
المرأة شريكة المناخ وصانعة الاستدامة
الاستاذ الدكتور عمر علي الخشمان
تُعد مشكلة التغير المناخي من أكبر التحديات التي يواجهها
العالم اليوم، لما لها من تأثيرات مباشرة على الإنسان والبيئة والموارد الطبيعية.
ويتطلب التصدي لهذه الظاهرة تحقيق توازن دقيق بين الحد من انبعاثات الغازات
الدفيئة، وتلبية احتياجات البشر من الطاقة والمصادر الطبيعية، مع ضمان الاستدامة
البيئية للأجيال القادمة. وفي هذا الإطار، يبرز دور المرأة كعنصر أساسي وشريك فاعل
في جهود التكيف والتعامل مع التغير المناخي.
لا يمكن الحديث عن سياسات المناخ دون الإشارة إلى الدور الحيوي
الذي تلعبه النساء والفتيات، إذ أن آثار التغير المناخي تمس حياتهن بشكل مباشر،
خاصة في المجتمعات الأكثر هشاشة. وقد أثبتت الدراسات أن المرأة تمتلك القدرة على
إحداث تغيير حقيقي في مواجهة الممارسات التي تضر بالبيئة، من خلال تبني حلول عملية
ومستدامة.
يُعد التعليم أداة رئيسية لتمكين المرأة من التأثير في
السياسات المناخية، وفهم التحديات البيئية وتقديم حلول مبتكرة لها. فبفضل التعليم،
تزداد قدرة المرأة على نشر الوعي البيئي، وتطبيق مفاهيم التنمية المستدامة،
والمشاركة في تحقيق التحول نحو الاقتصاد الأخضر.
يُعتبر الاستثمار في النمو الاقتصادي للنساء عنصراً محورياً في
مواجهة التغير المناخي. إذ تساهم مشاركة المرأة في سوق العمل، خاصة في القطاعات
الصديقة للبيئة مثل الطاقة المتجددة، وتقنيات البناء المستدام، وإدارة الموارد
الطبيعية، في تحقيق التحول المنشود نحو أنماط إنتاج واستهلاك أكثر استدامة.
كما أن دعم المشاريع الريادية التي تقودها النساء في مجالات
البيئة كإعادة التدوير، وترشيد استهلاك المياه والطاقة، والحد من هدر الطعام،
يُعزز من قدرتها على لعب دور رئيسي في بناء اقتصاد أخضر وأزرق أكثر مرونة أمام
الأزمات المناخية.
من الخطوات الأساسية لتمكين المرأة بيئياً هو تعزيز حضورها في
مواقع صنع القرار، وإشراكها بفعالية في رسم السياسات المناخية والبيئية على
المستويات كافة. فالمرأة لا تملك فقط الوعي والمعرفة، بل تقدم رؤى وأفكاراً مبتكرة
تسهم في تطوير حلول شاملة ومستدامة للتحديات البيئية المعاصرة. إن إشراك المرأة في
عملية صنع القرار المناخي، من التخطيط إلى التنفيذ، يضمن تبني سياسات أكثر عدالة
وفعالية، ويُعزز من فرص النجاح في التكيف مع التغيرات المناخية المتسارعة
إن تمكين المرأة في قضايا المناخ ليس خياراً، بل ضرورة. فدون
مشاركة المرأة الكاملة والمتوازنة، ستكون أي خطط لمواجهة التغير المناخي ناقصة
وغير قادرة على تحقيق الأهداف المطلوبة. لذلك فإن دعم المرأة وتعزيز أدوارها
البيئية والمجتمعية يجب أن يشمل تحسين التشريعات البيئية، وتوفير بيئة تعليمية
ومهنية محفزة، وتشجيع المبادرات التي تقودها النساء، وتسهيل وصولهن إلى الموارد
والفرص المتاحة للمشاركة في بناء عالم أكثر
عدالة واستدامة.