شريط الأخبار
وزير النقل يبحث مع ممثلي قطاع النقل البحري تحديات القطاع الملك يطلع على عمل وحدات دعم مبتوري الأطراف المتنقلة التابعة لجمعية "استعادة الأمل" الأردنية المحافظة شمس لاتغيب عن التعليم المسابقة الوطنية السادسة للمحاكمة الصورية في القانون الدولي الإنساني 2025 ترمب: ليس مسموحا لي الترشح لولاية ثالثة و«هذا مؤسف» عصابة الاحتلال تعلن العودة إلى وقف إطلاق النار في قطاع غزة ترامب: وقف إطلاق النار صامد ولإسرائيل الحق في الرد على أي هجوم القاضي يلتزم بسيارته المدنية وبرقمها الاصلي .. "المال العام ليس للاستخدام الشخصي" توجه حكومي لتوسعة خدمة الباص السريع باكستان تعلن “فشل” المفاوضات الرامية لإرساء هدنة دائمة مع أفغانستان الكاتب الرواشدة: نيران صديقة وراء الحملة على القاضي ومحاولات لإجهاض مشروع الاستدارة للداخل الأردني وزير الاستثمار يعقد سلسلة لقاءات مع شركات عالمية في الرياض المومني: الحكومة لا تتغوّل على "أموال الضمان" "الأميرة غيداء طلال " تؤكد ملتقى "الصحة النفسيّة والسرطان" تعهد بكسر الصمت والخوف رئيس الوزراء خلال جلسة مجلس الوزراء في محافظة العاصمة: خطاب العرش في افتتاح الدورة البرلمانية الجديدة حمل توجيهات واضحة من الملك وملتزمون بإنفاذها بالتعاون مع البرلمان بشقيه الأعيان والنواب الحكومة: ننجز دراسات لإنشاء جسر علوي يصل شمال عمان بجنوبها الحكومة تكشف عن مشروع تلفريك جبل القلعة في عمّان حسّان: الحكومة ماضية في تعزيز النمو وتخفيض المديونية لـ80% بحلول 2028 بدء تنفيذ برنامج خدمة العلم مطلع شباط المقبل الجيش يحبط محاولة تسلل على الحدود الشمالية ويلقي القبض شخص حاول اجتياز الحدود

الفاهوم يكتب : الإدارة بالمهارة تتجدد بالعقول لا بالهياكل

الفاهوم يكتب : الإدارة بالمهارة تتجدد بالعقول لا بالهياكل
الأستاذ الدكتور أمجد الفاهوم
مما لا شك فيه أننا نعيش اليوم في عالمٍ يتغيّر بسرعة تفوق قدرة المؤسسات التقليدية على التكيّف، مما يبرز الحاجة إلى نموذج إداري جديد يعيد تعريف معنى العمل والوظيفة والكفاءة. لم يعُد النجاح في المؤسسات، خاصة الحكومية منها، مرتبطًا فقط بحُسن التنظيم أو الالتزام باللوائح، بل بقدرتها على استثمار المهارات البشرية بوصفها الثروة الأهم في منظومة الإنتاج والخدمة العامة. ومن هنا يتقدّم مفهوم "المنظمة المبنية على المهارات” ليقدّم إطارًا حديثًا يُحوّل الإدارة من هيكلٍ جامد إلى كيانٍ حيّ يتنفس بالمعرفة والقدرة والإبداع.
فبدلاً من الاعتماد على التقسيمات الوظيفية التقليدية التي تحدّ من الحركة وتقيّد الطاقات، يدعو هذا النموذج إلى بيئة عمل مرنة تُبنى حول المهام والمشروعات والمخرجات الفعلية، حيث تتدفّق المهارات إلى مواقعها وفق الحاجة، لا وفق المسمّى الوظيفي. في هذه البيئة، يصبح الموظف شريكًا في الحل، لا منفّذًا للأوامر، ويصبح العمل فعلًا مستمرًا من التعلّم والاكتشاف. إنّها نقلة نوعية من إدارة المناصب إلى إدارة القدرات، ومن التركيز على عدد الموظفين إلى التركيز على القيمة التي يُضيفونها للمجتمع.
إنّ جوهر هذا التحوّل لا يقوم على التكنولوجيا فحسب، بل على فلسفة جديدة ترى في الإنسان محور الابتكار، وتمنح أصحاب المهارات المتنوعة الفرصة للمشاركة الفعلية في صنع القرار. فحين تُبنى القرارات على تحليل المهارات لا على الأقدمية، تتغيّر ديناميكية العمل بأكملها، ويصبح التخطيط للموارد البشرية عملية ذكية تستند إلى بيانات واقعية عن الكفاءات والإمكانات. بهذه الطريقة يمكن للقيادات أن تُعيد توجيه الموارد نحو الأولويات الوطنية، وأن تخلق جسورًا جديدة بين الخبرة والمعرفة والشغف.
وفي قلب هذا النموذج يقف ما يُعرف بـ”مركز المهارات”، وهو منظومة تجمع بين فلسفة المواهب وحوكمة المهارات واستخدام التقنية لرسم خريطة القدرات داخل المؤسسة. هذا المركز لا يكتفي بإدارة الملفات، بل يدير الإمكانات ويصوغ لغة مشتركة للمهارات تمكّن الإدارات من اتخاذ قرارات دقيقة حول التعيين والتطوير والترقية. وحين تكون المؤسسة قادرة على رؤية ما تملكه من طاقات بشرية كما يرى القائد الماهر فريقه، تصبح أكثر استعدادًا للابتكار وأسرع استجابة للتحديات.
في السياق الأردني، يفتح تبنّي هذا النموذج أمام الإدارات الحكومية أفقًا جديدًا من الكفاءة والعدالة، إذ يمكنه أن يوفّر قاعدة بيانات وطنية للمهارات تساعد في توجيه الطاقات الشابة نحو مشاريع التنمية الحقيقية. كما يتيح إعادة توزيع الكفاءات عبر الوزارات والمؤسسات بطريقة مرنة تضمن الاستفادة القصوى من قدرات العاملين، وتفتح المجال أمام التعلّم المستمر والمشاركة الإبداعية. ولعل الأهم من ذلك أنّ هذا النموذج يُعيد الثقة إلى الكادر الوظيفي، ويُشعر كل موظف بأن ما يُحدث الفارق ليس اللقب أو الدرجة، بل المهارة التي يمتلكها والإضافة التي يقدمها.
في النهاية، المنظمة المبنية على المهارات ليست مشروعًا إداريًا فحسب، بل رؤية إنسانية واقتصادية متكاملة ترى في كل فرد قيمة مضافة للوطن. إنها دعوة إلى أن تتحوّل الإدارة الحكومية إلى منصة حقيقية للإبداع الجماعي، حيث تتقدّم الكفاءات، ويزدهر العمل العام بروح الفريق الواحد. وإذا كان المستقبل ملكًا لمن يُحسن قراءة إمكاناته، فإنّ الطريق إلى هذا المستقبل يبدأ من الإيمان بأنّ المهارة هي رأس المال الحقيقي، وأنّ الوطن الذي يستثمر في عقول أبنائه لا يخشى التغيير، بل يقوده.