شريط الأخبار
وزير الاتصال الحكومي يشيد بأداء النشامى في بطولة كأس العرب 2025 الفايز: نفخر بما حققه منتخب النشامى في بطولة كأس العرب الأمن العام : مدافئ الشموسة أداة قتل داخل منازلكم سلامي: ولي العهد أبلغني أن الملك سيمنحني الجنسية الأردنية ترامب: سألتقي نتنياهو "على الأرجح" في فلوريدا قريباً وزير الثقافة للنشامى : أداء مشرف وروح رياضية عالية الصفدي للنشامى: كفيتوا ووفيتوا الملكة تشكر النشامى.. "أداء مميز طوال البطولة" مهاجم المنتخب الوطني علي علوان يفوز بجائزة هداف بطولة كأس العرب الملك يشكر النشامى.. "رفعتوا راسنا" حسان لنشامى المنتخب الوطني: صنعتم أجمل نهائي عربي استشهاد طفل فلسطيني بانفجار مخلفات لجيش الاحتلال الإسرائيلي في غزة وزير التربية: الحكومة انتهت من مسودة قانون وزارة التعليم وتنمية الموارد البشرية المنتخب الوطني وصيفا في كأس العرب بعد مشوار تاريخي ومباراة مثيرة ويتكوف سيلتقي بمسؤولين قطريين ومصريين وأتراك لمناقشة اتفاق غزة ولي العهد والاميرة رجوة يتابعان مباراة النشامى في ستاد لوسيل مبارك لي نجل محمد النجار و وائل حباس بزفاف خليل ورعد اللغة التي نحبّها أكثر مما نستخدمها جامعة البلقاء التطبيقية وشركة الكهرباء الأردنية تبحثان شراكة أكاديمية في الذكاء الاصطناعي والطاقة وخلق فرص تشغيل للطلبة الملك والملكة يهنئان النشمي يزن النعيمات بالسلامة (فيديو)

اللغة التي نحبّها أكثر مما نستخدمها

اللغة التي نحبّها أكثر مما نستخدمها

القلعة نيوز :
المعلمة: لينا عبد اللطيف أبورمان
حين يطلّ ديسمبر، ويُشار إلى يوم عالمي للغة العربية، لا أشعر بالدهشة بقدر ما أشعر بالهدوء الثقيل الذي يسبق السؤال. نتوقف قليلًا عند اللغة، ننظر إليها بعمق، ونمنحها كلمات جميلة، ثم نمضي. لا صدمة في البداية، بل تأمّل صامت، كمن يمرّ على بيتٍ قديم يعرفه جيدًا، لكنه لم يعد يسكنه.
فاللغات التي تعيش فعلًا لا تحتاج إلى مناسبة. هي تمضي في طرق المعرفة اليومية، تدخل قاعات البحث، وتخرج محمّلة بالأسئلة والاكتشافات. أما العربية، فنستدعيها في مناسبة، نحيّيها، ثم نعيدها إلى الهامش، وكأننا نكتفي بالسلام على لغة نحبّها… دون أن نعيش بها.
لم تكن العربية يومًا لغة هامشية. كانت لغة العلم حين كان العلم يُكتب بالحبر والصبر، ولغة الحضارة حين كانت الحضارة تُبنى بالكلمة قبل الحجر. بها كُتبت الفلسفة، وصيغ الطب، واتّسعت أسئلة الفلك والرياضيات، وهي قبل ذلك وبعده، لغة القرآن، لغة المعنى العميق، والبيان الذي خاطب العقل والروح معًا.
لكن اللغة التي كانت مركزًا للحضارة، بدأت تنسحب بهدوء من مواضع الفعل. لم تختفِ فجأة، بل تراجعت خطوة بعد أخرى، حتى وجدت نفسها خارج مراكز البحث، ومنصات النشر العلمي، ودوائر المعرفة المعاصرة. تحوّلت من لغة إنتاج إلى لغة شرح، ومن وسيلة تفكير إلى مادة دراسية، و رمز ثقافي يُستدعى عند الحاجة.
من داخل الصف، أرى هذا التحوّل يتشكّل بصمت. أرى طالبات يتعاملن مع العربية كما لو أنها أثر تاريخي محفوظ خلف زجاج المنهج. نتقن شرح النص، ونضبط القاعدة، لكننا ننسى أن اللغة خُلقت لتُستخدم، لا لتُؤطَّر، وحين تُفصل اللغة عن التفكير، تفقد وظيفتها الطبيعية، وتبدأ في التراجع مهما كان مجدها عظيمًا.
لم يكن تراجع العربية لغويًا بقدر ما كان تاريخيًا ومعرفيًا. فالتحوّلات السياسية، والاستعمار، وهيمنة لغات القوة، ثم ضعف المشروع العلمي العربي، كلها عوامل دفعت باللغة إلى الخلف. ومع الزمن، بدأ هذا التراجع يطمس شيئًا من الهوية، لأن حضورها في صناعة المعرفة تقلّص، ومعه تقلّص دورها في تشكيل الوعي.
تكشف الأرقام هذا الواقع بلا انفعال: مئات الملايين يتحدثون العربية، لكنها تكاد تكون غائبة عن الفضاء الرقمي والعلمي العالمي. وهذا الغياب لا يسيء إلى اللغة بقدر ما يكشف خللًا في علاقتنا بها. نحبّها، نعم ، لكننا لا نعيدها إلى موقعها الطبيعي: لغة تفكير، ولغة علم، ولغة تواصل إنساني.
إحياء العربية لا يكون بالاحتفال وحده، ولا بالشعارات، بل بإعادتها إلى الحياة اليومية للفكر. يبدأ من التعليم، حين نسمح للطالب أن يخطئ بها، ويكتب بها دون خوف. ويستمر في الجامعة، حين تصبح لغة بحث لا لغة ترجمة، ومن العلم إلى التكنولوجيا، ومن الفكرة إلى المشروع.
بوصفـي معلمة، لا أبحث للعربية عن مناسبة، بل عن ممارسة. عن يوم عادي تُستخدم فيه كما كانت دائمًا: لغة علم، ولغة حضارة، ولغة قرآن، ولغة تواصل بين الإنسان ونفسه والعالم.