القلعة نيوز- استطاع الاقتصاد الوطني منذ بداية العام الحالي التمسك بمسار نمو تصاعدي، رغم الصعوبات والتحديات، ليثبت قدرته على الصمود والثبات، مستفيدا من مؤشرات اقتصادية لافتة حققتها قطاعات إنتاجية زاخرة بالفرص، تقودها الزراعة والصناعة.
واستطاع الاقتصاد الوطني النمو وتجاوز التوقعات بفضل الاهتمام الملكي السامي المتواصل وفتح وجهات جغرافية غير تقليدية أمام القطاعات التصديرية، علاوة على قرارات حكومية ميسرة للقطاعات وسياسة نقدية حصيفة، أسهمت في ضبط التوازن وتعزيز النشاط الاقتصادي، وإيجاد حالة من الثقة والتفاؤل بين أوساط مجتمع الأعمال والاقتصاد.
ومن المؤشرات الاقتصادية التي تحققت منذ بداية العام الحالي، نمو الناتج المحلي الإجمالي، وزيادة الصادرات وحوالات العاملين بالخارج، والدخل السياحي والاحتياطيات الأجنبية والاستثمارات الخارجية، والتحسن الكبير في أداء سوق عمان المالي، وارتفاع عدد الشركات المسجلة والإيرادات المحلية، وارتفاع صافي أرباح الشركات المدرجة في بورصة عمان وغيرها.
واتفق خبراء بالشأن الاقتصادي تحدثوا لوكالة الأنباء الأردنية (بترا)، على أن الاقتصاد الوطني أظهر صلابة واستقرارا واضحين في مواجهة الضغوط الخارجية، وواصل أداءه الإيجابي بشكل متدرج، لافتين إلى القرارات الحكومية التي اتخذت على مدار عام مضى أسعفت الاقتصاد الوطني ودفعت به باتجاه تصاعدي.

وأكد عميد كلية الأعمال السابق في الجامعة الأردنية الدكتور رائد بني ياسين، أن النمو الاقتصادي قد تحسن منذ بداية العام الحالي، مبينا أن هذا سيزيد من ثقة المستثمرين وتعزيز الإنفاق الرأسمالي واستقطاب استثمارات كبيرة، خاصة بقطاعات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والسياحة.
وبين أن الربط بين الوزارات والجهات الحكومية ذات العلاقة، أسهم في ضمان اتساق الخطط والبرامج القطاعية مع الإطار الاستراتيجي العام لرؤية التحديث الاقتصادي، والاستفادة من الأنظمة الرقمية والبيانات والتكنولوجيا لتعزيز الاستدامة، ما عزز من فاعلية التنفيذ وبكفاءة جيدة.
ولفت إلى أن ثقة المستهلك بالاقتصاد الوطني تحسنت بشكل جيد رغم وجود تحديات حقيقية في البيئة الاقتصادية الجاذبة للاستثمار، مشددا على ضرورة التركيز على سياسات التشغيل وتحديث بيئة الأعمال وتنمية سوق العمل والربط مع القطاع الخاص لتعزيز النمو والمساهمة بالتوظيف.
ورأى الدكتور بني ياسين، أن قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات يمكن أن يشكل رافعة مهمة للنمو الاقتصادي في ظل التحوّل الرقمي المتزايد، وانتشار شبكات (G5) وارتفاع الطلب على خدمات البرمجيات والأمن السيبراني والتجارة الإلكترونية.

من جهته، قال المختص بالشأن الاقتصادي الدكتور أحمد المجالي، إن الاقتصاد الوطني أظهر صلابة واستقراراً واضحين في مواجهة الضغوط الخارجية، حيث واصل أداءه الإيجابي بشكل متدرج وسجل الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي نموا بنسبة 2.8 بالمئة خلال الربع الثاني من العام الحالي، مدفوعاً بنمو مختلف القطاعات بمقدمتها الصناعات التحويلية والزراعة والنقل والتخزين والاتصالات والخدمات المالية.
وأضاف أن هذا رافقه بقاء معدلات التضخم عند مستويات منخفضة، ما يعكس استقراراً بالأسعار وثباتاً في السياسة النقدية، الذي تحقق بفضل السياسات المتوازنة التي انتهجها البنك المركزي والحكومة.
وأكد أن البنك المركزي نجح في الحفاظ على زيادة الاحتياطيات الأجنبية عند مستوى يغطي أكثر من 8 شهور من المستوردات، وواصل ضبط أسعار الفائدة بما يوازن بين دعم النشاط الاقتصادي والحفاظ على استقرار الدينار.
وأوضح أن الإجراءات والقرارات الحكومية، خاصة ضمن البرامج التنفيذي لرؤية التحديث الاقتصادي ركزت على عنصر مهم تمثل في وضع الأُطر اللازمة للإنفاق الرأسمالي الموجه وليس فقط للإنفاق الجاري، وذلك من خلال توجيه واضح بوضع المشاريع الرأسمالية ضمن برنامج التحديث، وتفعيل آليات متابعة ومساءلة لضمان التنفيذ.
وأكد أن القرارات الحكومية والبنك المركزي أسعفا الاقتصاد الوطني بالحفاظ على توازنه وتجنب التراجع، وأن التحدي الأكبر في المرحلة المقبلة يتمثل بالوصول لنمو حقيقي يقوم على الإنتاجية، وتوسيع قاعدة الاقتصاد المحلي، وتعزيز بيئة الاستثمار والتشغيل بعموم المحافظات.
ورأى الدكتور المجالي، أن الاقتصاد الوطني بحاجة إلى انتقال نوعي من مرحلة الاستقرار إلى مرحلة النمو المستدام، فهناك تحديات ما زالت تحد من قدرة السياسة المالية على التوسع، كما أن الاستثمار الخاص لم يبلغ بعد المستوى الكفيل بتحفيز النمو الشامل بالمملكة.

بدوره، قال المدرس بقسم الاقتصاد بالجامعة الأردنية الدكتور رعد التل، إن الحكومة اتخذت بعامها الاقتصادي الأول جملة من القرارات المتعددة والتي ظهر أثرها باستمرار النمو بصورة متزايدة حث وصل بالربع الأول من العام الحالي 2.7 بالمئة، ثم زاد إلى 2.8 بالمئة بالربع الثاني، لكن بقي هناك صعوبات تواجه الاقتصاد الوطني.
وأضاف أن هذه الصعوبات ما زالت تحتاج لعمل وجهد أكبر، وهناك قطاعات بحاجة لتحفيز أكثر وقرارات مباشرة تسهم في تعزيزها وتمكينها، لا سيما قطاعي الزراعة والصناعة لمساهمتهما العالية بالناتج المحلي وتشغيل الأيدي العاملة الأردنية.
وأكد أن ما يحدث من تحولات في سوريا يشكل انعطافة مهمة للاقتصاد الوطني، لذلك لا بد من توظيف ذلك باتجاه يخدم الاقتصاد الوطني ويساهم في ارتفاع معدل النمو، علاوة على وجود اهتمام من المستثمرين بدول الخليج للدخول إلى السوق الأردنية والمساهمة بالاستثمار بالمشروعات الكبرى بالطاقة والنقل والمياه.

بدوره، أكد الخبير الاقتصادي الدكتور غازي العساف، أن المؤشرات الاقتصادية منذ بداية العام الحالي أظهرت بأن الاقتصاد الوطني يسير نسبيا في مسار إيجابي متجاوزا التوقعات المتحفظة التي سادت نهاية 2024.
وبين أن الناتج المحلي الإجمالي حقق معدلات نمو متصاعدة، مقارنة مع العام الماضي، ما يعكس نجاح السياسات الاقتصادية الكلية في تحقيق التوازن الدقيق بين ضبط أوضاع المالية العامة وتحفيز النشاط الاقتصادي.
وأوضح أن هذا الأداء يكتسب أهمية خاصة في ظل البيئة الإقليمية المضطربة والتشديد النقدي العالمي، ويؤكد فعالية عدد من السياسات الاقتصادية، حيث نجحت الحكومة في تعزيز ثقة المؤسسات الدولية، بعد إكمالها بنجاح المراجعة الرابعة لبرنامج التسهيل الممدد مع صندوق النقد الدولي متجاوزة جميع المعايير الكمية المستهدفة.
ورأى أن استدامة هذا المسار الإيجابي تتطلب معالجة حاسمة للاختلالات الهيكلية التي ما تزال تُثقل كاهل الاقتصاد الوطني، خاصة ذات الصلة بمعدلات البطالة والدين العام، ومواصلة زيادة معدلات النمو، مشددا على ضرورة تسريع وتيرة الإصلاحات الهيكلية بأسواق العمل وتحسين كفاءة الإنفاق العام.
.jpg)
من جانبه، أكد الخبير الاقتصادي حسام عايش، أن الاقتصاد الوطني خلال العام الحالي انتقل من مرحلة استيعاب تداعيات الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة وما رافقها من توترات إقليمية، وحالة عدم اليقين والضبابية التي سادت العالم، لحالة الانطلاق نحو تحقيق إنجازات، واستطاع أن يستوعب كل التداعيات وأن يعود مرة أخرى إلى سكة النمو الاقتصادي.
ولفت إلى إن أداء القطاعات والمؤشرات الاقتصادية منذ بداية العام الحالي يقدم إشارات واضحة إلى تحسن النمو الاقتصادي، ما يعكس استقرارا متزايدا في بيئة الأعمال بالمملكة وارتفاعًا في معدلات استمرارية النشاط الاقتصادي.
وأشار إلى أن الحكومة، وفي عامها الأول، اتخذت ألف قرار منها ما هو اقتصادي، إداري، تحفيزي، بالإضافة إلى قرارات تتعلق بقضايا اقتصادية واجتماعية تخص قطاعات متعددة كالعقار والمركبات وغيرها.
وبين أن تكامل الإجراءات الحكومية مع ثقة الناس بها، وتحسين وتيرة القرار الاقتصادي المواكب لعملية التحول من مرحلة استيعاب التداعيات إلى مرحلة الانطلاق الجديدة، على طريق تحقيق أهداف رؤية التحديث الاقتصادي، كان له دور كبير في إثراء العملية الاقتصادية.
ورأى أن بقاء الارتباط الوثيق بين السياسات الحكومية وبين الأداء الاقتصادي العام على الوتيرة الحالية، من المتوقع أن يكون أكثر استدامة على مستوى النمو، وأكثر توسعًا في قاعدة الاستثمار، وأكثر تعزيزًا للعائد العام، بما يؤدي إلى تحقيق أحد أهم أهداف رؤية التحديث الاقتصادي المتمثل في رفع مستوى معيشة المواطنين وتجويد حياتهم وتوليد فرص العمل.
وقال عايش"مع المشروعات الكبرى التي ستباشر الحكومة تنفيذها مطلع العام المقبل فالبلاد على موعد مع انطلاقة اقتصادية تم التمهيد لها جيدا خلال العام الحالي، وستكون سنة 2026، بداية جني النتائج الإيجابية للقرارات الحكومية والسياسات الاقتصادية الجديدة".
-- (بترا)




