
العين السابق عبدالحكيم الهندي
لم يكن هناك صوت أعلى من صوت الأردن، مطالباً بدولة فلسطينية مستقلة ناجزة وقابلة للحياة، بل كان الأردن السباق في اتخاذ كل إجراء يمكن أن يؤدي في يوم من الأيام إلى تحقيق حلم الشقيق "الفلسطيني" في الاستقلال. وإذا ما عدنا إلى التاريخ قليلاً، فإننا نستذكر القرار التاريخي الكبير الذي اتخذه المغفور له بإذن الله، الملك الحسين بن طلال، عندما قرر فك الارتباط مع الضفة الغربية ليدفع، من خلال ذلك، بالفلسطيني نحو تحقيق حلمه برؤية الدولة الفلسطينية المستقلة.
ومع بداية عهد الملك عبد الله الثاني ابن الحسين، فقد دأب الأردن على ذات النهج وسار على ذات السياسة وعنوانها الأساس بأن السلام لا يتحقق إلا بحل الدولتين وهذا انطلاقاً من ما عُرف عن الأردن، كصوت للاعتدال، وكداعم للسلام في المنطقة كلها، بل وفي العالم.
ولم يتوقف الملك عبد الله الثاني عند حد الخطاب فحسب، بل أنه استغل كل علاقات الأردن القوية والمحترمة مع عواصم العالم جميعاً، ليدفع بهم للاعتراف بدولة فلسطين، مؤكداً لهم بأن لا استقرار ولا أمان، ولا هدوء في منطقة الشرق الأوسط طالما أن هناك من يغتال حلم الفلسطيني بالدولة المستقلة.
وعلى صعيد الإجراء أيضا، فقد كان الأردن منذ أن وطأت قدم الفلسطيني أرضه بعد شتات، ومنذ أن رأى الفلسطيني "نواة" أمل بالدولة منذ ما عرف بـ "غزة أريحا أولاً"، وصولاً إلى السلطة الوطنية الفلسطينية، كان الأردن يقدم كل ما يمكن لأجل أن يعيش أهل هذه الأرض، وأن يبقى الحلم متقداً داخل كلٍّ منهم، ولربما هناك كثيراً مما لا يعلمه كل الناس عن ما قدمه الأردن من لوجستيات سياسية واقتصادية وغيرها، بل أنه وضع كل إمكانياته في تصرف شقيقه الفلسطيني حتى يحافظ على هذا الحلم، وحتى يسير نحو تحقيقة بكل ثقة وأمل.
واليوم ونحن نرى دولاً عديدة فاعلة ومهمة مثل المملكة المتحدة وكندا وغيرها، وهي تعترف بالدولة الفلسطينية، فإن عمان تبتهج لأنها تقطف ثمار جهد طويل لطالما عملت على أن تراه في يوم من الأيام ينبت خيراً، وينبت "دولة"، وينبت إنساناً فلسطينياً مستقراً لا يرى نفسه إلا كما كل مواطني العالم يعيش على أرضه، وتحت سماء وطنه معززاً مكرماً رغم كل الدماء الزكية التي سالت، والتي ما زالت تسيل في قطاع غزة وحتى في الضفة الغربية، فهذا لا بد وأن يكون طريقاً نحو تحقيق الحلم، وهو ما يشهد عليه التاريخ، فالاستقلال لا يتحقق، والاحتلال لا يزول، إلا بالنضال سواء ذاك النضال على الأرض الذي تسيل لأجله دماء أبناء البلد الزكية، أو ذاك النضال السياسي الذي يدور في عواصم ومؤسسات وهيئات العالم صاحبة القرار، والمؤثرة في سير العمل السياسي الدولي.
هي نهاية طريق طويل، إذا نأمل، ونتمنى أن نصل إليها، ونتمنى أن يأتي اليوم الذي نذهب فيه إلى فلسطين العربية المستقلة، لنهنئ شعبنا وشقيقنا هناك بأن تحقق أخيراً استقلاله، عندها يعلم بأن كل سنوات النضال والكفاح، وذاك الثمن الغالي الذي دفعه أبناء الشعب الفلسطيني من دمائهم. لم يذهب سدى، بل هي دولة، وهو حلم تحقق على الأرض.