شريط الأخبار
الملك يلتقي متقاعدين عسكريين ويرحب بجهود خفض التصعيد في الإقليم بقيادة الولايات المتحدة الوزير الأسبق قفطان المجالي يترأس جاهة العقبة إلى عشيرة العضايلة في عمان ( صور ) الملكية الأردنية: استئناف الرحلات إلى حلب الثلاثاء .. وبغداد ودمشق قريبا الرئاسة الفلسطينية ترحب بإعلان وقف إطلاق النار وتطالب بشموله قطاع غزة استشهاد 16800 طالب فلسطيني منذ بداية العدوان الإسرائيلي على غزة والضفة الغربية إيران تنفي رسميا إطلاق صواريخ تجاه إسرائيل بعد اتفاق وقف إطلاق النار الاحتلال يواصل إغلاق المسجد الأقصى وكنيسة القيامة لليوم 12 على التوالي الأردن يرحب بإعلان الرئيس الأميركي التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل العراق يعلن فتح أجوائه بشكل كامل المحافظ أبو الغنم يزور مديرية تأمين صحي البادية الشمالية ويؤكد على تبسيط الإجراءات وتسهيلها للمواطن الذهب محليا.. انخفاض ملموس منذ شهر أول قرار من الأهلي بعد الخروج من كأس العالم للأندية 2025 "هيئة النزاهة" تُحيل 46 قضية فساد في البلديات إلى القضاء أطعمة شائعة قد ترفع ضغط الدم .. ابتعدوا عنها السبب صادم.. تحذيرات من تريند الكركم بالسوشيال ميديا مشروب الطاقة والتركيز لطلاب الثانوية العامة: مفعوله سحري وقت المذاكرة 9 عادات شائعة تسبب شيخوخة الأمعاء.. ما هي؟ احذروا.. لا تشربوا عصير البرتقال والكحول خلال موجات الحرّ طريقة عمل شوربة الكرنب للتخسيس مع بداية موسم الصيف.. هل يؤثر الطقس الحار على الصحة العقلية؟

قراءة سياسية وفكرية للاقتصاد عالمياً ومحليا (4)

قراءة سياسية وفكرية للاقتصاد عالمياً ومحليا (4)


القلعة نيوز-
وليد نائل حجازي

قَال تَعَالَى: (وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ الله الدَّارَ الآخِرَةَ وَلا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ الله إِلَيْكَ وَلا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ الله لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ). (القصص 77) صدق الله العظيم.

وهنا اقتبس من كتاب: "إِروَاءُ الصَّادِي مِنْ نَمِيرِ النِّظَامِ الاقتِصَادِي" للكاتب الأستاذ محمد احمد النادي

وَلَعَلَ سَائِلاً يَسأَلُ: مَا عَلاقَةُ هَذِهِ الآيَةِ الكَرِيمَةِ الوَارِدَةِ فِي الصَّفْحَةِ الثَّالِثَةِ, بِالنَّظَامِ الاقتِصَادِيِّ؟ لِلإِجَابَةِ عَنْ هَذَا السُّؤَالِ نَقُولُ وَبِاللهِ التَّوفِيقُ: هَذِهِ الآيَةُ الكَرِيمَةُ هِيَ الآيَةُ السَّابِعَةُ وَالسَّبعُونَ مِنْ سُورَةِ القَصَصِ, وهِيَ خِطَابٌ مِنَ اللهِ تَعَالَى لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ بِوَصفِهِ نَبِيًا وَبِوَصفِهِ حَاكِمًا, وَمَعلُومٌ أَنَّ خِطَابَ اللهِ لِنَبِيِّهِ هُوَ خِطَابٌ لأُمَّتِهِ مُنذُ أنْ بَعَثَهُ اللهُ نَبِيًا إِلَى يَومِ الدِّينِ, فَهِيَ خِطَابٌ لِكُلِّ المُؤمِنينَ بِهِ عَلَى مَرِّ العُصُورِ وَالأَزمَانِ! هِيَ خِطَابٌ لِلمُؤمِنِينَ بِصَرْفِ النَّظَرِ عَنْ أَلوَانِهِمْ وَلُغَاتِهِمْ وَجِنسِيَّاتِهِمْ وَمُستَوَيَاتِهِمْ سَوَاءٌ أَكَانُوا حُكَّامًا أَم مَحْكُومِينَ.

وَبِنَاءً عَلَى هَذَا التَّأصِيلِ وَهَذَا الفَهْمِ يُمكِنُنَا أَنْ نَقُولَ: لَمَّا كَانَ الاقتِصَادُ يَعنِي تَدبِيرَ شُؤُونِ المَالِ, وَلَمَّا كَانَ المَالُ هُوَ كُلُّ مَا يُتَمَوَّلُ لِلانتِفَاعِ بِهِ, وَلَمَّا كَانَ المَالُ كُلُّهُ مَالُ اللهِ, هُوَ مُعطِيهِ وَوَاهِبُهُ, وَهُوَ وَحْدَهُ الخَالِقُ الرَّازِقُ, وَهُوَ وَحْدَهُ الحَاكِمُ وَالمُشَرِّعُ, يُبَيِّنُ أَسبَابَ تَمَلُّكِ المَالِ وَسُبُلَ إِنفَاقِهِ, فَقَدْ وَرَدَتْ فِي الآيَةِ الكَرِيمَةِ ثَلاثُ كَلِمَاتٍ تَشمَلُ اقتِصَادَ العَالَمِ بِأَسْرِهِ مُنذُ أنْ خَلَقَ اللهُ الخَلْقَ إِلَى يَومِ الدِّينِ!

فَمَا هِيَ هَذِهِ الكَلِمَاتُ الثَّلاثُ يَا تُرَى؟ إِنَّهَا قَولُ اللهِ المُنعِمِ المُتَفَضِّلِ: (فِيمَا آتَاكَ الله) فَهُوَ سُبْحَانَهُ خَالِقُ الخَلْقِ, وَمَالِكُ المُلْكِ, وَوَاهِبُ الرِّزقِ, وَصَدَقَ اللهُ العَظِيمُ حَيثُ قَالَ: (وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعمَةٍ فَمِنَ اللهِ).

(فِيمَا آتَاكَ الله) لَو حَاوَلْنَا تَفسِيرَهَا لاحتَجنَا إِلَى عَدَدٍ كَبِيرٍ مِنَ المُجَلَّدَاتِ؛ لأَنَّ "مَا" كَمَا يَقُولُ عُلَمَاءُ العَرَبِيَّة هِيَ اسمٌ مَوصُولٌ مِنْ أَلفَاظِ العُمُومِ, وَتَشمَلُ كُلَّ مَا سَخَّرَهُ اللهُ لِلإِنسَانِ, وَأنعَمَ بِهِ عَلَيهِ!

إنَّ خيرَ مَنْ طبَّق قولَهُ تَعَالَى: (وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ الله الدَّارَ الْآخِرَةَ) بَعدَ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ أبُو بَكْرٍ الصِّدِيقُ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنهُ, فَقَدْ وَهَبَهُ اللهُ عَقلاً مُفَكِّراً, وَأَعطَاهُ جِسمًا عَلَى البَلاءِ صَابرًا, وَأسبَغَ عَليهِ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً, فَمَنَحَهُ الصِّحةَ وَالعَافِيةَ, وَآتاهُ اللهُ مِنَ الأَبنَاءِ وَالبَنَاتِ مَا تَقرُّ بِهِ عَينُهُ, فَقَد آتَاهُ مِنَ الأبنَاءِ عَبدَ اللهِ, ومِنَ البناتِ أَسمَاءَ, وَآتاهُ مِنْ تَجَارَتِهِ الكَثِيرَ مِنَ المَالِ نَقدًا, وَآتاهُ مِنَ المَالِ أغنَامًا كَثِيرةً بَارَكَ لَهُ فِيهَا, وَكَانَ لهُ راعٍ لِلأَغنَامِ يَعمَلُ عِندَهُ اسمُهُ "عَامِرُ بنُ فُهَيرَةَ", وَدَلِيلٌ قَصَّاصٌ لِلأَثَرِ, يَستَأجِرُهُ فِي أيِّ وَقْتٍ يَشَاءُ, اسمُه "عَبدُ اللهِ بنُ أُريقِط".

إنَّ كُلَّ مَا ذَكَرناهُ مِمَّا وَهَبهُ اللهُ وأعطاهُ لأَبِي بَكرٍ, دَاخِلٌ فِي مَعنَى "مَا" وَيَندَرِجُ تَحْتَ قَولِهِ تَعَالَى: (فِيمَا آتَاكَ الله).

فَمَاذَا فَعَلَ أبُو بَكرٍ الصِّدِّيقُ بِمَا آتَاهُ اللهُ تَعَالَى؟ لَقَدْ سَخَّرَهَا جَمِيعُهَا فِي خِدمَةِ الدَّعوَةِ الإِسلاميَّة, فِي وَقْتٍ مِنْ أَشَدِّ الأَوقَاتِ خَطَرًا عَلَيهَا, وَفِي ظَرفٍ مِنْ أَصْعَبِ الظُّرُوفِ, أَلا وَهُوَ يَومُ الهِجرَةِ مِنْ مَكَّةَ المُكَرمَّةِ إِلَى المَدِينَةِ المُنوَّرَةِ, عَاصِمَةِ الدَّولَةِ الإِسلامِيَّةِ التِي أَرْسَى قَوَاعِدَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّم.

فَمَاذَا فَعَلَ مِنْ أجْلِ ذَلِكَ؟ لَقَدْ أَتَى بِمَالِهِ كُلِّهِ, وَوَضَعهُ أمَامَ رَسُولِ اللهِ, فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ: «مَاذَا أبقَيتَ لأهلِكَ يَا أبَا بَكر؟» فَقَالَ أبو بكرٍ رضيَ اللهُ عنه: "أبقيتُ لهمُ اللهَ ورسولَه!". ممَّا جَعَلَ أَحَدَ شُعراءِ الكفَّار يُعرِّضُ بِهِ قَائِلاً:

أطَعنَا رَسُولَ اللهِ سِتِّينَ حُجَّـةً... فَمَا لِرَسُولِ اللهِ مَا لأبي بَكْـرِ!
أيورثُها بكراً إذا مَا مَــــــــاتَ بعدَهُ... تِلكَ لعَمري لَقاصِمَـةُ الظَّهرِ!".

وهنا في هذا المقال نحاول أن نرتقي ونكتب في ظلال هذه الآية الكريمة, وبعض أحكام الإسلام الاقتصادية، وترتقي لتوضيح جزء من "ما" الواردة أيضًا فيها, والتي تعني كل ما وهبه الله وأعطاه للإنسان سواء بسبب أو دون سبب، ولكن هذا لا يعني أن نحصل على المال دون السعي الذي غالبًا ما يكون فرضًا يجب القيام به سواء من قبل الأفراد أو الدولة لزيادة الإنتاج بالزراعة والصناعة والتجارة والأخذ بكل وسائل التكنولوجيا الحديثة، ولكن الدولة وتصريحات علية القوم وتحفيزهم للاقتصاد يعيدنا للترهات والأوراق الصفراء من الخطط الورقية والوهمية والتي أهدرت مليارات وجعلت المديونية بعشرات المليارات والناس يتضررون جوعًا وعطشًا وغنىً وهميًا، وإن آخر ما أعلنته الدولة بتهكم ومسخرة, ولكنهم جادون حيث أعلنوا تخفيض المحروقات "تعريفة" أي خمسة فلوس, وتحفيزهم وزيادتهم للرواتب زيادة باهتة حيث أرسل لي أحد الإخوة من القراء النابهين معلقا بالآتي: "وأتلطّف بلفت نظرك للملحوظتين الآتيتين:

1. تقول متحدثا عن الزيادة الهزيلة: "فقد زيدت المرتبات بمقدار مصروف شهري لأحد طلاب المدارس، أي من عشرة دنانير إلى عشرين دينارًا في الحد الأقصى للراتب الشهري للعائلة الواحدة، أو قل: بأقل من مصروف لكلب عند ذاك الوزير الفاسد، وأمثاله ممن ينهبون أموال البلاد والعباد". انتهى الاقتباس. والحقيقة أنّ الحدّ الأدنى لمصروف الكلب في القوانين الأردنية هو مئة وخمسين دينارًا شهريًا، فقد جاء في نظام ترخيص الكلاب والإشراف عليها ضمن حدود أمانة عمان الكبرى لعام 2009م ما نصّه: المادة ١١‬ لصاحب الكلب الذي قبض عليه أو حجز وفقاً لأحكام المادة (١٠) من هذا النظام أن يسترده خلال المدة المعينة في تلك المادة لدى إبرازه الرخصة ودفعه نفقات إطعامه وإيوائه والعناية به البالغة خمسة دنانير عن كل يوم...".

2. تقول: "هذه هي نتائج طبيعية لتطبيق النظام الاقتصادي الرأسمالي.. الخ"، ومع اتفاقي معك في ذلك لكنني أتساءل وسيتساءل غيري ما بال الدول الغربية أمّ الرأسمالية تعيش شعوبها في رفاه بعكس شعوبنا؟ إذن كارثتنا ليست الرأسمالية فحسب، ولكنّها علاوة على ذلك هي أنظمة فاسدة مستبدّة تدير هذه الأوطان بطريقة عصابات المافيا...".

أقولُ معقبًا على قارئنا النابه الكريم: نعم إن النظام الاقتصادي الرأسمالي نعود ونؤكد أنه أس البلاء والفساد, وأنه سبب رئيس في إنتاج وحماية الفساد والفاسدين, ولكن الفساد في أوروبا وأمريكا مقنن, والدليل على ذلك التهرب الضريبي, وجزر التهرب الضريبي المشهورة اقتصاديا, والتي انكشف وافتضح أمرها في أزمة الرهن العقاري الأمريكية عام ٢٠٠٨م، وكذلك الكثير من قضايا الفساد الاقتصادي العالمية, والتي ذكرت في أكثر من مقال وكتاب وكان أشهرها كتاب المؤلف الألماني "انهيار الرأسمالية" "أسباب إخفاق اقتصاد السوق المحررة من القيود". وهو كتاب صدر في شهر يناير من سنة 2010م عن سلسلة عالم المعرفة، ومن تأليف: "أولريش شيفر"، هذا الكاتب الذي وصف الرأسمالية ورجالها أصحاب رأس المال بأوصاف قد لا نجدها بالروايات البوليسية, وروايات الجرائم المجتمعية، وقد أحصيت أكثر من عشرة أوصاف لهذا الكاتب الألماني من مثل: "الجشع، الإجرام، السرقة، الفساد...."، وحتى لا يظن القارئ أننا نتجنى على المبدأ الرأسمالي؛ لأننا نتبنى المبدأ الاقتصادي الإسلامي فكل متابع يعلم الحقيقة بتفاصيلها الدقيقة, والتي تدمي القلوب.

نَعَم, وَنِعْمَ القَولُ قَولُ ربنا: (وَلا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ الله إِلَيْكَ وَلا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ الله لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ)، نعم, لا ننسى نصيبنا من الدنيا بأن نحيا حياة رغيدة, ونعيش عيشا هنيئًا, وندعو كل مجتهد, وكل جاد ألا ينسى نصيبه من الدنيا في هذه الحياة، ولا يعني ذلك أن نقتر على أنفسنا كما يظن بعض الناس، بل نعيش حياتنا اليومية وكأننا تعيش أبدا, ونفكر في الآخرة وكأننا نموت غدا!!

هذه حياة المسلم سعيدة لذاتها ولغيرها, وذلك بإحساننا لغيرنا، ولقد جالست أحد المحسنين, وسمعت منه يقول: عندما أعطي محتاجًا أحس أنني أدخر, وآخذ وأكسب لا ينقص من مالي ما أعطيت, وهو دكتور أعطاه الله تعالى ما يكفيه ويزيد، ولا تبغ الفساد فمن طمع في رزق غير مكتوب له, فلو أخذ الملايين فسادًا لن يصبح غنيًا جبرًا عن قدر الله تعالى، ولن يهنأ بتلك الأموال المحرمة الفاسدة, وستكون وبالا عليه وعلى أهله وكل بيته؛ لأنهم سكتوا عن فساده, ولم يأخذوا على يديه ويمنعوه عن الفساد, وصدق الله العظيم حيث يقول: (إنه لا يحب المفسدين)، ولا يعني هذا نجاة من يعلم الفساد, ولا يقاومه ويمنعه ويحاربه، ومن يفعل ذلك يكن شريك الفاسد وأمثاله سواء كان قويًا أو ضعيفًا, فكلٌ مكلفٌ حسب استطاعته وأقل الاستطاعة قول كلمة حق بوجه الفساد والفاسدين والمفسدين.