
نسرين الطويل
لماذا يجب أن يكون الكاتب والمخرج السينمائي والتلفزيوني مثقفًا ومبدعًا؟ مسئولية صناعة المحتوى بين الترفيه والتأثير الاجتماعي*
في عصر أصبحت فيه الدراما والسينما مرآة للمجتمع ونافذة لتشكيل الوعي، يبرز سؤال جوهري: هل يمكن أن نترك مهمة صياغة أفكارنا وقيمنا لأشخاص غير مؤهلين علميًا وثقافيًا؟
الواقع يؤكد أن الكثير من الأعمال الفنية تقدم محتوى سطحيًا أو مشوهًا أو حتى ضارًا بسبب كُتّاب ومخرجين يفتقرون إلى العمق الثقافي والفكري والنفسي. أحياناً عندما أستمع لبعض المخرجين أو أقرأ منشوراتهم، أقول في نفسي: "يا إلهي! ساعدنا!" لأن الفجوة بين ما يجب أن يكونوا عليه وما هم عليه فعلاً صادمة. بينما يجب أن يكونوا مثقفين ومبدعين وذوي خلفية في علم الاجتماع والنفس، لأنهم ليسوا مجرد صانعي ترفيه، بل مهندسو وعي جماعي.
### المشكلة: جهل المبدعين وأثره على المجتمع
نماذج من الأعمال الضارة:
مسلسلات تروج للعلاقات السامة على أنها رومانسية.
أعمال تقدم الصور النمطية عن المرأة والرجل والعلاقات كحقائق مطلقة.
محتوى يبسط قضايا معقدة مثل الخيانة والعنف والاكتئاب دون فهم علمي.
النتيجة:
تشويه إدراك الجمهور، خاصة الشباب.
تعميق الانقسامات الاجتماعية، كما أظهرت دراسة جامعة كاليفورنيا 2023 عن تأثير الدراما على القيم.
### الحل: المواصفات التي يجب أن تتوفر في الكاتب والمخرج
الثقافة الواسعة:
فهم التاريخ والفلسفة والأدب لإنشاء حبكات ذات معنى، مثل مسلسل صدر الباز العُماني الذي اعتمد على بحث تاريخي دقيق.
الخلفية في علم الاجتماع والنفس:
لتصوير الشخصيات ودوافعها بصدق دون تنميط، والاستعانة بمراجع مثل DSM-5 للأمراض النفسية بدلًا من تقديمها كدراما فقط.
الإبداع المسئول:
التوازن بين جذب المشاهد وإيصال رسالة هادفة، وتجنب الإثارة الرخيصة التي تستهلك المشاعر دون فائدة، كما في بعض مسلسلات الريميك.
### كيف نصلح الوضع؟
للجهات التعليمية:
إدراج مواد علم النفس والاجتماع وتحليل النصوص في مناهج كليات الإعلام والفنون.
للجهات المنتجة:
تشكيل لجان استشارية من علماء اجتماع ونفس لمراجعة النصوص.
للجمهور:
مقاطعة المحتوى الضار ومكافأة الأعمال الجادة، مثل نجاح مسلسل كوفيد 25 كمثال للدراما العلمية المسئولة.
### الخاتمة
السينما والتلفزيون ليسا وسيلة تسلية فحسب، بل أداة لتشكيل ثقافة الأمة. حين يُسلّم القلم أو الكاميرا لشخص جاهل أو غير مبدع، فإننا نُهدي مستقبلنا لفوضى الأفكار. علينا أن نطالب بمعايير عالية لصناع المحتوى، لأنهم يبنون عقولنا قبل أن يبنوا مشاهدنا.