
نصرة غزة:
الدور الهاشمي والموقف الأردني الثابت
الأستاذ الدكتور عمر علي الخشمان
منذ
بداية العدوان الإسرائيلي على غزة، برز الدور الأردني بقيادة جلالة الملك عبدالله
الثاني حفظه الله، كأحد أبرز الأدوار العربية الفاعلة في الدفاع عن القضية
الفلسطينية، والتحرك دوليًا وإقليميًا لإنهاء العدوان، وتخفيف معاناة الأشقاء
الفلسطينيين، سواء عبر التحركات السياسية أو من خلال الجهود الإغاثية والإنسانية
المستمرة، لم تتوقف الجهود السياسية التي يقودها جلالته في التواصل مع قادة العالم
والمؤسسات الدولية لوقف الحرب في غزة.
وأكد
جلالته أن الحل الوحيد للصراع يتمثل في إنهاء الاحتلال الإسرائيلي، والعودة إلى
مفاوضات جادة ضمن إطار حل الدولتين، بما يكفل إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة
على حدود 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، كما شدد الأردن على رفضه التام لكافة
محاولات تهجير الفلسطينيين أو فرض وقائع جديدة على الأرض، معتبرًا أن أمن واستقرار
المنطقة لن يتحققا دون حل جذري للقضية الفلسطينية، وظهر الحضور الأردني بقوة في الجمعية
العامة للأمم المتحدة، وعلى طاولة مجلس الأمن، وفي القمم العربية والإسلامية، حيث
مثّل جلالة الملك عبدالله الثاني صوتًا صريحًا للحق الفلسطيني. وطالب جلالته
المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته، والضغط على إسرائيل لوقف عدوانها، ورفع الحصار
المفروض على غزة.
كما
لعب الأردن دورًا محوريًا في توحيد الموقف العربي والإسلامي، والدفع نحو تحرك دولي
فاعل لوقف التصعيد. وبدوره، شدد الأردن على ضرورة تطبيق القانون الدولي الإنساني،
ووقف الانتهاكات بحق المدنيين، خصوصًا النساء والأطفال على الجانب الإنساني، لم
تتوقف المساعدات الأردنية إلى قطاع غزة منذ بدء العدوان، حيث تم تسيير عشرات
القوافل الإغاثية والطبية عبر الهيئة الخيرية الأردنية الهاشمية، التي تعمل بشكل
متواصل على إيصال الدواء والغذاء والمستلزمات الأساسية لأهلنا في غزة، كما استقبل
الأردن جرحى من القطاع لتلقي العلاج في مستشفياته، إلى جانب استمرار عمل المستشفى
الميداني الأردني في غزة منذ عام 2009، والذي يعتبر من أهم مراكز الرعاية الصحية
المجانية في القطاع، ويقدم خدماته الطبية على مدار الساعة في ظل النقص الحاد في
الإمكانيات الصحية داخل غزة.
من
أبرز أوجه الدعم الأردني للقضية الفلسطينية هو الدور الهاشمي التاريخي في رعاية
المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس الشريف. ويواصل جلالته جهوده لحماية المسجد الأقصى من محاولات التهويد والاقتحامات،
مؤكدًا على أهمية الحفاظ على الوضع التاريخي والقانوني القائم في المدينة المقدسة،
كما أطلقت المملكة عدة مشاريع ترميم وصيانة داخل الحرم القدسي الشريف، أبرزها
مشروع ترميم منبر صلاح الدين، ما يعكس التزام الأردن بالحفاظ على الطابع العربي
الإسلامي للقدس، ورفض أي تغيير يفرضه الاحتلال.
في
خضم التحديات الراهنة، لم يغفل الأردن عن أهمية تعزيز الوحدة الوطنية الفلسطينية. فقد دعا جلالته مرارًا إلى ضرورة إنهاء
الانقسام الفلسطيني الداخلي، وتوحيد الصف الفلسطيني، باعتبار أن التماسك الداخلي
هو أساس الصمود في مواجهة التحديات السياسية والإنسانية.
ورغم
التحديات الإقليمية والضغوط الدولية، يبقى الأردن وفيًا لقيمه، وثابتًا على مواقفه
الداعمة للشعب الفلسطيني. ويقف الأردنيون صفًا واحدًا خلف قيادتهم الهاشمية وجيشهم
العربي وأجهزتهم الأمنية، في معركة الدفاع عن الحق الفلسطيني، وعن حرية وكرامة
الإنسان.
إن
جهود جلالة الملك عبدالله الثاني، وسمو ولي العهد الأمير الحسين بن عبدالله،
حفظهما الله، تمثل ضمير الأمة ووجدانها الحي في زمن تتكاثر فيه التحديات، وتغيب
فيه أحيانًا الإرادات الصادقة، الأردن لا يساوم على مبادئه، ولا يقبل تسوية تُفرض
على حساب الأشقاء أو على حساب تاريخه الوطني.