
نضال أنور المجالي
شهد الشارع الأردني مؤخراً اهتماماً متزايداً بجهود وزير الداخلية، الدكتور مازن الفرّاية، فيما يتعلق بتنظيم وحصر الجاهات والعطوات العشائرية ورغم أهمية هذه المبادرات في الحفاظ على السلم المجتمعي وتخفيف الأعباء المالية والاجتماعية المترتبة عليها، إلا أن موجة من التساؤلات المشروعة بدأت تلوح في الأفق حول الأولويات الحقيقية التي يجب أن تشغل رأس الهرم الأمني والخدمي في البلاد.
أرق المواطن يسبق تنظيم الجاهات إن المواطن الأردني العادي، الذي يعيش تفاصيل يومه بين القلق والأمل، لا يجد مبادرة "تنظيم الجاهات" هي الأكثر إلحاحاً في حياته اليومية. بل إن هناك ملفات تلامس أمنه الشخصي وراحة أسرته بشكل مباشر، وتستدعي مبادرات "قوية وناقدة" من الوزارة.
كارثة الكلاب الضالة: لقد تحولت مشكلة الكلاب الضالة إلى أرق حقيقي ومصدر إزعاج وخطر داهم على أطفالنا ونسائنا وشيوخنا التقارير اليومية عن حوادث العقر والهجمات باتت مقلقة، والمواطنون يتساءلون: أين مبادرة الوزارة لهذه الآفة التي تهدد سلامة العائلات في أزقة المدن والأحياء؟ أليس هذا الملف البيئي والأمني والخدمي يقع في صميم مسؤولية الدولة والسلطة التنفيذية؟
الخطر الداهم للبطالة: لا يمكن فصل مهمة وزارة الداخلية عن مسؤوليتها الاجتماعية في دعم بيئة آمنة جاذبة للاستثمار وفرص العمل.
إن الهم الأكبر لشبابنا اليوم هو البطالة إنهم ينتظرون مبادرات غير تقليدية تساهم في تذليل العقبات البيروقراطية والأمنية أمام المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وتُطلق برامج حقيقية تسهم في حلحلة أزمة البطالة التي تنخر في طموحاتهم.
المبادرات المطلوبة من التنظيم إلى الحل الجذري إن النقد الموجه هنا ليس تقليلاً من أهمية تنظيم العشائرية والجهود المبذولة، بل هو دعوة لتصحيح بوصلة الأولويات. إن المطلوب من صانع القرار اليوم هو نقل تركيز المبادرات من القضايا التنظيمية التقليدية إلى القضايا الخدمية والأمنية ذات الأثر المباشر على حياة المواطن.
إن الشارع الأردني بحاجة إلى الشعور بأن الدولة ترى وتسمع معاناته اليومية. فالأمن الحقيقي ليس فقط في هيبة الدولة أمام الخصومات الكبرى، بل في طمأنينة طفل وهو يمشي إلى مدرسته دون خوف من كلب ضال، وفي راحة بال تاجر وهو يعمل دون تهديد، وفي كرامة شاب وهو يجد فرصة عمل شريفة.
فهل تستجيب وزارة الداخلية لهذه الدعوة الصادقة لإعادة ترتيب الأولويات، وتبادر بتقديم حلول جذرية للملفات التي باتت عبئاً ثقيلاً على كاهل المواطن الأردني؟
حفظ الله الأردن والهاشميين.