شريط الأخبار
القضاة يشارك في حفل استقبال السفراء وممثلي البعثات الدبلوماسية المعتمدين لدى سوريا مدرب العراق: الأردن فريق قوي وجاهزون للمباراة بن غفير يجدد التهديد بهدم قبر الشيخ عز الدين القسام مقتل أردني على يد ابنه في أمريكا .. والشرطة توجه تهمة القتل العمد روسيا تسجل انخفاضًا جديدًا في عائدات النفط إغلاق طريق الكرك- وادي الموجب لوجود انهيارات القضاة يستقبل مدير شؤون الأونروا و رئيسة البعثة الفنلندية في سوريا وزير الخارجية الصيني يزور الأردن والإمارات والسعودية وزير المالية يلقي رد الحكومة على مناقشات النواب لمشروع قانون الموازنة العامة للسنة المالية 2026 مجلس النواب يُقر بالأغلبية مشروع قانون الموازنة العامة للسنة المالية 2026 رئيس الوزراء يؤكّد التزام الحكومة بالعمل مع مجلس النوَّاب في جميع مراحل تنفيذ الموازنة واستمرارها في نهجها القائم على الشفافيَّة والتَّعاون والانفتاح على جميع الآراء والمقترحات الصفدي يلتقي نظيره الإماراتي لبحث التعاون والقضايا الإقليمية الأرصاد: الأمطار تتركز الليلة على المناطق الوسطى والجنوبية القيسي: آن الأوان لعدالة حقيقية بين شرق وغرب عمّان استقالة رئيس وزراء بلغاريا وسط احتجاجات واسعة كلية الزراعة التكنولوجية في جامعة البلقاء التطبيقية تنظم اليوم العلمي للزراعة العضوية عشرات المستوطنين يقتحمون باحات المسجد الأقصى والجيش يقتحم مناطق بالضفه ترامب يعتزم تعيين جنرال أمريكي لقيادة قوة أمنية في غزة النائب رانيا أبو رمان: تدعو الحكومة لزيادة رواتب الموظفين وحماية المتقاعدين من العوز العوايشة: موازنة 2026 لم تحقق جديدا والفقر والبطالة مستمران

غرايبة تكتب : "الدبلوماسية الأردنية" قراءة اجتماعية فلسفية في خطاب وزير الخارجية أيمن الصفدي

غرايبة تكتب : الدبلوماسية الأردنية قراءة اجتماعية فلسفية في خطاب وزير الخارجية أيمن الصفدي
د .زهور غرايبة
يشكّل الخطاب السياسي الأردني، في لحظاته المفصلية، نافذة لفهم كيفية تفاعل دولة صغيرة المساحة محورية التأثير مع بيئتها الإقليمية والدولية، إن خطاب وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، الذي يتكرر في المحافل الدولية والإقليمية، يمثل حالة خاصة من التعبير السياسي الذي يوازن بين ثقل الجغرافيا السياسية والشرعية الرمزية التي اكتسبها الأردن عبر تاريخه، ومن هنا تنبع أهمية تحليل هذا الخطاب من خلال أدوات التحليل الاجتماعي للغة والسياسة، لفهم كيف تتحول الكلمات إلى ممارسة قادرة على إنتاج القوة وإعادة ترتيب العلاقات بين الفاعلين.
فالخطاب الدبلوماسي لا يُختزل في محتواه المعلن، إذ يعمل في إطار أوسع ينتج أنظمة معرفة تحدد ما يمكن قوله وما يتعذر قوله في المجال السياسي. في حالة الصفدي، فإن تكراره لمفردات مثل "الشرعية الدولية"، "السلام العادل"، و"الوصاية الهاشمية" لا يقتصر على وصف مواقف الأردن، وإنما يسهم في صياغة حدود النقاش الدولي، وهو بذلك يرسّخ دور الأردن باعتباره طرفًا يملك شرعية خاصة، تستند إلى موقعه الجغرافي ورصيده المتعلق بالصراع.
اللغة هنا ليست أداة محايدة، وإنما ساحة صراع رمزي على من يمتلك حق تعريف الواقع، فعندما يستخدم الصفدي لغة مشحونة بالقيم الأخلاقية مثل "العدل" و"الشرعية"، فإنه لا يخاطب الحكومات فقط، إنما يوجّه رسائل إلى الرأي العام العربي والدولي أيضًا، وبهذا تتحول اللغة إلى رأسمال رمزي يُستثمر في تعزيز صورة الأردن كفاعل مسؤول ووسيط ضروري في المنطقة، وفي الوقت ذاته يظهر الخطاب كعملية توازن دقيقة بين التعبير عن الاستقلالية السياسية والتأكيد على الحاجة إلى الدعم الدولي، ما يعكس إدراكًا عميقًا لمحدودية القوة المادية وضرورة تحويل الرمزية السياسية إلى أداة ضغط دبلوماسي.
غير أن الخطاب لا يتوجه إلى الخارج وحده، فهو محمّل برسائل موجهة إلى الداخل الأردني كذلك، فعندما يؤكد الصفدي على "الثوابت الأردنية" و"الدور التاريخي"، فإنه يعيد إنتاج حالة من التماسك الوطني تمنح النظام السياسي شرعية داخلية، وفي المقابل، فإن مخاطبة الخارج بمفردات القانون الدولي والشرعية تعكس وعيًا مزدوجًا: خطاب يطمئن الداخل ويحشد الدعم الشعبي، وخطاب آخر يُترجم بلغة دبلوماسية مقبولة لدى الشركاء الدوليين، ومن هنا يصبح الخطاب أداة تواصل تعمل في اتجاهين متوازيين يلتقيان عند هدف واحد هو الحفاظ على مكانة الأردن كفاعل لا يمكن تجاوزه.
وعند قراءة دقيقة للخطاب تتضح مستويات مضمرَة لا تقل أهمية عن الكلمات المباشرة، فالحديث عن "الحل النهائي" أو "السلام العادل" يخفي قلقًا وجوديًا من محاولات إقصاء الأردن عن مستقبل القضية الفلسطينية أو تقليص دوره في إدارة المقدسات في القدس، في هذا السياق يعمل الخطاب كوسيلة لإعادة التأكيد على أن أي تسوية سياسية لا يمكن أن تتجاهل الأردن وإلا فقدت شرعيتها. وهكذا لا يُفهم الخطاب بما يقوله فقط، بل بما يسكت عنه أيضًا، وبما يتركه معلقًا كاحتمال سياسي أو كتحذير مبطّن.
ومع تتبع البنية العامة لهذا الخطاب يتضح أنه يعيد باستمرار صياغة الثنائيات التي يفرضها السياق: سلام في مقابل صراع، شرعية في مقابل فوضى، داخل في مقابل خارج، ومن خلال إعادة ترتيب هذه الثنائيات يسعى الصفدي إلى تثبيت هوية الأردن كدولة وسطية، عقلانية، وحامية للاستقرار، هذا الموقع لا يتأسس على السياسات العملية وحدها، وإنما يُعاد إنتاجه لغويًا عبر الخطاب ذاته، حيث تُبنى صورة الأردن كحاجز ضد الانهيار وممر لا غنى عنه للحلول الإقليمية والدولية.
في المحصلة، يظهر أن خطاب أيمن الصفدي ليس انعكاسًا لمصالح سياسية آنية، بل ممارسة خطابية متكاملة تستثمر في المعرفة والسلطة والرمزية لتثبيت موقع الأردن في النظام الدولي، الخطاب يعمل على مستويات متوازية: إنتاج صورة الأردن كفاعل شرعي ووسيط لا يمكن تجاوزه، تعزيز التماسك الداخلي عبر استدعاء الثوابت الوطنية، وإعادة تعريف حدود النقاش الدولي بما يحفظ الدور الأردني. ومن هنا يمكن القول إن خطاب الصفدي يتجاوز وظيفته التقريرية ليصبح نصًا اجتماعيًا يعيد ترجمة القلق السياسي إلى قوة رمزية، ويؤكد على العلاقة العضوية بين اللغة والسلطة في عالم يتغير بسرعة.