شريط الأخبار
مصدر رسمي : العملية الأمنية في الرمثا مستمرة حتى اللحظة ترامب: نقترب من التوصل إلى اتفاق بشأن أوكرانيا تحديث : إصابة 4 أشخاص في مداهمة أمنية بمدينة الرمثا ولي العهد عبر انستقرام: شكرًا للنشامى عاجل : المومني : الأجهزة الأمنية تنفذ مداهمة أمنية لخارجين عن القانون في لواء الرمثا مندوبا عن الملك، ولي العهد يرعى احتفال الاتحاد الأردني لكرة القدم باليوبيل الماسي لتأسيسه غوتيريش: إقامة الدولة للفلسطينيين حق أصيل وزير الخارجية يجري مباحثات موسّعة مع نظيره الألماني شهيد ومصابان من قوات الأمن السورية باعتداء إرهابي في ريف السويداء وكالة أممية: إعادة إعمار غزة يكلف أكثر من 70 مليار دولار حسّان يترأس اجتماع مجلس أمناء جائزة "الحسين للعمل التطوعي" الرواشدة : فخور بوجودي مع كادر وزارة الثقافة في لقاء يفيض شغفًا بالإبداع والفنون الوسطاء يجتمعون في القاهرة لبحث المرحلة الثانية من اتفاق غزة الملكة: بين أبنائي وبناتي في الجامعة الأردنية رئيس الأعيان يُجري مباحثات مع نظيره الياباني في طوكيو الملكة رانيا تزور الجامعة الأردنية وتطلع على مشروع رقمنة التعليم وزير الثقافة وسفير جمهورية جورجيا يبحثان تعزيز العلاقات الثقافية بين البلدين الملك وولي العهد السعودي يبحثان هاتفيا التطورات الإقليمية والعلاقات الثنائية قروض بمليار دولار.. تعاون جديد بين فيفا والسعودية فائض الميزان التجاري السعودي ينمو بأسرع وتيرة في 3 أعوام

د. الطويقات يكتب : حمى الله " قرامي الوطن " فهم يحترقون لينيروا لنا الدروب

د.  الطويقات يكتب : حمى الله   قرامي الوطن   فهم يحترقون لينيروا لنا الدروب

"قرامي الأردنيين " طيبةٌ أصيلةٌ، تجمعهم ولا تفرقهم، هم رمز وحدتنا

أخطأ البعض في التعامل معهم او قسا ، لكنهم بقوا معنا دوما

حمى الله قرامي البلاد، وحماك الله يا اردن



القلعة نيوز - بقلم : الدكتور:أجمل فهد الطويقات


يحل الشتاء عند الأردنيين وتجدهم متفائلون، ويراهنون على موسم الخير، ويمارسون طقوسًا لا تختلف، فهي قريبة لبعضها في البوادي والقرى، كماهي في المدينة، ويأتلفون على أنماط اجتماعية وثقافية تتنوع في إرثهم الشعبي، تمثَّل مساحات حرَّة للدلالات الرمزيّة، كانت ولا زالت تمثّل بوجدان الأردنيين ممن أدركوا مراسمها الاحتفالية وعاشوها رغم قسوتها.


وتنوعت وسائل التدفئة في الزمن الحديث، وتسارعت في الحداثة أنواعها، إذ يمضي إيقاع الزمن في حياتنا سريعاً خاطفاً، فلا نكاد نُحسُّ به إلا وقد حمَلَنا من عالم إلى آخر. ونحدِّق في ذواتنا فنجدنا نعيش بالأمس القريب على ذكريات نابضة بالحياة والحركة، هكذا كنا بالأمس، وكذلك نحن اليوم، وإذا بنا قد اختلفت مظاهر الحياة بصورة كبيرة عمَّا كنَّا عليه، وغرقنا في زحام الحداثة الحافل بكل جديد، وانفصمت كثير من مظاهر الحياة اليوم عما كنا نعيشه بالأمس، ومع ذلك، فإنّ عُرى الماضي ووشائجه لا تنقطع عن معانيها في الوجدان، فثمة شيء يربطنا بما سلف، خيط رفيع نسمِّيه الغائب الحاضر.


ومع هذا التنوع في وسائل التدفئة، بقي بعض منها فاعلاً حاضرًا " فصوبة البواري" لها حكاية لا تنتهي ونأتي عليها بذكرياتنا وكيف كان الاجتماع العائلي حولها له وهج خاص. وكذلك موقدة الحطب ( القرامي) ظلت في الذاكرة الأردنيّة تحظى بأهميّة خاصة، فحفظتْ ( القرامي) ليالي سمرهم، وخلَّدتْ أخبارهم، وثقافتهم السياسية والاقتصادية، وإن اتسمت بالبساطة، لكّنها لصيقة الصدق والمبدأ الراسخ، وبعيدةٌ كل البعد عن المنفعيّة الضيقة، وقريبة جدًا من هموم الناس وطموحها؛ فكانت وما زالت مسرحاً يُظهرون فيه قدراتهم الحياتيّة وبصماتهم الثقافية المميزة.


وحين تنظر إلى" القرامي"، والقرامي هي ما تبقى في أسفل جذع الشجرة بعد قطعها، تجدها تعبق بالمكان، ولك أن تتخيّل حكايات الأجداد والآباء معها؛ إذ يبدأ بعضٌ منهم المحاولة والإصرار على النيل منها، وقد يقف عدد منهم مبديا براعته في ذلك.


فبعد أن تُشعل النار عدة مرات في الموقد، ويُقدح الزِّنَاد أو عود كبريت، ويُلتف حول القرمية- ذاك فيما مضى من زمن ولّى- في مواسم الشتاء، حيث تزداد شدة البرودة في ساعات المساء والصباح الباكر، كان كثيرٌ منّا يفترش "الجاعِدَ" ويستلقي بجانب موقد النار حتى يظلّ بقرب دفئه وحرارته.


ولأن مهنة الحطاب لم تعد موجودة في بيئتنا، ونتذكر كيف كان الناس يستخدمون "الفاروعة" ولمن لا يعرفها فهي عبارة عن بلطة حادة جدا تستخدم للتحطيب، فإنّ من حقّك أن تطلق تلك التسمية على الناس الحاضرين كعادتهم للسّمر


ويبدو أن القوم يظهرون الحرص على بقاء النار مشتعلة، فلا تتوقف عملية "الوز" بصورة تلقائية من جميع الحاضرين، ودون توجيه؛ وذلك أنّ النار لها أهمية كبيرة في مورثنا الشعبي، وأنّ بقاءها مشتعلة يدل على كَرَم صاحب البيت وجُودِه، وعلى أنه دائم الاهتمام بقهوته، معنيٌّ بالمحافظة عليها؛ لتبقى عَطِرةً بالهيل، حاضرةً للضيوف و"المعازيب".


ومن هنا نرى أهمية النار، وما ترمز إليه من أشياء تختصّ بها حياتنا، وما يثيره منظر إشعالها، وارتفاع دخانها من جَسَامَة، سيما في الليل؛ لذلك حافظ بعضنا عليها لتظل مشتعلة في محيطه، أو في "حوش" الدار أو في الـ "fireplace "، ممن تفضل الله عليه بتلك النعمة..


لقد امتلك الأردنيّ حسّاً مرهفاً وذاكرة تتسع لتفاصيل الحياة وتقلّباتها، وكانت " القرامي" تشكّل له بوصلةً توجّهه صوب الطريق، وتمثّل له متنفَّساً يبث من خلاله آماله وهمومه، وإنْ تنوُّعت منازعها، واختلفت توجُّهاتها، كثرت أم قلّت تلك الهموم والآمال، لكنّ "القرامي" كانت على الدوام، تتسم بملامحها الممتلئة بالشجن والرِّقة والاشتياق والدفء، حتى كأن الاحتفاء بها بالماضي وأيامه الخوالي يعدُّ عادةً متَّبعة، لا تفارق السُّمار الحاضرين. فهي تعطي ولا تبخل، وتحترق كي يستدفأَ الآخرون.

فتجد هذا قاضٍ حطّاب، وذاك معلم حطّاب، وآخر ... وغيرهم ممن حضروا، فإذا أفلح المعلم في كسر جزء منها، هتف الحاضرون:" يا عميّ معلم حطب،

أما إذا كان المهندس من" فلق" جزءًا منها، قالوا مهندس حطب، وهكذا يستمر ويطول السّمر بين نار و" وزّ" حطب وتكسير قرمية ضخمة، وبعض من عمليات الشواء. ولا يعني الشواء بالضرورة " اللحوم والدجاج" فقد كان مفهوم الشواء أوسع منه اليوم؛ ليشمل البطاطا و"البيتنجان" ولربما، "كستنا" لمن استطاع وتوفرت لديه، وإبريق شاي وطباخ القهوة"

ويبدو أن القوم يظهرون الحرص على بقاء النار مشتعلة، فلا تتوقف عملية "الوز" بصورة تلقائية من جميع الحاضرين، ودون توجيه؛ وذلك أنّ النار لها أهمية كبيرة في مورثنا الشعبي، وأنّ بقاءها مشتعلة يدل على كَرَم صاحب البيت وجُودِه، وعلى أنه دائم الاهتمام بقهوته، معنيٌّ بالمحافظة عليها؛ لتبقى عَطِرةً بالهيل، حاضرةً للضيوف و"المعازيب".


ومن هنا نرى أهمية النار، وما ترمز إليه من أشياء تختصّ بها حياتنا، وما يثيره منظر إشعالها، وارتفاع دخانها من جَسَامَة، سيما في الليل؛ لذلك حافظ بعضنا عليها لتظل مشتعلة في محيطه، أو في "حوش" الدار أو في الـ "fireplace "، ممن تفضل الله عليه بتلك النعمة.
لقد امتلك الأردنيّ حسّاً مرهفاً وذاكرة تتسع لتفاصيل الحياة وتقلّباتها، وكانت " القرامي" تشكّل له بوصلةً توجّهه صوب الطريق، وتمثّل له متنفَّساً يبث من خلاله آماله وهمومه، وإنْ تنوُّعت منازعها، واختلفت توجُّهاتها، كثرت أم قلّت تلك الهموم والآمال، لكنّ "القرامي" كانت على الدوام، تتسم بملامحها الممتلئة بالشجن والرِّقة والاشتياق والدفء، حتى كأن الاحتفاء بها بالماضي وأيامه الخوالي يعدُّ عادةً متَّبعة، لا تفارق السُّمار الحاضرين. فهي تعطي ولا تبخل، وتحترق كي يستدفأَ الآخرون.
هذه القرمية، بعض منا ـ اليوم ـ يتناولها بفأسه، يمضي سيفه فيها، ويضربها بعنف، فيتطاير خشبها هنا وهناك، على ما اتّصفت به من العطاء والخيرية، وما زالت.

قرامي الأردنيين طيبةٌ أصيلةٌ، تجمعهم ولا تفرقهم، هي رمز وحدتهم، أخطأ البعض في التعامل معها أو قسا عليها، لكنها ظلت مرتبطة بالجماعة والدفء.

حمى الله قرامي البلاد، وحماك الله يا أردن.