بقلم الاستاذ: سعد السكارنه
شهدت قوانين التنفيذ في عدد من الدول العربية، ومنها الأردن، تحولات واضحة خلال السنوات الأخيرة، استجابة لمبادئ حقوق الإنسان وتطور المفاهيم القانونية المرتبطة بالمعاملات المدنية. ومن أبرز هذه التحولات التوجه نحو تقليص أو إلغاء حبس المدين في القضايا المالية المدنية، واستبداله بوسائل تكنولوجية حديثة مثل السوار الإلكتروني بهدف تحقيق التوازن بين حقوق الدائن وضمان كرامة المدين.و
يُعد حبس المدين تدبيراً قسرياً كان يُستخدم لإجباره على الوفاء بالالتزامات المالية. إلا أن هذا الإجراء تعرض لانتقادات متعددة ومنها
تعارضه مع مبدأ عدم سلب الحرية بسبب عجز مالي غير جنائي.
وتعطيل المدين عن العمل وبالتالي تعطّل قدرته على السداد.
والتأثير الاجتماعي السلبي على الأسرة والاقتصاد.
وبناء على ذلك اتجه المشرع إلى إعادة صياغة فلسفة التنفيذ نحو نهج إصلاحي بديل للعقوبة.
بإلغاء حبس المدين
وتم تعزيز آليات التحقيق في الملاءة المالية لضمان عدالة القرار القضائي.
السوار الإلكتروني كبديل تنفيذي
جاء تفعيل السوار الإلكتروني كحل وسط يوفر الرقابة دون المساس بالحرية كاملة. ويتيح هذا النظام:
تقييد الحركة المحددة للمدين دون حبسه.
ضمان عدم مغادرة مكان معين أو منطقة جغرافية محددة ومنع من دخول الأماكن العامة و
السماح للمدين بالعمل وجمع المال للسداد.
تقليل الضغط على مراكز الإصلاح والتأهيل.
ويُضاف السوار ضمن التدابير التكنولوجية القضائية بما يحقق سرعة التنفيذ وتقليل الملاحقة الشرطية.
ورغم هذا التطور التشريعي، تبقى هناك معوقات تحتاج معالجة:
ضعف الوعي القانوني لدى المواطنين.
والحاجة إلى بنية تقنية أكثر تطوراً.
وضرورة تحديد معايير دقيقة لفرض
واستشراف المستقبل لقانون
التنفيذ يتجه نحو:
العدالة الإصلاحية بدل العقوبات المقيدة للحرية.
وتوسيع نطاق الدفع الإلكتروني والاقتطاع المباشر من الدخل.
وتعزيز الوساطة وتسويات ما قبل النزاع.
زيادة الاعتماد على التحقق الرقمي من الملاءة.
هذه الخطوات تتماشى مع الاتجاه العالمي لاحترام حقوق الإنسان وتحسين مناخ الاستثمار والاقتصاد.
ان إلغاء حبس المدين وتفعيل السوار الإلكتروني يمثلان نقلة نوعية في فلسفة التنفيذ. الهدف لم يعد العقاب بل ضمان استيفاء الحقوق بطرق قانونية أكثر إنصافاً وإنسانية. نجاح هذا التوجه يعتمد على التطبيق العملي السليم والتطوير المستمر للبنية القانونية والتكنولوجية.




