القلعة نيوز - محمد يونس العبادي*
من بين الوثائق التي تشرح العلاقة الأردنية الفلسطينية، وتعبر عن اتجاهات الوحدة، وأفكارها نحوها، مشروع المملكة المتحدة، والذي طرحه الملك الحسين بن طلال طيب الله ثراه في 15 أذار 1972م.
هذا المشروع، كان يهدف إلى استمرارية الوحدة الأردنية الفلسطينية، وهو فكرة طرحت في توقيتٍ سياسي كان المأمول به صياغة مشروعٍ قادرٍ على صون القضية الفلسطينية.
وهو مشروع انطوى على ثلاث خيارات، يجري استفتاء الشعب الفلسطيني عليها، بإشراف هيئة دولية، والخيارات هي: إما العودة إلى وحدة اندماجية كما كان الحال قبل حرب 1967م، أو إقامة نظام فيدرالي تحت اسم المملكة العربية المتحدة، أو إقامة دولة فلسطينية مستقلة.
وقد طرح الملك الحسين مشروع المملكة المتحدة في اجتماع عقد في الديوان الملكي، وحضرته 400 شخصية من أعيان البلاد وقادة الرأي، مستعرضاً الصيغة المقترحة لبناء العلاقة المستقبلة بين الضفتين الشرقية والغربية على أسس "إعادة تنظيم البيت الأردني – الفلسطيني".
وتضمن المشروع 12 بنداً، بينها: -أن تكون العاصمة المركزية عمّان، وبنفس الوقت عاصمة للأردن، والقدس عاصمة لفلسطين، - وأنّ يكون رئيس الدولة هو الملك، ويتولى السلطة التنفيذية المركزية ومعه مجلس وزراء مركزي، - تأسيس مجلس للأمة يجري انتخاب أعضاءه بطريق الاقتراع السري المباشر بعدد متساوٍ من الأعضاء للقطرين.
كما دعا المشروع إلى أن تكون السلطة القضائية المركزية منوطة بمحكمة عليا مركزية، وأنّ يكون للمملكة قوات مسلحة قائدها الأعلى الملك. إضافة، إلى حصر مسؤوليات السلطة التنفيذية المركزية في الشؤون ذات العلاقة بالمملكة كشخصية دولية واحدة، بما يكفل سلامة المملكة واستقرارها.
ومن بين المقترحات الأخرى: أن تتولى السلطة التشريعية في كل قطر مجلس يعرف باسم "مجلس الشعب" يتم انتخابه بطريقة الاقتراع السري، وينتخب هذا المجلس الحاكم العام لكل قطر، وأن تتولى السلطة التنفيذية في كل قطر جميع شؤونه باستثناء ما يحدده الدستور للسلطة التنفيذية المركزية.
كان هذا المشروع، يحمل في طياته حق الفلسطينيين في تقرير المصير بعد أحداث النكسة، وبعد صعود المد القومي في المنطقة، وتبعته إيضاحات (تصريحات) أردنية عديدة، تؤكد حفظ هوية القطرين، وبين غاياته قتل فكرة إقامة الوطن البديل، وحفظ الشخصية لكل قطر.
وقد بعث الملك الحسين بمندوبين إلى الدول العربية، لشرح مرامي المشروع وأهدافه وسياقاته، ما يطمح إليه، محاولاً التأسيس والاستمرار بالوحدة الأردنية الفلسطينية التي عقدت عام 1950م.
إنّ هذه الوثيقة، أو هذا المشروع، بما يحمله من أفكار يعبر لقراء التاريخ اليوم عن مدى التصاق الأردن بفكرة الوحدة، ويعبر من جهة أخرى عن المصير المشترك للشعبين الأردني الفلسطيني، ضمن إطار الشرعية الهاشمية ومشروعها العروبي وشرعيتها المتأصلة في نفوس أحرار الأمة.
وهذه الوثيقة، واحدة من بين وثائق عدة، أحوج ما يكون المؤرخين لدراسة ظروف صياغتها وما تحمله من أبعاد ودلالات، وهي مشاريع طامحة تؤكد على بذل وجهد ملوك بني هاشم لأجل صون فلسطين وهويتها العروبية.
* باحث متخصص بالوثائق الهاشميه - عمل باحثا في الديوان الملكي ومركز الدراسات الاستراتيجيه في الجامعة الاردنية - مدير عام سابق للمكتبه الوطنيه الاردنية - له العديد من الدراسات والكتب المنشوره