45 مليون دينار من مخالفات السير تطورًا في إدارة المرور أم ضعفًا في البنية التحتية؟
كابتن أسامة شقمان
في تصريح أثار اهتمام الرأي العام، أعلن أمين عمّان عن تحقيق 45 مليون دينار من مخالفات السير خلال تسعة أشهر فقط.

ورغم أن هذا الرقم كفيل بتغطية ميزانيات مشاريع تطويرية كبرى، إلا أنه يطرح سؤالاً أكثر أهمية من الرقم نفسه:
هل يعكس هذا المبلغ نجاحًا في الرقابة المرورية، أم أنَّه مؤشر على خلل منهجي في البنية التحتية والوعي المروري وإدارة الحركة في شوارع العاصمة؟

هذا المقال التحليلي يقدم قراءة معمّقة ومهنية، تكشف جوانب الصورة الكاملة:
من تحليل المخالفات، إلى المقارنة مع السنوات الماضية، إلى البنية التحتية، مرورًا بالتوعية، وصولاً إلى اقتراحات عملية تتضمن تشكيل قسم متخصص هدفه الوحيد خفض المخالفات.

الفصل الأول: قراءة نقدية في رقم الـ45 مليون دينار – أين تُصرف هذه الأموال؟
رغم أن إيرادات المخالفات تُحوَّل غالبًا إلى الخزينة العامة، يبقى السؤال المشروع:
كيف انعكست هذه المبالغ على تطوير العاصمة وعلى راحة المواطن الذي يدفع جزءًا كبيرًا منها؟

أسئلة مالية تستحق الإجابة:
- كم نسبة ما صُرف من هذه الإيرادات على تحسين الطرق وتصويب العيوب الهندسية؟
- هل خُصص جزء منها لتطوير شبكات الإشارات الضوئية الذكية؟
- هل تم دعم مشاريع النقل العام لتخفيف الازدحام؟
- أين هو تقرير الأمانة الذي يوضح توجيه هذه الأموال بشكل شفاف؟
تحليل وافتراضات مالية واقعية:
وفق تجارب مدن عالمية، يجب تخصيص ما بين 10% إلى 15% من إيرادات المخالفات للخدمات المرورية والتطوير.
وبناءً على ذلك، كان من المفترض أن يتم توجيه 4.5 إلى 6.7 مليون دينار على الأقل إلى:
- صيانة الطرق
- تحسين الإضاءة
- حملات التوعية
- تطوير الإشارات
- إجراء الدراسات المرورية
لكن الواقع على الأرض - كما يلاحظه الجميع - لا يعكس هذا المستوى من الإنفاق إطلاقاً.

الفصل الثاني: هل تمت مقارنة هذه الأرقام مع السنوات والشهور الماضية؟
من المؤسف أن الإعلان عن مبلغ الـ45 مليون جاء دون تقديم مقارنة رقمية واضحة.
ما الذي كان يجب نشره للرأي العام؟
- قيمة المخالفات لنفس الفترة من العام الماضي.
- نسبة الزيادة أو النقصان.
- تأثير المشاريع الجديدة أو التحويلات على ارتفاع المخالفات.
- متوسط عدد المخالفات لكل يوم أو لكل شارع.
افتراض منطقي:
إذا كانت قيمة المخالفات في السنوات السابقة تتراوح بين 30 – 33 مليون دينار في تسعة أشهر، فإن الارتفاع إلى 45 مليون يعني زيادة تقارب 40–50%.
هذه الزيادة الكبيرة لا يمكن أن تُفسَّر فقط بتشديد الرقابة، بل قد ترتبط بـ:
- تصميم طرق غير مناسب
- كثافة التحويلات المرورية
- غياب المواقف
- ضعف التوعية العامة
إن مقارنة الأرقام عبر السنوات ليست مجرد رفاهية إحصائية؛ بل هي أداة تقييم لأداء منظومة السير.

الفصل الثالث: تفريغ المخالفات إلى فصول لمعرفة الأسباب الجذرية
لا يمكن معالجة المشكلة دون فهم "تركيبتها”.
لذلك، يجب تفريغ المخالفات إلى فصول/مجموعات تساعد على تحليل كل نوع وتحليل سببه الفعلي.
الفصل 3-1: مخالفات الوقوف العشوائي – مرآة لأزمة المواقف
- تقديرها: 30–35% من إجمالي المخالفات
- أسبابها:
- نقص المواقف في المناطق التجارية
- غياب شراكات مع القطاع الخاص لإنشاء مواقف مدفوعة متعددة الطوابق
- شوارع ضيقة وصُمّمت قبل الطفرة العمرانية
الحل:
إعادة توزيع المواقف، إنشاء مواقف ذكية، وفرض "منطقة مواقف مدارة”.
الفصل 3-2: مخالفات السرعة – قراءة في البنية الهندسية للشوارع
- تقديرها: 20–25%
- الأسباب:
- شوارع تسمح عمليًا بالسرعة رغم قيودها القانونية
- غياب مطبات معيارية
- ضعف الإشارات التحذيرية
الحل:
تصميم هندسي يفرض السرعة تلقائياً وليس بالرقابة فقط.
الفصل 3-3: قطع الإشارة الضوئية – أين الخلل؟
- تقديرها: 8–12%
- أسبابها:
- توقيت غير مناسب للإشارات
- تقاطعات مزدحمة
- ضعف الثقافة المرورية
الحل:
إشارات ذكية تربط مدة الانتظار بالكثافة المرورية.
الفصل 3-4: مخالفات المسارب والتجاوز – تفسير اجتماعي وهندسي
- تقديرها: 10–12%
- الأسباب:
- غياب خطوط واضحة
- تآكل الدهان
- ازدحام يؤدي إلى تغير المسارب بشكل عشوائي
الحل:
إعادة تأهيل الدهان، زيادة المسارب في الشوارع التي تتطلب ذلك.
الفصل 3-5: مخالفات "الظروف القسرية”
وهي المخالفات الناتجة عن:
- حفر مفاجئة
- تحويلات غير مدروسة
- انسداد الطرق بسبب مشاريع إنشائية
الحل:
تنسيق أفضل بين الأمانة وجهات المشاريع.

الفصل الرابع: هل يوجد قسم متخصص لدراسة المخالفات وخفضها؟
في معظم المدن العالمية المتقدمة يوجد داخل البلديات أو وزارة النقل:
"قسم خفض المخالفات" أو "قسم تحليل السلوك المروري".
مهام هذا القسم:
1.تحليل بيانات المخالفات يومياً.
2.تحديد "النقاط الساخنة”.
3.ربط المخالفات بالمشاكل الهندسية.
4.تصميم تدخلات سريعة "Quick Fixes”.
5.تطوير حملات ومواد توعوية.
6.وضع هدف سنوي بخفض المخالفات بنسبة 10–15%.

السؤال: هل تملك أمانة عمّان قسماً بهذا التخصص؟
لا توجد معلومات معلنة عن وجود قسم متخصص هدفه الوحيد خفض المخالفات وليس جبايتها.
وهذه ثغرة أساسية في منظومة النقل.
لماذا يجب إنشاء قسم كهذا؟
لأن:
1- ارتفاع المخالفات ليس نجاحًا، بل إخفاقًا.
2- وانخفاض المخالفات هو النجاح الحقيقي.
3- كل دينار يُختصر من المخالفات يعني:
-سائقاً واعياً
-شارعاً آمناً
-بنية تحتية محسّنة
-إدارة مرور فعّالة

الفصل الخامس: التوعية – الحلقة الغائبة في المشهد المروري
من غير المعقول أن تجني العاصمة عشرات الملايين من المخالفات ولا تُطلق حملة وطنية شاملة.
الوعي ليس نشاطاً إعلامياً موسمياً بل منظومة متكاملة.
ما المطلوب؟
- فيديوهات قصيرة توضح المخالفات الأكثر تكراراً
- حملات في المدارس والجامعات
- ملصقات مرورية في الشوارع
- برامج تلفزيونية أسبوعية
- تطبيق إلكتروني يشرح للسائق "كيف تتجنب المخالفة”
إن تكلفة حملة توعية وطنية لمدة 3 أشهر أقل من 0.5% من قيمة المخالفات.

الفصل السادس: البنية التحتية – حجر الأساس لأي نجاح مروري
لا يمكن الحديث عن انخفاض المخالفات دون معالجة الوضع على الأرض:
- حفر موسمية
- مطبات مخالفة للمواصفات
- ضعف الإنارة
- اختفاء خطوط المشاة
- تصميم طرق يستفز السائق بدل تهدئته
تحليل مهم:
تكلفة إعادة تأهيل 1 كم من الطرق تقارب 80 ألف دينار.
ما يعني أن مبلغ 45 مليون يكفي لإعادة تأهيل 560 كم من طرق العاصمة.
لكن المواطن لا يرى مشاريع بهذا الحجم!

الفصل السابع: رؤية نقدية – لماذا نعتبر انخفاض المخالفات نجاحاً؟
في الدول المتقدمة:
ارتفاع المخالفات = فشل
انخفاض المخالفات = نجاح
لأن الهدف ليس العقاب بل الوقاية.
لأن السائق الواعي، والشارع السليم، والإدارة الحكيمة… كلها عناصر تخفض المخالفات تلقائياً.

المعادلة الذهبية:
انخفاض المخالفات = نجاح التوعية + نجاح تطوير البنية التحتية + نجاح الإدارة المرورية

خلاصة: ماذا نحتاج اليوم؟
نحتاج إلى:
1- تقرير رسمي سنوي مفصل.
2- قسم متخصص لخفض المخالفات.
3- استراتيجية توعية وطنية.
4- تصويب هندسي فوري للنقاط الساخنة.
5- مقارنات سنوية تُنشر للرأي العام.
6- هدف وطني معلن: خفض المخالفات بنسبة 20% خلال 3 سنوات.