شريط الأخبار
مدير الأمن العام والسفير الصيني يبحثان سبل تعزيز التعاون الأمني والشرطي الأردن يعزي بوفاة رئيس الأركان العامة للجيش الليبي طهبوب: تقرير ديوان المحاسبة "تشخيص بلا علاج" والمديونية "تصفع" فاعلية الرقابة النائب سليمان الزبن الزبن يطالب بتعديل النظام الداخلي لتوزيع تقرير ديوان المحاسبة على جميع اللجان المختصة النائب معتز أبو رمان: الرقابة الانتقائية لديوان المحاسبة مجرد “معزوفات وأغاني” وغياب الفعالية يهدد المال العام أبو حسان: مخالفات ديوان المحاسبة تكشف خللًا إداريًا متراكمًا وتستدعي تحركًا نيابيًا جادًا وزير الاستثمار يعلن عن التوسعة الثالة لمشروع مجمع الظليل الصناعي رئيس الوزراء يهنئ المسيحيين بعيد الميلاد المجيد وقرب حلول العام الميلادي الجديد الصقور: مخالفات في 29 حزبا.. والمحاسبة تغيب عن "حيتان الفساد" الهروط: اكثر من 40 بالمئة من مخالفات ديوان المحاسبة لم تصوب حتى الان وزير الثقافة يُهنئ الملك وولي العهد بمناسبة الأعياد المجيدة والسنة الميلادية الجديدة تركيا تعلن العثور على الصندوق الأسود لطائرة رئيس الأركان الليبي البرلمان الأوروبي يقر مساعدات مالية جديدة للأردن بقيمة 500 مليون يورو نمو اشتراكات الجيل الخامس في الأردن بنسبة 307% بالربع الثالث النعيمات: كيف لرئيس ديوان المحاسبة مراقبة رئيس وزراء عينه دون مقابلة؟ العمري: جلسات مناقشة تقرير ديوان المحاسبة "بروتوكولية" النائب العوايشة: الحرامية مش راضيين يتركونا النائب فريحات: رئيس الوزراء يطوع الأرقام كيفما يشاء الهميسات للنواب: مناقشة تقرير ديوان المحاسبة لا تسمن ولا تغني من جوع النائب الزعبي: تقرير ديوان المحاسبة وثيقة للمساءلة لا للأرشفة

الشياب يكتب : كرة القدم، القوة الناعمة، والسردية الثقافية

الشياب يكتب : كرة القدم، القوة الناعمة، والسردية الثقافية
محمود صالح الشياب
قبل سنوات طوال، وفي ملعب رملي قديم، قال لنا شيخٌ كبير توقف محاولاً فض نزاع كروي بين فتيان، بأن كرة القدم جلدة منفوخة تركضون خلفها، فلا تعطوها أكبر من قدرها.
وما أنا متأكد منه اليوم، بعد سنوات طوال وتجارب ثقال، بأن كرة القدم حقاً لا تستحق الصراع أو النزاع، إنما هي بكل تاكيد أكبر من مجرد لعبة، وأكثر انتشاراً وممارسة من أي ثقافة أو عادة.
لقد تجاوزت كرة القدم كل الحدود، ونطقت بكل اللغات، وغدت قوة ناعمة تكاد تفوق أي قوة ناعمة أخرى، فهي معشوقة الجماهير حول العالم، مصدر غضبهم، وأحزانهم، ودموعهم، وأفراحهم، بل حتى وحدتهم أو خلافهم، وهي تلك الأداة القادرة على رسم الحقائق والأفكار، وتشكيل الصور والانطباعات عن الدول والشعوب.
البرازيل مثلاً، لم تكن لتصبح البرازيل التي نعرفها دون كرة القدم، فالهوية الوطنية للسامبا الكروية تمثل سردية ثقافية متكاملة عن الفرح، والإبداع، في صورة ذهنية محبّببة لدى جماهير لا تعرف الكثير عن تاريخ البرازيل أو ثقافتها إلا من خلال كرة القدم.
في حين أن دولة صغيرة مثل الأورغواي لا يتجاوز عدد سكانها الثلاثة ملايين ونصف المليون، استطاعت أن تحجز مكانة استثنائية لها في وجدان جماهير الكرة حول العالم، أما إيطاليا الجميلة فقد تسللت إلى قلوب الملايين في ثمانينيات القرن الماضي بكرة القدم، أكثر مما فعلته بتاريخها وفنها العريق، فيما حوّلت اليابان شغف الكرة إلى رؤية استراتيجية مدروسة بدأت منذ التسعينيات، لتصعد اليابان كروياً، في الوقت الذي كبرت فيه الفئات العمرية حول العالم مع الشخصية الأسطورية اليابانية للكابتن "تسوباسا" أو ما نسمية نحن الكابتن ماجد، الذي أصبح جزءاً من ثقافة اليابان الكروية المصدّرة للعالم بكل اللغات.
وهنا في الشرق الأوسط، حوّلت قطر استضافاتها الرياضية إلى تظاهرات ثقافية عالمية، فبات سوق واقف وملعب لوسيل -على سبيل المثال- معلمان شهيران يعرفهما ويزورهما كل العرب، في مواسم إنتاج سرديات ثقافية مؤثرة.
ولا ننسى الاتحاد الدولي لكرة القدم FIFA، الذي بات قوة دولية، يفرض العقوبات والمكافآت، يستبعد دولاً ويقرب أخرى، بل ويمنح الجوائز لشخصيات ورؤوساء، أو لم تمنح الفيفا جائزة السلام لرئيس أكبر دولة في العالم؟ ومن يدري فقد تتحول هذه لواحدة تفوق جائزة نوبل اهتماماَ.
في هذا العالم الذي نحياه اليوم، بنى الناس تمثالاً في الهند لأرجنتيني يدعى ميسي، وركض الالاف في إيران خلف برتغالي يدعى رونالدو، بينما أظهرت دراسات أن اللاعب المصري محمد صلاح كان سبباً مباشراً في خفض جرائم الكراهية ضد المسلمين في انجلترا، بل تداولت مواقع خبراً مفاده أن بريطانيين أعلنوا إسلامهم تأثراً بصلاح.
لقد تجاوزت كرة القدم بعدها الرياضي، بقدرتها الفائقة على تحويل الأثر المعنوي إلى مكاسب اقتصادية تجذب السياحة والاستثمار، أو مكاسب سياسية تبني العلاقات وتوسّع النفوذ، أو مكاسب اجتماعية وطنية تعزّز الهوية الوطنية، وترسّخ التلاحم الوطني، وهو ما ميّز الحالة الأردنية التي ارتسمت في صورة التفاف رسمي وشعبي جسّد شعوراً جمعياً بالفخر والانتماء، فراية الوطن وقيادته الهاشمية كانتا في وجدان الجماهير قبل وأثناء وبعد كل مباراة، كما مثّلت الكوفية والمنسف رموزاً ثقافية سافرت مع منتخبنا، وستسافر إلى كأس العالم في سردية ثقافية سيصغي الناس حول العالم لها، بل وسيطرقون أبواب محركات البحث ليعرفوا عنها أكثر، وليسمعوا من بعد ذلك عن البادية والصحراء، وعن عجلون والبتراء، وعن القمح والزيتون، وعن نخوة الأردنيين.
وفي هذا السياق، لا بد أن نعرف بأن الدول ذات الموارد المحدودة، تحظى بتعاطف عالمي مضاعف حين تحقق الإنجازات، وهو ما حدث ويحدث مع منتخبنا، الذي كسب احترام العالم لإنجازاته في عاطفة يمكن ترجمتها - وقد هبّت رياحنا - إلى أثر إيجابي يعود علينا بمكاسب ثقافية، وسياسية واقتصادية، واجتماعية، عبر استراتيجيات اتصالية داعمة تحقق الفوائد، بعيداً عن أية تجاذبات أو خصومات قد تحدثها العاطفة الجياشة إذا أسيء توجيهها، ونحن في غنى عنها، لا سيما أنها لا تمثل حقيقة الأردني المحب لوطنه، والمنتمي لأمته، والمعهود عنه إكرامه لكل ضيف واحترامه لكل إنسان.