ماهر ابو طير
من التساؤلات العميقة في عمان، تلك المتعلقة باحتمال حدوث تغييرات سياسية تشمل مواقع عدة، أو أن المشهد الداخلي سيبقى مستقرا كما هو من حيث المؤسسات والأسماء والسياسات.
ما يظهر حتى اليوم انه لا تغييرات في الأفق، وربما عمان الرسمية تتعمد عدم إجراء تغييرات جذرية لأكثر من سبب، أولها التصرف بصورة الدولة القوية المستقرة التي لا تضطر لتغييرات تحت وطأة ظرف إقليمي، وثانيها أن دوافع التغيير ذاته لدى مركز القرار غير قائمة على ما يبدو لاعتبارات داخلية، هذه الفترة حصرا، وهذا يعني بالنتيجة أن التغييرات قد تحدث فقط لاعتبارات ما يجري في كل الإقليم، ووفقا لحالتين محددتين لهما اشتراطاتهما ومؤشراتهما.
الحالتان ترتبطان فقط باحتمال نشوب حرب إقليمية واسعة، أو حدوث اضطراب شديد في الضفة الغربية يكون خطيرا وقابلا للانتقال إلى الأردن، على سبيل المثال، ومن يعتقدون أن التغييرات في عمان ليست مستعجلة بالمعنى المحلي واعتباراته الداخلية، يعترفون أيضا أن الحالتين السابقتين قد تؤديان إلى تغييرات جزئية وغير شاملة، وسوف تستثني بعض المواقع، لأن التغيير المباغت في وجه عاصفة، ليس منطقيا ولا محمودا، ويعد محفوفا بالخطر.
التغييرات في الحالتين السابقتين ستكون محدودة جدا وسياسية فقط، وتبتعد عن بعض المؤسسات، وتظهر في مؤسسات ثانية، وفقا لتفاصيل ليس هنا محل ذكرها، وقد تحدث التغييرات الجزئية بشكل استباقي إذا توفرت معلومات مسبقة لدى عمان الرسمية عما هو مقبل.
في السياق العام يذهب الأردن إلى الانتخابات لعدة أسباب، أولها أن هذا توقيت دستوري، لا يجوز التلاعب به، أو تغييره تحت وطأة تقدير متسرع لوضع ما، سواء الوضع الإقليمي، أو حتى تقديرات البعض بسيطرة تيار سياسي على نتائج الانتخابات، وثانيها أن الأردن يريد أيضا تخفيف كلف فواتير الإقليم عليه، من خلال إعادة تفعيل الداخل الأردني سياسيا واقتصاديا واجتماعيا والانتخابات محطة فاصلة هنا، وثالثها أن الأردن أمام تطبيقات ميدانية لكل قوانين الإصلاح السياسي، ولا يريد أن يتعثر عند تنفيذه لهذه التطبيقات، ورابعها الرغبة بتكريس صورة الدولة المستقرة على الصعيد الداخلي والإقليمي والدولي، حين تذهب للانتخابات وسط كل هذه التعقيدات، التي لا يعرف أحد حتى الآن، إلى أي مستوى ستتواصل، ومتى ستخف حدتها، وخامسها بكاد يقول بشكل ناعم أن للأردن أيضا مصالحه السياسية الداخلية الواجب انفاذها، دون تعطيل كل شيء في الأردن، قياسا بحالة الانجماد الاقتصادي والمعنوي التي يمر بها الأردن اليوم، والتي تتم عنونتها بين الأردنيين، تحت عناوين مختلفة تعززها حالة عدم اليقين حول الغد، وما سيجلبه الغد، وما تخفيه الأيام والليالي في كل جوار الأردن.
الخلاصة تقول إن كل شيء محتمل من حيث المبدأ العام، لكن أولوية الأردنيين لا ترتبط بتغيير الأسماء بالمناسبة، بقدر الاعتراض على السياسات، وهي سياسات على ما يبدو يستعصي إجراء عمليات جراحية عليها وهناك نزوع واضح لدى عمان الرسمية نحو الإدارة اليومية للأزمات، وتسكين كل شيء، باعتبار أن الفضيلة الكبرى هذه الأيام، هي النجاة فقط من كل هذه الحرائق، والنيران، والأدخنة في عام 2024 الذي ندخله بكل تثاقل وقلق.
الغد