شريط الأخبار
الحكومة الأردنية : نتابع الحدث الأمني في معبر الكرامة وسائل إعلام إسرائيلية: إطلاق نار عند "معبر اللنبي" وأنباء عن إصابة إسرائيليين اثنين النائب خميس عطية يحذر من خطورة الكلاب الضالة ويدعو لحملة وطنية عاجلة الدعجة: المتقاعدون العسكريون صامدون في خندق الجيش ويجددون الولاء للملك إصابة 10 طلاب بتسمم غذائي في مدرسة ثغرة الجب الأساسية بالمفرق الشيباني يصل واشنطن كأول زيارة لوزير خارجية سوري منذ 25 عامًا "رسالة نووية إلى واشنطن وإسرائيل".. الاتفاق الدفاعي بين السعودية وباكستان يثير تفاعلا المومني : الحكومة تدرس إعداد نظام خاص بالناطقين الإعلاميين مصدر في الخارجية السورية: اتفاقات متتالية ستُبرم مع إسرائيل قبل نهاية العام مفوضية اللاجئين في الأردن: نحتاج 280 مليون دولار في 2026 لدعم اللاجئين رويترز: الإمارات قد تخفض العلاقات مع إسرائيل إذا ضمت الضفة الغربية البرلمان العربي يثمن الجهود الأردنية للتوصل إلى حل لأزمة السويداء ارتفاع مساحات الأبنية المرخصة في المملكة بنسبة 21% خلال 7 أشهر إسبانيا تحقق بانتهاكات حقوق الإنسان في غزة نظام يحظر الدعاية الانتخابية على الدواوير والجسور والمباني وأعمدة الشوارع القضاة يبحث مع وفد أوزبكي الإجراءات التنفيذية للتعاون الاقتصادي معلم في إحدى مدرستي إربد استأجر "مطعم التسمم" قبل اسبوع الغذاء والدواء: عينات تسمم إربد اظهرت وجود تلوث برازي وبكتيريا اي كولاي الأردن يُطلق الاستراتيجية الوطنية لسلامة المرضى 2024 – 2030 وزير التربية يفتتح المبنى الجديد لمدرسة الهاشمي الشمالي الأساسية بدعم من الحكومة الألمانية

الرجوب يكتب : ما وراء البيان الاتفاقية السعودية الباكستانية رسالة واضحة إلى طهران وتل أبيب وواشنطن

الرجوب يكتب : ما وراء البيان الاتفاقية السعودية الباكستانية رسالة واضحة إلى طهران وتل أبيب وواشنطن
احمد عبدالباسط الرجوب
في تطور بالغ الأهمية، وقّعت المملكة العربية السعودية وجمهورية باكستان الإسلامية اتفاقية للدفاع الاستراتيجي المشترك، وهي خطوة تتجاوز بكثير إطار التعاون العسكري التقليدي لترسم ملامح تحالف استراتيجي عميق.
ولأنني لست عسكريًا، فإن تحليلي لهذا الموضوع ينطلق من منظور استراتيجي بحت، يركز على مقاربات توازن القوة والردع لأي طرف قد يفكر في الاعتداء على السعودية، خاصة وهي محط أنظار الطامعين وتمثل هدفًا استراتيجيًا بعيد المدى لدولة الكيان الصهيوني وقوى إقليمية أخرى. من هذا المنظور، لا يمكن تقييم هذه الاتفاقية بمعزل عن حسابات القوى المتغيرة في منطقة تعجّ بالتحديات.
البناء الاستراتيجي للردع المشترك
تمثل الاتفاقية نقلة نوعية في مفهوم الشراكة بين البلدين، حيث تنص صراحة على أن "أي اعتداء على أي من البلدين هو اعتداء على كليهما". هذه الصيغة تخلق "جدار ردع" استراتيجيًا يعتمد على دمج القوى النوعية للطرفين:
•القوة الناعمة والاقتصادية السعودية: تمثل السعودية قوة اقتصادية ومالية ضخمة، وعمقًا عربيًا وإسلاميًا، وقدرة على قيادة تحالفات إقليمية.
•القوة الصلبة الباكستانية: تمتلك باكستان أحد أكبر الجيوش في العالم، مع خبرة قتالية واسعة، والأهم من ذلك، امتلاكها ترسانة نووية. هذا البعد النووي هو العامل الحاسم في معادلة الردع، حيث يرفع سقف التكلفة بالنسبة لأي معتدٍ محتمل إلى مستويات غير مسبوقة.
الأبعاد الجيوسياسية: رسائل إلى أطراف اللعبة الإقليمية
•إيران: رفع سقف التكلفة: تشكل إيران التهديد المشترك الأكبر. فتصدير الأزمات عبر الميليشيات (مثل الحوثيين في اليمن) يهدد أمن السعودية المباشر، بينما يهدد النفوذ الإيراني في أفغانستان حدود باكستان. الاتفاقية هي رسالة واضحة بأن أي عمل عسكري إيراني، مباشرًا كان أو بالوكلاء، سيواجه ردًا من تحالف يمتلك أدوات ردع تقليدية ونووية، مما يجعل أي مغامرة إيرانية محسوبة التكلفة بعناية فائقة.
•دولة الكيان الصهيوني : تغيير معادلة الردع: إذا كانت دولة الاحتلال الصهيوني تفكر في السعودية كهدف استراتيجي، كما هو معروف، فإن هذه الاتفاقية تُدخل متغيرًا جديدًا وخطيرًا في حساباتها. فمهاجمة منشآت سعودية حيوية لن تعني بعد اليوم مواجهة مع دولة عربية واحدة، بل مع حليف إقليمي قوي ودولة نووية. هذا يمنح السعودية مظلة أمنية غير مسبوقة ويجبر الجهات المعادية على إعادة حساباتها بشكل جذري، وهو بالضبط الهدف الأساسي من سياسة الردع.
الموقف الأمريكي: شركاء يبحثون عن الاستقلالية الاستراتيجية
ربما يكون الموقف الأمريكي هو الأكثر إثارة للتأمل. فكلا البلدين حليف تقليدي للولايات المتحدة، لكن هذا التحالف الجديد يشير إلى اتجاه أعمق:
•تعدد التحالفات: تظهر الرياض وإسلام آباد أنهما لا تضعان كل بيضهما في سلة واحدة. في ظل تقلبات السياسة الأمريكية، يسعى الطرفان إلى بناء أمنهما القومي على تحالفات إقليمية مستقرة.
•ميزان تفاوضي: تمنح الاتفاقية السعودية وباكستان ورقة ضغط وقدرة تفاوضية أكبر في تعاملهما مع واشنطن، مما يقلل من تأثير السياسة الأمريكية كعامل ضغط منفرد.
الخلاصة: براغماتية استراتيجية في عالم مضطرب
اتفاقية الدفاع الاستراتيجي المشترك بين السعودية وباكستان هي أكثر من مجرد وثيقة عسكرية؛ إنها إعادة تشكيل جيوسياسية للتحالفات الإقليمية. يجمع هذا التحالف البراغماتي بامتياز بين القوة الاقتصادية والنفطية للرياض والقوة العسكرية والبشرية والنووية لإسلام آباد، ليشكل كتلة ردعية صلبة تُعيد حسابيات القوى في المنطقة.
ولفهم تداعيات هذه الكتلة، تبرز إجاباتٌ واضحة على أسئلةٍ مصيرية:
•فسؤال الرد العسكري في حال العدوان مُجابٌ بنص الاتفاقية ذاتها، حيث أن الرد حتمي، وإن كان شكله ومستواه رهينَ طبيعة العدوان والطرف المعتدي.
•أما سؤال الردع الصهيوني ، فالجواب هو: نعم، إنها تغير قواعد اللعبة game changer. فهي ترفع تكلفة أي عدوان محتمل على السعودية إلى مستويات استراتيجية لم تعد دولة الكيان الصهيوني قادرة على تحمل تبعاتها وحدها.
•وتأثيرها على إيران هو رسالة تثبيط استراتيجي (Strategic Deterrence)/ اي الردع واضحة المفاهيم، تهدف إلى تجميد أي مغامرة عسكرية محتملة.
•وبالنسبة للولايات المتحدة، فإن موقفها المتوجس والمراقب يعكس إدراكها أن حلفاءها يسيرون بثبات نحو مزيد من الاستقلالية الاستراتيجية، وهو أمر تدفع إليه "رؤية 2030" وتحولات النظام العالمي.
والسؤال الأهم الذي تفتحه هذه الاتفاقية الآن هو: هل سنشهد نمطاً جديداً من التحالفات الإقليمية المستقلة؟ حيث قد تدفع هذه الخطوة دولاً أخرى إلى السير على نفس الدرب، بحثاً عن أمنها في تحالفاتٍ أكثر استقراراً من الضمانات الدولية المتقلبة. هذه الاتفاقية، في نهاية المطاف، هي ذروة البراغماتية السياسية؛ حوار استراتيجي بين القوة المالية والقوة النووية، يصوغ تكاملاً يؤمن مستقبل بلدين في قلب منطقة مضطربة.