
القلعة نيوز:
منذ عملية 7
اكتوبر و تداعياتها، و اقليمنا يمر باضطرابات مزلزلة جعلت منه اكثر تقلبا من سابق
الاوقات. ما ميز هذه المرحلة هو التسارع الكبير في الاحداث المتوالية من فلسطين
الى لبنان و اليمن فايران فسوريا و هكذا دواليك بشكل اصبح معه استشراف المستقبل
مستعصيا حتى على الخبراء المحنكين. فما الذي يحدث و الى اين نحن متجهون؟
اثارت تصريحات
السفير الاميريكي في تركيا، و هو ايضا المبعوث الخاص الى سوريا و لبنان، بشأن
"سايكس بيكو" جديد التكهنات حول وجود مخططات لاعادة تقسيم المنطقة، و
بدأت تتردد التسريبات عن وجود اتفاقات مبدئية بذلك. و عزز من هكذا تأويلات احداث
الساحل السوري و السويداء، تزامنا مع المحاولات الشرسة لتهجير اهل غزة.
الاقرب الى
الواقع هنا هو عدم وجود مخططات واضحة سرية كانت ام علنية. فالتحليل المباشر هو ان
الاقليم برمته في حالة مخاض عسير منذ عقود، زادت وتيرته في السنين الاخيرة كالقدر
الذي يغلي و قد وصل الى الفوران بسسب تراكم الازمات العالقة و زيادة تعقيداتها.
هناك توجهات عامة للدول الكبرى و مخططات اسرائيلية دقيقة، و لكنها ليست مضمونة
النتائج لا بل يعاد خلط اوراقها بحسب تطورات ميدانية مفاجئة، او تحركات عشوائية،
اضافة الى عامل الصدفة في التوقيتات. فعلى سبيل المثال، لم تجر الامور بعد 7
اكتوبر في غزة كما ارادت اسرائيل، و لا مع ايران على الرغم من الضربات الموجعة. التحدي
هو انه على المستوى العربي الرسمي العام كمجموعة لا توجد قدرة واضحة على المبادرة الفعلية مما يعزز لدى الشعوب
نظرية المؤامرة. ان تصديق مسألة المؤامرات تؤدي غرضها حيث تزرع الشلل و تجعل من اي
جهد يبدو عبثيا و عدميا. يعزز ذلك غياب الرؤية الدقيقة الموحدة.
العنوان الوحيد
الذي يمكن ان يجمع العرب بفعالية و برؤية مشتركة هو فلسطين، و تعرية اسرائيل بنجاح
على المستوى الاخلاقي عالميا لا تتم الا بفلسطين. ان نقطة بداية اعادة الامور الى
نصابها هي فلسطين لانها تشكل التقاطع المعنوي و الانساني الذي يفضح الصهيونية
العنصرية من غير مواربة. اذا اعدنا فلسطين الى الواجهة و بتركيز شديد و وحدنا
الجهود، حققنا التوازن في المنطقة، و امتلكنا زمام المبادرة السياسية للتعامل مع كافة
الحلقات المحيطة بها، لان فلسطين هي قطب الرحى و الحلقة المركزية.
علينا استغلال
هذه اللحظة التاريخية و التي بدأت فيها الشعوب الغربية بالذات مع حكوماتها بتعديل
بوصلتها السياسية لتتوافق مع حسها الانساني و الذي هو بطبيعته يدعم الحق الفلسطيني.
في اسبوع واحد اعلنت فرنسا و بريطانيا و كندا عزمها على الاعتراف بدولة فلسطينية. نافذة
تاريخية جديدة لا يجوز ان نضيعها!