الدكتور نسيم أبو خضير
في كل مباراة تجمع المنتخب الأردني بشقيقه المنتخب السعودي ، لا تكون الكرة مجرد مستطيل أخضر ، ولا التسعون دقيقة مجرّد وقت يُحسب بالأهداف ، بل لحظة تختبر فيها أخلاقنا قبل حماسنا ، وإنتماءنا قبل أصواتنا ، وأخوّتنا قبل تعصّبنا .
الأردن والسعودية لم تجمعهما مباراة كرة قدم فقط ، بل جمعتهما مسيرة طويلة من المحبة الصادقة ، والتعاون الراسخ ، والمواقف التي كُتبت بمداد الأخوّة والاحترام المتبادل . وحين يتواجه المنتخبان ، فإنما يتنافسان بروح الأشقاء ، لا بروح الخصومة ، وبقلب واحد ينبض باسم العروبة ، لا بلغة السبّ والشتم والإستفزاز .
مشاعر الفرح عند الفوز حقّ مشروع ، كما أن ألم الخسارة شعور إنساني ، لكن ما لا يجوز أبدًا أن يتحول الحماس إلى إساءة ، أو التعليق إلى تجريح ، أو المنافسة إلى شرخٍ في علاقة شعبين جمعهما التاريخ والدين والمصير .
ففوز الأردن يفرحنا ، وفوز السعودية يفرحنا أيضًا ، لأن الفائز الحقيقي هو الأخلاق ، والرابح الأكبر هو الوعي الجمعي الذي يرفض الإساءة ويحتضن الإحترام .
كرة القدم تُكسبنا لحظات فرح ، لكنها لا يجب أن تخسرنا إخوة ، ولا أن تزرع في قلوبنا ما لا يليق بعلاقة راسخة بين شعبين كريمين وقيادتين حكيمتين . قيادتان كانتا ولا تزالان منارات للتعقل ، والدعم ، والتكامل العربي ، ومن هذا المنطلق يجب أن يكون تنافسنا : نديًّا، جميلًا ، ومشرّفًا .
فلنبتعد عن التعليقات المستفزة ، ولنكفّ عن السبّ والشتم ، ولنجعل من مدرجاتنا ومنصاتنا صوتًا للعقل لا للإنفعال ، وصورةً تليق بالأردني والسعودي أينما وُجد .
فالأخلاق لا تُقاس بعدد الأهداف ، بل بطريقة الفرح ، وبأدب الخسارة ، وبسموّ الكلمة .
حمى الله الأردن ، وحمى الشقيقة السعودية ، من كل سوء ومكروه ، وأدام بينهما المحبة والأمن والإستقرار ، وجعل التنافس بينهما دائمًا عنوانًا للأخوة ، لا سببًا للفرقة ، وللجمع لا للتناحر .



