شريط الأخبار
ولاية أمريكية تصنف "الإخوان المسلمين" ومجلس "كير" منظمتين إرهابيتين النشامى يواجه العراق في ربع نهائي كأس العرب الجمعة سوريا تُحيل وسيم بديع الأسد للمحاكمة: أبرز تجار المخدرات و«رجل الكبتاغون» انفجارات مجهولة المصدر تهز محيط مطار المزة بدمشق .. ماذا يجري ؟ عاجل: الحباشنة لرئيس الوزراء : طرح مشروع الناقل الوطني للاكتتاب العام مصلحة وطنية حتى لا نخضع لابتزاز الكيان الرخيص - تفاصيل منخفض جوي الأربعاء يشتد الخميس مع تحذيرات من السيول والفيضانات بمشاركة اردنية ... اليونسكو تدرج البشت "عباءة الرجال" والزفة على قائمة التراث الثقافي ترامب يدعو أوكرانيا إلى إجراء انتخابات المتحدث باسم دفاع مدني غزة يحذر: خيام النازحين ستغرق ولي العهد يهنئ نشامى المنتخب الوطني بالفوز الكبير :" بالعلامة الكاملة .. مبارك للأردن " اعتماد الحالة الإنسانية لأرباب الأسر ذوي الإعاقة للمنح والقروض الجامعية ولي العهد: العمل التطوعي ثقافة راسخة بتوجيهات ملكلية :القوات المسلحة الأردنية تسيّر قافلة مساعدات إلى اليمن - 13 شاحنة تنقل قرابة 55 الف طردغذائي- الملك ورئيس وزراء ألبانيا يترأسان جولة جديدة من "اجتماعات العقبة" في موقع عمّاد السيد المسيح وزير الخارجية يبحث مع نظيره في باربادوس إقامة علاقات دبلوماسية ولي العهد يكرم الفائزين بجائزة الحسين بن عبدالله الثاني للعمل التطوعي في دورتها الثالثة تطور عاجل في أزمة أرض الزمالك المصري أسعار الذهب مستقرة مع استعداد الأسواق للهجة "متشددة" من الاحتياطي الفيدرالي النشامى يهزمون مصر في كأس العرب الخارجية الأمريكية تعلن إلغاء 85 ألف تأشيرة من فئات مختلفة منذ يناير 2025

حديث الملك : الرؤية التي توازن بين ضمير القيادة وحكمة الدولة

حديث الملك : الرؤية التي توازن بين ضمير القيادة وحكمة الدولة
الأستاذ الدكتور أمجد الفاهوم
في مقابلة شاملة ضمن برنامج بانوراما على شبكة BBC، أطلّ جلالة الملك عبد الله الثاني بصورة القائد العربي الذي لا يكتفي بوصف الواقع، بل يعيد رسم ملامحه بلغة العقل والضمير، واضعاً أمام المجتمع الدولي مرآةً صافية لجوهر الأزمة في الشرق الأوسط. تحدث الملك بثقة الهادئ المتيقن، وبنبرةٍ تجمع بين الحزم والاتزان، ليؤكد أن السلام في المنطقة لم يعد خياراً دبلوماسياً يمكن تأجيله، بل ضرورة وجودية لضمان أمن الجميع واستقرارهم. قالها بوضوحٍ وصدقٍ راسخ: لن يتحقق الأمن في الشرق الأوسط من دون دولةٍ فلسطينية مستقلة تعيد للعرب كرامتهم وللإسرائيليين أمنهم، وللعالم توازنه الأخلاقي المفقود.
في حديثه، بدا جلالته كمن يعيد تعريف السياسة كفنٍّ للمسؤولية لا للمناورة، فطرح رؤيته بعبارات دقيقة، خالية من الانفعال، لكنها مشبعة بالمعنى والرسالة. أوضح أن استمرار الصراع الفلسطيني الإسرائيلي دون أفقٍ سياسي واقعي، لن يورث المنطقة سوى مزيدٍ من العنف واليأس، محذراً من أن غياب العدالة لا يمكن أن يُعوَّض بالقوة، وأن تجاهل الحقوق الفلسطينية هو وصفة حتمية لتجدد الأزمات جيلاً بعد جيل. ومع ذلك، أظهر الملك إيمانه بأن هناك بين الإسرائيليين أصواتاً تدرك أن الأمن لا يُبنى على أنقاض الآخرين، بل على شراكة تحترم الكرامة الإنسانية والعيش المتكافئ.
وفي قراءته الدقيقة لمعادلة القوى الإقليمية والدولية، شدد جلالته على أن الدور الأمريكي يظل محورياً في أي تسوية سياسية، لكنه لن يكون كافياً ما لم يُدعَم بإرادة عربية موحدة ورؤية عملية متوازنة. وأشار إلى أن الخلل لم يكن يوماً في فكرة السلام ذاتها، بل في الإرادات المترددة التي اكتفت بالشعارات دون فعل، مذكراً بأن نجاح أي عملية تفاوض يتطلب وضوح النوايا والالتزام بالتنفيذ لا بالاكتفاء بالوعود.
لم يكتفِ الملك بالتشخيص، بل قدّم استشرافاً استراتيجياً يعبّر عن عمق تجربته وخبرته في هندسة التوازنات. تحدث عن خطر الانزلاق إلى صراعٍ أوسع يشمل الإقليم بأسره إذا استمر غياب الحل السياسي، محذّراً من أن تفاصيل صغيرة في أي اتفاق قد تحمل بذور فشله إن لم تُصغ بحكمة وتُنفَّذ بمسؤولية. فكما قال جلالته، "الشيطان يكمن في التفاصيل”، لا سيّما فيما يتعلق بإدارة قطاع غزة بعد الحرب وضمانات الأمن والرقابة الدولية، وهي قضايا تحتاج إلى وضوحٍ مؤسسي لا إلى تفاهمات عابرة.
ومن بين سطور المقابلة، يمكن قراءة رؤية الملك العميقة لدور الأردن بوصفه صمام أمانٍ سياسي وأخلاقي في محيطٍ مضطرب. فالأردن، كما أكد جلالته، لن يقف على هامش التاريخ، بل سيظل جزءاً فاعلاً من معادلة السلام، يدافع عن الثوابت الوطنية، ويُبقي قنوات الحوار مفتوحة مع جميع الأطراف دون أن يتنازل عن مبادئه أو يتخلى عن رسالته. وهو بذلك يكرّس صورة الدولة الأردنية كقوة عقلانية تسعى إلى الحلول، لا إلى التصعيد، وإلى حفظ الكرامة قبل المصالح.
وفي ختام اللقاء، بدا صوت الملك امتداداً لضمير الأمة لا لسياسة اللحظة. لم يتحدث بلغة التحدي، بل بلغة الثقة والمسؤولية، مؤمناً بأن السلام ليس نداء ضعف، بل فعلُ شجاعةٍ ورؤيةٍ بعيدة المدى. ومن خلال هذا الظهور، وجّه رسالة مزدوجة إلى الداخل والخارج بأن الأردن ثابت على مواقفه، متوازن في رؤيته، منفتح على العالم دون أن يتخلى عن قضيته المركزية.
لقد قدّم جلالة الملك عبد الله الثاني في حديثه لـ BBC درساً في الدبلوماسية الرفيعة؛ فالكلمات جاءت موزونةً بقدر المعنى، والمواقف مغلفةٌ بحكمة الدولة التي تعرف أن الصوت الهادئ قد يكون أبلغ من الصخب، وأن الثبات على المبدأ هو الطريق الوحيد للسلام العادل. وهكذا بدا الملك كما عرفه العالم، زعيماً يرى أبعد من حدود الجغرافيا، يوازن بين الواقعية والطموح، ويعيد تعريف القيادة كمسؤولية تجاه الإنسان قبل السياسة. وفي زمنٍ يضيع فيه صوت العقل بين ضجيج المصالح، يظل صوت الأردن، كما أراده قائده، صوت الحكمة الهادئة التي تُذكّر الجميع بأن السلام ليس حلماً، بل حتمية سياسية وأخلاقية لا مفرّ منها.