
هيام سلوم
عند رفع سماعة الهاتف نقول "ألو" حتى صارة مسلمة ممتزجة النطق والتحية والاستعلام في جميع تقنيات التواصل من الهاتف الذي تم تسميته على اسم
مارغريت هيللو حبيبة مخترع الهاتف "غراهام بل" فقد كانت الكلمة الأولى التي رددها غراهام بعد اختراعه الهاتف في أول تجربة لاختراعه وهو الاسم الثاني لحبيبته مارغريت "Hello" التي درج استخدامها منذ ذلك الحين كافتتاحية لأي مكالمة هاتفية في كل أنحاء العالم .
هنا تكمن أول أسرار تعابير تقنية الحب فقد ثبت غراهام نموذج تقني عن الحب الحديث فرض ترديد اسم حبيبته على كل لسان عبر الزمن فيما يمكن تسميته بفن الحبّ الأبدي .
الحب تلك المفردة المختزلة بحرفين تضم تاريخ العالم الحي بين طياتها .فكانت
أول خيوط للحب عرفتها قد غزلت في حضن أبي حين افتقده عندما يذهب في الصباح ولا يعود الإ عند حلول العتم .
تدرجت صفحات الذكريات في الحب عندما كنت أحصل على علامة كاملة في الامتحان وأرى لمعة الفرح في عيون أمي الطيبة وهي تضمني الى صدرها الحنون.
في الصفوف الابتدائية كان رفيقي في الصف كلما سقط قلمي عن المقعد يسارع ليناولني إياه بابتسامة جميلة ورسالة معبرة لم افهمها إلا بعد أن تعملقت بدراسة فن رسائل العشق الإنسانية وأساليبها التلقائية فما زلت أذكر وشوشته في إذني عندما نلعب لعبة التخباية فقد كان يتطوع إعلامي المكان الذي يختبىء فيه حتى أفوز .
رضعت عشق سوريا منذ طفولتي أستذكر أغنية سوريا ياحبيبتي التي كنت أرددها في احتفالاتنا المدرسية التي أحببتها مع معاهدنا وملاعبنا وساحلنا الجميل الذي احتضن أكبر جامعة في الشرق الأوسط تهفو إليها القلوب يرتادها الطلاب من كل أصقاع العالم العربي خصوصاً دول الخليج.
كانت تغمرني سعادة كبيرة وأنا أرى أرتالا لا تنتهي من الجامعيات الجدد مع بداية كل عام كلوحة ثابتة راسخة عن هوية سوريا العلم والأدب والثقافة والحرية والحضارة التي لا يمكن خنقها مهما حصل بمتاريس إجرام أجوف أو ريح أصفر .
في جامعة تشرين أكبر جامعات الشرق الأوسط التي كنت أراها اجمل صبية في عالم الأنسنة .
أتذكر أول نسائم عليل الهوى قد لا عبت رأسي هناك حينما فوجئت وأرتبكت عند مباغتتي من أحد رفاقي الجامعيين بباقة ورد لتغيبي ثلاثة أيام عن الجامعة لعارض صحي استقبلني بابتسامة ودودة وقد عصف الحنان وربما دفقت العاطفة بأوصالي حينما علمت أنه صور لي المحاضرات التي غبتها وأخذ يشرح بعضها بشهامة زميل لم يختبأ خلف صهيل المشاعر الصاخب .
ذكريات تركت أثارها المغروسة تطورت حتى التقيت رفيق عمري الأديب كريم الشيباني الصحفي الثائر والمعارض الوطني و الدبلوماسي المحنك الذي علمني معنى الوعي السياسي وغرس بين أوصالي حب الوطن وخدمة المجتمع .اجتاحني بفكره وشخصيته التي أسرتني حتى تتوج بالزواج والأسرة التي أثمرت زينب وكريم
في أول لقائاتنا أهداني محفظة مليئة بالمقالات الصحفية والشعريه خطها بيده لتثمر ثلاثة كتب اختلفت عناوينها وتبعها أربعة عشر كتاباً بالسياسية والأدب والشعر والإعلام والمجتمع والتي توحدت تحت يافطة حب الله والوطن والمجتمع .
تجلي حبي للحياة في البشر والشجر في البيئة المنزلية والريف وشط اللاذقية وجبلة الأجمل تجلى الحب في سوريتي بسنديانها وغاباتها ووديانها وسهولها وجبالها وصوت الميجنا والعتابا ورائحة خبز التنور وغناء فلاحيها وهم يقطفون ثمار محاصيلهم مع الفجر على صوت الحساسين .
في محاضرة كانت الأخيرة في عهد نظام الأسد ألقيتها في المركز الثقافي في بيت ياشوط تلك قريتي الأجمل وحبي الذي لا تحده حدود ولا يتقوقع تحت عنوان قريتي حيث الوعي والشعر والأدب والثقافة والعلم والدين والسماء والإنسان وسبل الحضارة والخير العام .
أستذكر تلك القامة الشامخة بوجه مبتسم التي قاربت الثمانين وأصرت على حضور محاضرتي وأضفت جمالاً وغنىً ،لحظات حب جمعتني بأعز الناس من أصدقاء وأقارب وجيران .حتى دالية العنب التي تعطي عناقيدها بلا مقابل وشجرة التين والليمون كان لي معهم قصة عشق برفقة فنجان قهوتي وسلوتي.
كلها ذكريات شغف خالد تجلت كلوحة من الجمال متكاملة بأبدع الألوان لا يمكن لرصاص القتلة وشذاذ الآفاق من طمس حضارة عمرها آلاف السنين وبوابة بحر ظل على طول التاريخ وصلا للعالمين.
لن ولن أنسى سوريا الحب والجمال والحضارة والإنسانية التي ستبقى عصية على القتلة والمجرمون ممن استباح أرواح أبرياء أطفال وشيوخ ونساء وشباب بتبريرات شنعاء غبية لن تطمس آثار جرائم شاهدها العالم واهتز لها ضمير الإنسان بكل مكان .
كتب العالم قصة نهوض سوريا من جديد كحضارة إنسانية خالدة من رحم حضارات لا يمكن أن توأد بفكر متحجر مقيت كاره للحب والحياة .