
القلعة نيوز : نود الحديث اليوم عن موضوع الربا والذي كُتبت فيه العديد من الكتب والمقالات ، وورد تحريمه بشكل جلي لايقبل التأويل في القرآن الكريم والسنة النبوية، فالربا لغة يعني الزيادة والنماء ، وقد ورد في لسان العرب بأن " الأصل فيه الزيادة، من ربا المال إذا زاد وارتفع ويسمى المكان المرتفع عادة بالربوة لارتفاعة على مستوى المكان ، كما في قوله تعالى : ( وترى الأرض هامدة فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت) «سورة الحج الآية رقم 5» ، إذ أن معنى كلمة ربت في هذه الآية أنها ارتفعت وزادات مع نزول الماء، والربا الذي تحدث عنه القرآن الكريم او مايسمى اصطلاحاً بالربا الجاهلي المقصود به هو ربا الدين او القرض بمعنى الزيادة في القرض مقابل الأجل وعبر عنه فقهاؤنا بانه المتاجرة في النقود عندما تولد النقود نقودا دون جهد او عمل هذا هو الربا المحرم بالإسلام وهوكذالك محرم في الأديان السماوية الأخرى، ويوجد العديد من الدلائل على تحريمه ، لما يتسبب به من اضرار للمجتمع ويؤدي إلى الاستغلال والعبودية وتوليد الكراهية والبغضاء بين الناس، ومما يدعم وجهة النظر القائلة بأن الربا يمثل عقبة تعيق الاستثمار الحقيقي لكونه يمثل نسبة مئوية على رأس المال المقترض تحدد مسبقاً ، وتقتطع من رئس المال المدفوع لصالح الدائن ، كما انه يزداد مع زيادة المدة الزمنية او التأخير في فترة السداد .
فالربا اليوم تتسبب بأضرار اجتماعية واضرار اقتصادية ولسنا ببعيدين عن الأزمة المالية والاقتصادية الأخيرة التي اندلعت في العام 2008 ولا زال اثارها على العديد من اقتصادات دول العالم وما يتسببت من حالات الكساد وزيادة في معدلات البطالة وتراجع النمو الإقتصادي وما الي ذالك ، والشيْ المهم كذالك مما تتسبب به هو تعطيل لوظائف النقود ، فمن المعروف ان من وظائف النقود هو تسوية المعاملات اي تقوم بدور الوسيط للمبادلات ومعيار للقيم ومخزن للثروة ، وهي ليست سلعة وليس لها قيمة ذاتية بل لها قيمة تبادلية .
وقد كان القرآن الكريم واضحا في بيان الموقف من الربا وكما ورد في الآية الكريمة التالية : «الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ المس ذلك بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ الله البيع وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّه وَمَنْ عَادَ فأولئك أَصْحَابُ النَّار هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ» سورة البقرة الآية 572، وحتى لا يختلط على البعض منا مفهوم الربا مع مفهوم الربح ، كما اسلفنا ،فالربا هو نسبة معلومة ومحددة على رأس المال تحتسب مقدما وتقتطع من رأس المال المقترض او مبلغ مقطوع يضاف إلى المبلغ المقترض ،اما الربح فهو حصيلة التقاء عنصر رأس المال مع عنصر العمل وعلى قاعدة المشاركة في الربح والخسارة ، وهو لا يمكن احتسابه إلا بعد الأنتهاء من الدورة الانتاجية في نهاية السنة المالية للمشروع المستثمر فيه،وهنا يتجسد في الفلسفة الإسلامية من تحريم الربا مفهوم العدالة بحيث يتحمل جميع الاطراف في العملية الانتاجية المخاطر وهم شركاء في الربح والخسارة .
- باحث ومتخصص في التمويل الإسلامي