شريط الأخبار
عاجل: الجيش الاردني يقتل مهربين ويصيب آخرين ويضبط عدد من الأسلحة والمواد المخدرة قادمة من سوريا جنوب إفريقيا تطلب من "العدل الدولية" انسحاب إسرائيل من غزة الإعلام الحكومي بغزة: آلاف الفلسطينيين في بيت حانون لم يصلهم طعام منذ أيام العسعس: الحكومة لن تقترض هذا العام فلسا واحدا التزامًا بتطبيق قانون الموازنة وقانون الدين أبو الغيط: قيام الدولة الفلسطينية مسألة وقت الملك يعود إلى أرض الوطن القادة العرب يعتمدون المبادرات البحرينية المقترحة في القمة العربية العدل الدولية تنظر بطلب جنوب أفريقيا ضمان وقف إسرائيل عملياتها في رفح لاعب منتخب التايكواندو الحلواني يودع بطولة آسيا العسعس: رفع التصنيف الإئتماني للأردن يعكس الثقة العالمية باقتصاده البيان الختامي للقمة العربية يدين عرقلة إسرائيل جهود وقف إطلاق النار "اتحاد القدم" يطلق الهوية البصرية والشعار الجديد للمنتخبات الوطنية %4 نسبة انخفاض معدل سعر البنزين أوكتان (90) عالميا وزير الخارجية البحريني يؤكد اعتماد القادة العرب مبادرات بلاده في القمة الحلواني يودع مبكرا .. وعمار والعداربة وأبو الرب يبحثون عن التعويض المقاومة تُدمّر دبابات "الميركافا" في جباليا ورفح.. وتلتحم مع قوات الاحتلال من نقطة صفر "جيش" الاحتلال يقرّ بإصابة 15 جندياً خلال الساعات الـ24 الماضية الملك يلتقي أمين عام الأمم المتحدة القوات المسلحة الأردنية تنفذ 3 إنزالات جوية لمساعدات على جنوب غزة بمشاركة دولية شاهد بالفيديو : كلمة الملك عبد الله الثاني في قمة المنامة : جلالته يؤكد على وقف الحرب وانهاء الصراع

وصية من رجل كريم

وصية من رجل كريم






عمان- القلعه نيوز - كتب محمد مناور العبادي
فجاة رحل رجل غير مسبوق في تفكيره وحياته ...صحيح انه تجاوز التسعين من العمر ، ولكن الصحيح ايضا انه قضى كل سنوات عمره يبحث عن اسعاد الفقراء والمساكين والمحتاجين في كل ارجاء المعمورة حين عمل خبيرا في الامم المتحده ، لسنوات طويلة قبل ان يتقاعد ويتخذ من عمان التي عشقها مركزا لنشاطاته في العمل الاجتماعي والتطوعي لخدمة الاخرين ومساعدتهم ونشر قيم المحبة والخير والتواصل بين الجميع من كل المنابت والاصول مستكملا مهمته الساميه في هيئة الامم المتحده كخبير دولي لتجويد حياة الشعوب الاقل فقرا والارتقاء بمستوى معيشتهم

انه الاستاذ الدكتور حفص عمر السقا

او حتى بعد تقاعده حين كرس . للامم المتحدة واصحاب الحاجات في الاردن وغزة ولبنان وليبيا والهند وسيريلانكا واليابان وبريطانيا والولايات المتحدة الامريكيه

د. حفص عمر السقا

زوجتي الحبيبة عبلة
أولادي الأعزاء عمر وعاهد ومروان
أخي الحبيب الغالي جواد أطال الله عمره
أحفادي وحفيداتي
وكل أهلي وأقاربي وأصدقائي
اللهم إني أعلم بأن الدنيا ليست بدار قرار وأن الأمل في البقاء فيها والركون إليها والاستمتاع بلذة العيش فيها، وأنها الجسر الذي يمر به الأحياء الى دارهم الأخرى، وكما يقول جبران خليل جبران: "إنما الناس سطور كتبت لكن بماء"، وأتمثل قول أبي العلاء:

ضجعة الموت رقدة يستريح الجسم فيها والعيش مثل السهاد.

ولذا أرجوكم أن لا تفجعوا لموتي فالموت حق وهو مصير كل حي، ومهما طال الزمن فلابد أن يأت اليوم الذي نفارق فيه هذه
الدنيا الفانية , وأنا أرجوكم عندما تحين ساعة الف ارق أن ال تبكوا علي وال تقيموا ليالي العزاء أو أياما للحداد, فأنا ال أحب أن يبكي علي أحد , لا ينعيني مادح أو نائح ولا تذكروا اسمي في الصحف ولا تقيموا الولائم ولا تقبلوا وليمة من أحد, ومن يريد إقامة وليمة فليقمها للفقراء والمساكين.
لقد عشت طيلة عمري أعمل وأجهد من أجل جعل حياة اآلخرين حلوة جميلة , ولذلك أرجوكم أن تعيشوا حياتكم العادية بكل سرور ومرح وسعادة , وإذا كنتم مدعوين الى حفلة زفاف فأرجوكم أن تذهبوا ولا تعتذروا,
اذهبوا وشاركوا وافرحوا وغنوا وارقصوا واعلموا بأني معكم أشارككم هذه األفراح وأبادلكم الابتسامات, ولكني وقد أحببت الحياة فأنا لا أجزع من الموت بل إنني أهزأ به , لقد كانت حياتي فصال مسرحيا وأنا أقول للموت إنك ال تستطيع أن تفرق بيننا , وإذا لم يكن من الموت بد فمن العار أن أموت جبانا ولا أحب أن أموت محزونا وال أحب أن أسبب الحزن إلي انسان.

أرجوكم لا حداد ولا بكاء ولا عزاء, عيشوا حياتكم العادية ودعوها تسير كما هي لا تغيروا شيئا من برامجكم, ولا تلبسوا الملابس السوداء , افرحوا وارقصوا وغنوا وأقيموا الحفلات والسهرات ولا تعتذروا عن أي دعوة من دعوات الزفاف والأفراح, كونوا دائما فرحين كأن شيئا لم يحدث.
لا أريد أن يخرج في جنازتي أحد ولا أريد أن يحضر أي شخص من الخارج لتلقي العزاء, أرجوكم لا حداد ولا عزاء وإنني أستعير ما قاله عمرو بن العاص لبنيه :

إن مت فلا تبكوا علي ولا ينعاني مادح ولا نائح

أحب أن يكون موتي مصدرًا للفرح بدلاً من البكاء فالدنيا كلها لا تعادل دمعة واحدة من دموعكم الغالية.
اغتنموا فرصة وجودكم والأيام الباقية لكم في هذه الدنيا لتنعموا بها ولتضحكوا الى أن يحين الأجل فيرجع كل منكم الى الدار الآخرة وقد قضيتم شهواتكم من هذا الوجود.
وأنا لا أحب أن يزورني أحد بعد دفني ولا تحسبوا أن القبر يضمني ولكن أينما التفتم وجدتموني في البيت
وفي الطريق وفي النادي وفي غرفتي في مكتبي, في غزة في عمان في ليبيا في لبنان في الهند في سيريلانكا في اليابان في لندن في واشنطن في هذا العالم الواسع كله.
وإذا سألكم سائل أين حفص ؟ قولوا له فارق هذه الحياة وهو يشكر لكم ما لقيه منكم من الود واللطف ويرجوكم أن ترأفوا بأنفسكم وأن تنسوه.
لقد حاولت طيلة حياتي أن أعيش انسانا عاديا , وحاولت أن أعيش سعيدا طيلة حياتي, وقد عشت حلاوة الحياة وذقت مرارتها . وحاربت الشقاء والنكد وكثيراً ما انتصرت عليه وهذه نعمة أنعم الله بها علي لقد كنت بسيطا متواضعا في حياتي ولذلك أرجو أن أكون بسيطا متواضعا في مماتي.
إن كل ما فعلته في حياتي هو أداء واجبي نحو أهلي ووطني وقد كنت دائما تصيرا للفقراء والبؤساء والمعذبين في الأرض وجاهدت وحاولت اسعاد الآخرين ومساعدتهم بقدر ما أستطيع .
وإذا لم أحقق كل ما أصبو إليه فيكفيني أنني حاولت. .
ّأو يبكي علي
ّ

لا أريد أحدا أن يحزن علي لا تحملوني الى الثرى صامتين

بل أريدكم أن تغنوا كما قال العقاد : إذا شيعوني يوم تقضى منيتي وقالوا أراح الله ذاك المعذبا
فلا تحملوني صامتين إلى الثرى فإني أخاف القبر ان يتهيبا وغنوا فإن الموت كأس شهية وما زال يحلو أن يغنى ويشربا ولا
تتذكروني بالبكاء وإنما أعيدوا على سمعي القصيد فأطربا، وإنني أرجو أن يحمل نعشي أربعة أشخاص غرباء , ثم يهيلون التراب على جثماني وينتهي كل شيء وكأن أمراً لم يكن.

وصيتي أن أموت بهدوء وإني كما جئت وحيدا الى هذا العالم فإنني أريد أن أرحل منه وحيدا وبهدوء أيضا.
لقد كانت حياتي حافلة بالعمل الشاق والمتعة أحيانا وإني أشعر الآن وكأني ما زلت واقفا على شط بحرغزة المتلاطم الأمواج وكأن هناك بداية لا تنتهي قط وكأن النهاية لا وجود لها.
أعتقد بأني كنت دائما مهذبا في القول شرسا في الحق لومة الئم, ولم أكن دكتاتورا وال متصلبا في رأيي.
لقد علمتني الحياة الكثير فقد علمتني أن الجميع يريد العيش في قمة الجبل غير مدركين بأن سر الحياة تكمن في تسلقه . كما علمتني أيضا بأن المولود الصغير عندما يشد على أصبع والده للمرة الأولى فهذا يعني أنه أسلك به الى الأبد. ولقد تعلمت أيضا أن االنسان يحق له أن ينظر من فوق الى الآخر فقط حين يحب أن يساعده على الوقوف. وتعلمت أيضا أن أعتمد في حياتي لا على الحظ ولا على والدي بل على ساعدي وعلى نفسي ويدي فهما اللتان وحدهما وبمفردهما اللتان حققتا لي النجاحات التي حصلت عليها.
لقد كنت طيلة حياتي أحب الناس كل الناس وكنت أرى الجمال والخير في وجوههم . وكنت أنظر إلى الشمس فأرى خيوطها الذهبية الراقصة في جو السماء وكنت أنظر إلى القمر فأرى فيه جمال هذه الدنيا وأرى أشعته الذهبية الجميلة , وكنت أسمع خرير المياه فأسمع مناجاتها , وكنت أنظر إلى الشجر فأسمع حفيف الأوراق وأستمتع بأصواتها الجميلة , وكنت أنظر إلى الطيور فأطرب لزقزقتها وأغانيها الحلوة ..
ثم كنت أخلو الى نفسي وأستمع الى تلك الموسيقى الكلاسيكية الرائعة التي أبدعها للإنسانية جمعاء بيتهوفن وتشايكوفسكي وباخ وموزارت وشوبان، ثم أسلم نفسي بعد ذلك الى كتاب من كتب أدبائنا العظام: طه حسين أو المنفلوطي أو العقاد أو توفيق الحكيم أو الى ديوان المتنبي أو البحتري أو أبي تمام أو أحمد شوقي فيخيل إلي بأنني انتقلت من هذا العالم الذي أنا فيه الى عالم آخر, عالم أشعر فيه بالسعادة والرضى, عالم أنسى فيه آالمه ومتاعبه, وينسى فيه االنسان نفسه , وإن الحياة كما يقول المثل كما تعملها :

Life is what you make it

لقد وصلت الآن الى قمة هرم الحياة والآن بدأت بالانحدار, وكل ما أرجوه أن أهبط بهدوء وسكون، سلام عليك أيها الماضي, سواء كانت أيامك جميلة أو تعيسة فقد كنت أطير في أجوائك غاديا رائحا لا أشكو ولا أتألم ولا أتضجر بل كنت أعرف بأن هذا العالم مليئ بالهموم والآلام , ويكفي أن فيه اسرائيل التي تخلق لنا في كل يوم مصيبة بل مصائب كثيرة لا يعلمها إلا الله. وعلى كل حال فقد قبلت هذا العمر الطويل قبولاً حسنا وتعايشت معه عيشة راضية , واحتملت أعباء الحياة وأثقالها وأنا أعالج فيه آلامي وهمومي بصدر رحب وصبر جميل.

سلام عليك أيها العمر الذي مضى , سلام على دوحتك الغناء وحتى سلام على أيامك السود التي خلفتها لنا اسرائيل الظالمة المعتدية والمجتمع الغربي ينظر ويتفرج علينا وعلى ما نقاسيه من مصائب وآلام ولاُ يحرك ساكنا.
ولن أبكي حياتي الماضية، ولن أبكي عهد الشباب ولو أنني لم أتمتع فيه بلهو الشباب ولم أذق فيه العيش الرغيد والهواء البارد اللذيذ كما يذوقه المترفون، بل أنني عشت مرحلة الشباب ولم أر في سمائها نجم الأمل المعا متألأل يؤنسني منظره وينقل إلى اعماق قلبي شعاعه المتوهج, ومع ذلك فبروح التفاؤل والأمل خلقت لنفسي في تلك الأيام الموحشة المظلمة جنة وافرة الظلال وجعلت نفسي تعيش في فردوس من النعيم المقيم.
وداعا لعهد الشباب فبوداعك ودعت الحياة الجميلة , وما الحياة إلا تلك الخفقات التي يخفقها القلب في مطلع العمر فإن هدأت هذا كل شيء. يقول الشاعر االنجليزي بيرون : "كن كما تحب أن تكون " , أي الإنسان يساوي ما يحبه في القيم الأخلاقية أو الجمالية.
أما اليوم وقد بدأت أنحدر من قمة الحياة الى جانبها الآخر فقد احتجب عني كل شيء ولم يبق بين يدي ما أفكر فيه إلا أن اعد عدتي لتلك الساعة التي أنحدر فيها الى النهاية , وأستعير مما قاله الشاعر سميح القاسم :
ينبغي أن أكون واقعيا بدنو الأجل دونما هلع أو وجل
ينبغي أن أواجه موتي ... أجل بحساب رصين
يعلم الله أني قضيت حياتي راضيا برضاه باذلا ما أستطيع لشعبي وأهلي وكل البشر وكنت زوجا محبا وكنت أبا حانيا
راضيا بالقضاء ومنسجما مع شأن القدر
لم أسئ لأحد ولم أطأطئ جبيني لظالم
سأموت أجل سأموت
إنما .... لا أموت

غزة وعمان تذكرني والبيوت
فلأكن واقعيا إذا .... سأموت
لقد مضى عهد الشباب وبدأت أختلف الى الأطباء والى المستشفيات والمختبرات والى أطباء العيون والأسنان وأطباء السمع والقلب والمعدة والأمعاء والعظام.

أخي الحبيب اسحق وشقيقتي العزيزتين حفصة ورفقة وكثيراً من
ّلقد نعى الناعون إلي أصحابي, ورأيت أصدقائي الذين نشأت معهم وقد تغيرت وجوههم فأنكرت استحالة أحوالهم واغتبار وجوههم وبياض شعورهم وعلمت بانهم ينكرون مني ما أنكره منهم, ودعا الداعون لي بطول البقاء وحسن الختام والمرح والسرور.
قليلون جدا هم الذين يخططون لمستقبلهم بوضوح شديد, وأكثر الناس مثلي يعيشون على باب الله مثل ما تيجي تيجي ... وهللا اللي ير يده بيصير ... خليها على الله ... وتوكل على الله.
وأنا واحد من عباد الله الذين لم يكن عنده طموح ولم أخطط لمستقبلي .. وإذا سألني أحدهم هل عملت خطة لمستقبل حياتك عندما تقاعدت؟ كان جوابي هل القدر طوع أمري وهل معي مصباح علاء الدين يقول لي شبيك لبيك أنا بين يديك ؟؟
لقد كان أملي, ولا يزال متواضعا جدا وهو أن يكون لدي المال الكافي لشراء ما أحتاجه انا وعائلتي من الأكل ودفع فواتير الأطباء والأدوية والكهرباء والماء والهاتف, وأهم شيء أن أقرأ وإذا قرأت أن افهم وأن أقضي بقية أيامي لا أكون فيها عالة على أحد , وأسأل الله حسن الختام. هذا هو كل أملي في انتظار أيامي الأخيرة.
لقد أصبح مستقبلي ماضيا وغدا سيصبح أمس لا رجعة له إلى الأبد والحمد لله أنني أموت اليوم عزيزا ولا موت غدا ذليلاً.
لقد نصحني الناصحون بالإقتصاد والتدبير وكأنهم يقولون لي أنك موشك أن ترحل فكن سمحا كريما , عفوا غفورا لا تبغض أحدا ولا تحقد على أحد ولا تقابل ذنبا بعقوبة, ولا إساءة بمثلها.
لقد أخذت أتحدث عن الماضي أكثر مما أتحدث عن الحاضر وذكرت تلك الجلسات التي كنت أجلسها مع أبي وأمي وأخوتي الأعزاء, حقا إن الشبيبة أجمل من الشيخوخة, لقد رثيت تلك الأيام الجميلة الحلوة اللذيذة.
لقد كنت أنعم في صباي بكثير من الملاذ الوهمية فكنت أجد في نفسي غبطة عظيمة حين أجلس لمطالعة قصة ألف ليلة وليلة أو حروب عنترة وقد كان كل ما أفكر فيه أن أجد لي فتاة ممتازة تقبلني أن أكون زوجا لها وأن أشيد لي بيتا صغيرا متواضعا جميلاً أعيش فيه أنا وزوجتي عيشة السعداء الآمنين المطمئنين,

فأصبح الآن كل ما أفكر فيه أن أجد مكانا يضم رفاتي, وأصبحت الآن لا أدهش لبلاغة أديب أو خطيب وبراعة شاعر ولا أدهش لشيء ولا أعجب من أي شيء لأن نفسي قد صدئت.
نعم العمر قصير ولكن خير الناس من يجاهد في سبيل بلاده ويعمل لخيرها ويساعد أبناءها فهذه هي الوصية الحقيقية التي أرجو أن تنبعث في قلوب كل المواطنين حتى يخرج منهم رجال عظام يعيدون إليها رفعتها , ومواطنون لا يسأل الواحد منهم ما الذي أعطته له بلده ولكن ما الذي أعطاه هو لها.
إني أجاهر بأعلى صوتي بأن أكرم يوم في حياتي هو يوم أموت فيه لأجل رفعة بلادي وفي سبيل سعادتها.
والآن هذه تحية وداع الى زوجتي الحبيبة عبلة التي تحملتني أكثر من نصف قرن:
حبيبتي عبلة, لو كنت أعرف بان هذه هي المرة الأخيرة التي أراك فيها لكنت ضممتك بشدة بين أذرعي وتضرعت الى الله أن يجعلني حارسا لروحك الطاهرة , ولو كنت أعرف أن هذه هي الدقائق الأخيرة التي أراك فيها لقلت أحبك حبا لم يعرف أحد مثله لا قبلي ولن يعرفه أحد بعدي.
إنني أجلس الآن فأذكر يا عبلة تلك الأيام التي قضيناها معا وتلك السعادة التي كنا نجني ثمارها ونطير في سمائها بأجنحة من الآمال والأحلام فأندبها وأبكي عليها وأحن إليها حنين الليل الى مطلع الفجر.
وقبل أن أنهي هذه الكلمة أود أن أقول : لقد جئت الى هذه الدنيا فقيرا وسوف أمضي عنها فقيرا فلم أخلف لأولادي أي شيء من متاع هذه الدنيا .. لا دار ولا مال ولا مزرعة ولا شركة ولا شيء مما يفكك
العائلات والأبناء, فلا خلاف على الإرث والطمع هو الذي يفرق بين أفراد العائلة، ولكني أعتقد بأني خلفت لهم ما هو أهم كثيرا من المال وهو التربية الصالحة والعلم الجيد والخلق الرضي وحب الآخرين ومساعدة الفقراء والمحتاجين وهذا في رأيي أهم من كنوز الدنيا ولو انني واثق بأن الكثيرين لا يوافقونني على هذا الرأي.
أولادي الأعزاء ربما لا تلاقوا في حياة أبوكم شينا تفتخرون به ، . ولكن بالتأكيد سوف لا تلاقوا في حياته شيئا تخجلون منه.
اهلي واحبتي وأصدقائي وكل الناس :
أعتقد بأننا سوف نندم على أيام النكد, الأبام التي لم نجد فيها الوقت للضحك والابتسامة وخدمة الآخرين.
إنني أهمس في أذانكم جميعا
سامحوني ... سامحوني

سامحوني من فضلكم وإنني أعتذر لكم عن تقصيري وعن أي إساءة لأي واحد منكم كبيرًا أو صغيرا.
إنني غير آسف على الموت يوم يأتي إنني أنتظره لأن الموت غاية كل حي, والله يعلم أني ما شككت يوما من الأيام في آيات الله وكتبه , ولا في ملائكته ورسله , ولا أذعنت لسلطان غير سلطانه.
اللهم إنك منحتني حظي من الحياة فلا تمنعني حظي من الموت الهادئ إنك بعبادك رؤوف رحيم.