
موسى زيد الكيلاني رمز إعلامي، وأكاديمي، ودبلوماسي.
القلعة نيوز:
كتب ووثق تحسين أحمد التل: بدأت علاقتي الإعلامية بالدبلوماسي والإعلامي الدكتور موسى الكيلاني من خلال ندوة سياسية عُقدت في فندق الماريوت بعمان، عام (2011)، وكان الدكتور الكيلاني حينها هو المسؤول عن إدارة الجلسة، وكانت لي مداخلة سياسية لفتت نظر الدكتور موسى، وأعجب جداً بمداخلتي، بدليل أنه بعد انتهاء الندوة التقينا أنا وهو على طاولة العشاء في الفندق.
بعد أن انتهينا من العشاء، طلب الى الجرسون أن يحضر لنا فنجانين من القهوة، وكان يرغب بالتعرف علي أكثر، ولا أخفيكم فقد كنت معجب بشخصيته وطريقة إدارته للحوار، وما كان عندي معرفة مسبقة بعطوفته، إلا بعد أن تحدثنا حتى تجاوزت الساعة الواحدة بعد منتصف الليل، فاعتذرت منه، لأنني أريد المغادرة، وأكدت له أن اللقاء الحالي سيتبعه لقاءات بإذن الله تعالى، وغادرت الى إربد على أمل أن نجتمع مرة أخرى.
بعد أقل من شهر كان هناك مؤتمر في عمان دُعيت إليه كمشارك، وكان من بين الحضور الدكتور موسى زيد الكيلاني، وكانت له مداخلة سياسية رائعة، فهو إستاذ بكل ما يختص بالدبلوماسية، أو بالإعلام، أو بالسياسة، ولو تحدث بالشأن الأكاديمي فهو فارس من فرسان الأدب والثقافة والعلم، وبناءً على مداخلته؛ قمت بعمل مداخلة أثنيت على ما تلطف به الدكتور الكيلاني، وكان لي موقف مؤيد للدكتور.
للمرة الثالثة؛ التقينا ضمن مؤتمر سياسي في أحد الفنادق بعمان، وتحدثنا مطولاً، وأكد لي على أنه يجب أن نؤطر لقاءاتنا ضمن تجمع سياسي، أو حزبي، ونقدم محاضرات، وندوات فكرية، وسياسية، وإعلامية تدعم توجهات القيادة الأردنية، ودور الأردن الكبير في المنطقة العربية والدولية.
بعد مجموعة من اللقاءات السياسية والإعلامية، صرنا نتوجه الى اجتماعاتنا ودعواتنا بسيارتي، أو بسيارته وكانت من نوع (bmw)، حتى نتحدث، وننسق كلماتنا، أو مداخلاتنا، عندما كانت بعض الندوات السياسية يقوم هو بإدارتها، وأذكر أن واحدة من الندوات التقينا فيها بعدد من رؤساء الحكومات، ووزراء، وأعيان، ونواب، كانوا في طريقهم لتشكيل حزب سياسي لخوض الإنتخابات النيابية في دورة من الدورات الإنتخابية، وقدم الحزب خطة لتشكيل حكومة حزبية فيما لو فاز أعضاء التكتل بمقاعد نيابية، لكن للأسف فاز الحزب (تحت التأسيس) بمقعد واحد فقط، وهذا اعتبرناه إعلان فشل الحزب، وعجزه عن تحشيد الأصوات التي تؤهله للفوز بعدد كبير من المقاعد...
حدثني خلال اجتماع دار بيننا في بيت صديق مشترك أنه عندما كان يعمل سفيراً للأردن في السودان، دعا (الرئيس المؤمن)؟ جعفر النميري سفراء عرب وأجانب للإعلان أمامهم عن التخلص من المشروبات الكحولية، ودخول السودان في عهد جديد خالٍ من المنكرات والمسكرات، وبدؤوا برمي صناديق المشروبات في النيل؛ حتى تخلصوا من مئات الصناديق التي تحتوي على الكحول.
كان يداعبني رحمه الله بالقول أنه لو شكل حكومة سيأتي بي وزيراً للإعلام، أو رئيساً لكل مؤسسات الإعلام في الأردن: المطبوعات والنشر، المرئي والمسموع، وغيرها من المؤسسات الإعلامية، وكانت نظرته بعيدة فيما يتعلق بالإعلام الأردني، ورغبته أن يضمها في هيئة واحدة، بدلاً من مجموعة هيئات وإدارات تعمل بشكل منفرد، كان يؤمن (رحمه الله) بدور المواقع الإخبارية بعد تراجع الصحف التقليدية الأردنية والعربية، مقابل ظهور إعلام رقمي جديد، قادر على إيصال المعلومة بأسرع من البرق.
انتقل عام (2019) الى رحمته تعالى، وكانت وفاته مفاجأة بالنسبة لي، ولغيري بطبيعة الحال، عندها لم أفقد صديق، وإعلامي، ورجل دولة، ورمزاً من رموز الإعلام السياسي الأردني، إنما فقدت أخاً كبيراً، ومعلماً، وأستاذاً أضاف الكثير للمشهد السياسي، والإعلامي، والأكاديمي، والدبلوماسي، خلال فترات مفصلية في عمر الدولة الأردنية تقلد فيها مناصب، وترك بصمات وطنية.
السيرة الذاتية للدكتور موسى زيد الكيلاني (1939 - 2019).
أول ظهور لعائلة الكيلاني في السلط، كان عام (1850)، حيث كان جده أحد مشايخ السلط، وبطبيعة الحال تكونت أسرة الكيلاني من الجد والأب والأبناء ضمن إطار ديني ملتزم، حيث تلقى جده العلم في الأزهر الشريف، وبعد التخرج عمل الشيخ مصطفى الكيلاني مفتياً للسلط، وكان بقية الرجال من أسرة الكيلاني أساتذة علم، وأئمة مساجد، وأصحاب دور لتعليم القرآن الكريم.
درس موسى زيد الكيلاني جميع مراحله التعليمية الأولى في السلط، ثم سافر الى بغداد ليدرس ويتخرج في جامعة بغداد عام (1960)، ويحمل درجة البكالوريوس لغة إنجليزية، حصل على ماجستير في النقد والأدب الإنجليزي - جامعة القاهرة، عام (1968)، والدكتوراة الأولى تخصص (رأي عام) في الجامعة الأمريكية بواشنطن، عام (1985)، والدكتوراة الثانية - آداب في جامعة القاهرة بدرجة الشرف، عام (1988).
تولى الدكتور موسى الكيلاني الوظائف والمناصب التالية خلال عمله السياسي، والدبلوماسي، والإداري:
عمل الكيلاني سكرتير أول في السفارة الأردنية - جمهورية مصر العربية، القاهرة، عام (1965).
عمل أيضاً سكرتير أول - السفارة الأردنية في المملكة المتحدة - لندن، عام (1970).
مدير عام وكالة الأنباء الأردنية - (بترا)، عام (1972).
مدير عام إذاعة المملكة الاردنية الهاشمية، عام (1973).
سفير المملكة الأردنية الهاشمية في مملكة البحرين، عام (1975).
سفير المملكة الأردنية الهاشمية في السودان، عام (1978).
محاضر في قسم اللغة الإنجليزية - كلية الآداب - الجامعة الأردنية، عام (1981).
محاضر في الرأي العام والإعلام، طلاب دبلوم الدراسات العليا في الجامعة الأردنية، عام (1983).
رئيس التحرير المسؤول في جريدة الدستور اليومية، عام (1990).
رئيس التحرير المسؤول في جريدة الأردن الأسبوعية، عام (1995 ولغاية 2014).
يُذكر أن الدكتور موسى الكيلاني له من الأشقاء:
- الفريق محمد رسول الكيلاني (1933 - 2003): مدير المخابرات العامة السابق، وزير الداخلية فترة السبعينات، وعضواً في مجلس الأعيان حتى وفاته.
- الدكتور ابراهيم زيد الكيلاني (1937 - 2013)، مفكر إسلامي، ووزير أوقاف سابق، وعضواً في مجمع اللغة العربية.
توفي السفير السابق، الصديق والأخ الكبير، الدكتور موسى زيد الكيلاني عام (2019) عن عمر ناهز ثمانين سنة، ألف رحمة ونور على روحه الطاهرة.