شريط الأخبار
القاضي: تربيتي العائلية والعسكرية لا تسمح لي بالإساءة لأبناء شعبنا وسامح الله من فسر حديثي على غير مقصده شركة البوتاس العربية .. قدرة كبيرة رغم التحديات العالمية واستراتيجية طموحة قادمة رئيس النواب: قانون خدمة العلم أولوية .. وسيُمنح صفة الاستعجال موديز: الاقتصاد الأردني يحافظ على الاستقرار رغم التحديات الإقليمية بيانات رسمية: الإنفاق على الرواتب يرتفع بـ274 مليون دينار العام المقبل مقارنة بالعام الحالي الأردن والبحرين يؤكدان ضرورة الالتزام بوقف إطلاق النار في غزة الأمن العام: الحملة الشتوية على صلاحية المركبات تبدأ غداً السبت العيسوي يرعى انطلاق مبادرة "شاشة أمل" للأطفال المرضى والأيتام واللاجئين الصفدي يجري مباحثات موسّعة مع وزير الخارجية البحريني روسيا والأردن تلغيان متطلبات تأشيرة السفر بينهما اعتبارا من 13 ديسمبر المقبل وزير الخارجية التركي: اجتماع وزاري مرتقب الاثنين لبحث وقف إطلاق النار في غزة السفير القضاة يستقبل نقيب وأعضاء مجلس نقابة المقاولين الأردنيين في دمشق الاحتلال يبدأ عملياته خلف "الخط الأصفر" بغزة بعد انتهاء "مهلة أميركية" لحماس لا زيادة على رواتب الموظفين والمتقاعدين في موازنة 2026 باستثناء الطبيعية عون: الجيش اللبناني سيرفع قواته في الجنوب إلى 10 آلاف جندي قبل نهاية العام وزير الخارجية يشارك اليوم بحوار المنامة عاجل: وزارة الثقافة عام من العمل الميداني والإنجاز المتواصل " تقرير حكومي يكشف التفاصيل " شهيد وجريح في غارة إسرائيلية جنوب لبنان استشهاد فلسطيني وإصابة شقيقه برصاص الاحتلال شرقي غزة روسيا: مستعدون لاستئناف مفاوضات إسطنبول مع أوكرانيا

الأردن الذي يقول: لا

الأردن الذي يقول: لا

د. محمد أبو رمان

في أعقاب الحرب الباردة، ومع بروز اليابان باعتبارها قوى صناعية كبرى، ظهر كتاب «‎The Japan That Can Say No»بقلم شينتارو إيشيهارا وأكيو موريتا؛ الذي حمل رسالة صريحة: لا تحوّلوا الشراكة إلى تبعية. يذكّرنا هذا النموذج اليوم ونحن ننظر إلى الأردن، في علاقته الاستراتيجية مع الولايات المتحدة الأميركية، والقياس هو مع الفارق الكبير – كما يقول علماء الأصول- لكن البعض – للأسف- من النخب السياسية العربية، بل والمحلية يخلط ما بين التحالف والتعاون من جهة وبين التبعية وعدم الاستقلالية من جهةٍ أخرى؛ كما أنّه يقفز عن الشروط والسياقات التاريخية في بناء العلاقات، ويتجاوز مواقف كثيرة أثبتت عكس تلك الانطباعات التي شكّلت نظرية تلك النخب السياسية للعلاقات الأردنية- الأميركية.


ربط كثيرون بين المساعدات والبطّة التي تغلق فم الدولة: «إذا حصلنا على تمويل أميركي، فلا يمكننا أن نعترض أو نُخالف»؛ وهي مغالطة أخرى في فهم السياسات والاعتبارات الأردنية. صحيح أنّ الأردن منذ سبعين عاماً كان يستقبل أجزاء كبيرة من دعمه من واشنطن - لكن ذلك لم يمنعه أبداً من مواقف مستقلة على المحطات المفصلية؛ وقد قال الأردن مراراً وتكراراً في مواقف مفصلية وغير مفصلية؛ لا للولايات المتحدة الأميركية ولدول وأصدقاء وحلفاء آخرين؛ ودفع ثمن «اللا» بصورة قاسية، وتحمّل ذلك، في سبيل الدفاع عن القيم والمبادئ والمصالح الاستراتيجية والأمنية التي تحكم سياسات الدولة ومواقفها، وفي كثير من السياسات الأردنية في مجالات عديدة ومتعددة هنالك لاءات عديدة لأميركا ولدول غربية وعربية؛ لكل ما لا يتفق مع المنظور الأردني لمصالحه ولسياساته الخارجية والداخلية.

مالياً، كلفة (اللا) اليوم ليست كبيرة، فالدعم الأميركي المباشر للموازنة أصبح يقارب 6? من الإيرادات العامة، والمساعدات الخارجية بالكامل لا تتجاوز نحو 14? تقريباً من الإيرادات. نسبة جيدة وقد تتأثر بها المملكة في حال انقطعت، لكنها ليست قيداً على القرار الوطني، مقارنةً بعقودٍ سابقة أخذ الأردن فيها مواقف صلبة وكانت نسبة المساعدات أعلى بكثير، بل قد تصل إلى نصف الموازنة في بعض المراحل، وقد رفض الأردن حينها ضغوطاً شديدة، عندما طُلب منه الانضمام إلى اتفاقية كامب ديفيد مع مصر، وعندما أعلن الرئيس الأميركي، رونالد ريغان رؤيته للسلام، وفي حرب الخليج، وفي التحفظ على صفقة القرن والاتفاقيات الإبراهيمية خلال مرحلة الرئيس الأميركي دونالد ترامب الأولى، وفي موقفه الصلب ضد نقل السفارة الأميركية إلى القدس، وفي السياسات الأردنية والمواقف التصعيدية الكبيرة ضد حكومة نتنياهو في الحرب على غزة، وبناء الجهود للاعتراف بالدولة الفلسطيينة، ووقف المجزرة في غزة، بل والخطاب غير المسبوق والفريد الأردني في توصيف حكومة نتنياهو بأنّها مارقة ومتطرفة، بالرغم من الدعم الأميركي الكبير لها بخاصة من إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب.

ما هي نقاط القوة لدى الأردن؟! عديدة اليوم كثيرة؛ تنوّع شراكات الأردن: أوروبا، الصين، اليابان، روسيا، ليس لأننا نبحث عن علبة بديلة للمساعدات الأميركية، بل لأننا نُدرِك أن موقعنا الإقليمي بات له قيمة جوهرية بحد ذاته كدولة تُقدّم الاستقرار، والاعتدال، والخبرات الدبلوماسية، وتُعدّ جسراً بين مفاصل القوى المتصارعة. هنا أيضاً نجد في التجربة اليابانية ما يُذكّرنا: عندما تتحول الدولة الصغيرة إلى لاعب دولي لا يُحتسب فقط بناءً على حجمها أو عائداتها، بل على موقعها الرمزي، فإن كلمة «لا» تصبح جزءاً من خطابها وليس خروجاً منه.

نعم هنالك ما يقلق في المحيط الإقليمي، والأزمة لم تنته بوقف إطلاق النار في غزة؛ بل هي مرشحة للتفاقم مع حكومة يمينية إسرائيلية متطرّفة، ومحاولات لإخراج الملف الفلسطيني من إطار الدولة إلى إطار الخدمات أو الأمن، وضغوط أميركية ضمن «صفقة سلام إقليمية» تقلل من مكانة الأردن الاستراتيجية والإقليمية وتحوّله من لاعب إلى متلقٍّ. في هذه اللحظة، والأردن له مواقف وسياسات واضحة تجاه مصالحه الاستراتيجية والوطنية، وسيقول: لا؛ ويقف ضد ما يخالف ذلك..

في الخلاصة؛ مواقف الملك في خطاب العرش ومقابلته الإعلامية مع BBC؛ باتت تحمل رسالة مزدوجة: داخلياً لتعزيز الإجماع؛ وخارجياً لتأكيد أن الأردن ليس لاعباً تابعاً فقط، بل صاحب مصلحة يُدافع عنها. فحين يقول «لن نقف مكتوفي الأيدي»، أو يُشير إلى أن «حلولاً لا تبدأ بدولة فلسطينية هي حلول ناقصة»، فهو يقول «لا» بصوتٍ مسموع. ولعلّ هذه الكلمة، في سياقها، هي إعلان أن الأردن يحدد مصالحه ويبني عليها سياساته..

الدستور