حينما كنا صغارا في أيام الطفولة كانت شجاراتنا بسيطة وألسنتنا حادة فلا تترك شتيمةٌ إلا وألقيت ، تنابزٌ بالألقاب وألفاظ خادشة للطفولة ،لكن سرعان ما تتصافى القلوب والعواطف في أقرب مبارة لكرة القدم فتكون المصالحةُ لتجُبَ ما قبلها، لم تكن الكلمات إلا انعكاسا لما يقال في البيئة ، فتُردد عباراتهم وأقوالهم ، ما ذكرني بتلك ملاسنةٌ إعلامية قبل أيام عجافٍ على الملأ بين نائب ووزير ، زعم كلاهما الحقَّ والصدق ، اتهم النائبُ مدير عام الضريبة بتقاضي واحد وعشرين ألف دينار ، فرد عليه الوزير بأن راتب ذلك المدير لا يصل إلى ربع هذا المبلغ ( شاملا جميع العلاوات) وأنه كذاب ( فلديه الوثائق)، فجاء رد النائب بأن الوزير كذاب أشِر ، وأنه لا يرغب في أن يُجَرَّ إلى المعركة وأن ذلك الوزير لا يعرف مقدار غضب النائب ( فكانت هوشة مكتملة الأركان) ، ثم اصطلحا في بيت صديقيهما وكأنَّ مشاجرة وقذفا لم يكونا ، وبذلك ضاعت الحقيقة فلا يعلم من الصادق منهما ومن تلبَّس تهمة الكذب . الفرق بين الصغار والكبار هو فرق بين الطفولة براءةً وطيبةً وبساطةً وبين الجهالةِ رعونةً وعنجهيةً وضغينةً ، بين ردَّي المسؤولينِ انزاحت القضية من كونها قضيةَ مالٍ ووطنٍ ونزاهةٍ إلى قذف شخصي لا يعني الناس إلا من باب التسلية وحسب، والسؤال |: أين الحقيقة ، هل مرتب المدير كما قال النائب ، ولا سيما إذا أضيف إلى ذلك اتهامه بأن سكرتيرة في أمانة عمان تتقاضى راتب ثلاثة آلاف وخمسمائة دينار، ولا نعلم هل قول النائب نفسه غير مسؤول كما صرح : إن كلام النواب كله( حكي) أي غير محاسبين عليه .فهل هو كذلك غير محاسب عليه أمام الله . تلك مصائب الدول التي تتزيَّفُ فيها الديمقراطية ، ويركب كراسيها بائعو الشعارات وماضغو العلكة ، أيعقل أن النائب غير مسؤول في الدولة، وأنه غير محاسب على اتهامٍ قد أقضَّ مضاجعَ وزير أوتي به فجاءة وأُجلس على كرسي بلا انتخاب ولا شورى !! لمَ هذا الاستخفاف بالمواطن في عصر العولمة والانكشاف ، واحد منهما في القضية صادق والآخر غير ذلك ، ومن يدعي تمثيل الشعب لا ينبغي أن يقول إلا الصدق ولا ينبغي أن يدخل أي دائرة حربية أو سلمية إلا خدمةً لمن انتخبه وللشعب كذلك ، مصيبتنا في الوطن الغالي أن أوراقا صُفْرًا تساقطت وأقنعةً قد اهترأت ووجوهًا قد جّفَّ ماؤها بيدَ أنها ما زالت تتقمص أدوار البطولة الخشبية الزائفة نفسها إلى أن يرث الله الديمقراطية وأخواتها. أ.د. خليل الرفوع
النائب والوزير وتساقطُ الورق الأصفر
حينما كنا صغارا في أيام الطفولة كانت شجاراتنا بسيطة وألسنتنا حادة فلا تترك شتيمةٌ إلا وألقيت ، تنابزٌ بالألقاب وألفاظ خادشة للطفولة ،لكن سرعان ما تتصافى القلوب والعواطف في أقرب مبارة لكرة القدم فتكون المصالحةُ لتجُبَ ما قبلها، لم تكن الكلمات إلا انعكاسا لما يقال في البيئة ، فتُردد عباراتهم وأقوالهم ، ما ذكرني بتلك ملاسنةٌ إعلامية قبل أيام عجافٍ على الملأ بين نائب ووزير ، زعم كلاهما الحقَّ والصدق ، اتهم النائبُ مدير عام الضريبة بتقاضي واحد وعشرين ألف دينار ، فرد عليه الوزير بأن راتب ذلك المدير لا يصل إلى ربع هذا المبلغ ( شاملا جميع العلاوات) وأنه كذاب ( فلديه الوثائق)، فجاء رد النائب بأن الوزير كذاب أشِر ، وأنه لا يرغب في أن يُجَرَّ إلى المعركة وأن ذلك الوزير لا يعرف مقدار غضب النائب ( فكانت هوشة مكتملة الأركان) ، ثم اصطلحا في بيت صديقيهما وكأنَّ مشاجرة وقذفا لم يكونا ، وبذلك ضاعت الحقيقة فلا يعلم من الصادق منهما ومن تلبَّس تهمة الكذب . الفرق بين الصغار والكبار هو فرق بين الطفولة براءةً وطيبةً وبساطةً وبين الجهالةِ رعونةً وعنجهيةً وضغينةً ، بين ردَّي المسؤولينِ انزاحت القضية من كونها قضيةَ مالٍ ووطنٍ ونزاهةٍ إلى قذف شخصي لا يعني الناس إلا من باب التسلية وحسب، والسؤال |: أين الحقيقة ، هل مرتب المدير كما قال النائب ، ولا سيما إذا أضيف إلى ذلك اتهامه بأن سكرتيرة في أمانة عمان تتقاضى راتب ثلاثة آلاف وخمسمائة دينار، ولا نعلم هل قول النائب نفسه غير مسؤول كما صرح : إن كلام النواب كله( حكي) أي غير محاسبين عليه .فهل هو كذلك غير محاسب عليه أمام الله . تلك مصائب الدول التي تتزيَّفُ فيها الديمقراطية ، ويركب كراسيها بائعو الشعارات وماضغو العلكة ، أيعقل أن النائب غير مسؤول في الدولة، وأنه غير محاسب على اتهامٍ قد أقضَّ مضاجعَ وزير أوتي به فجاءة وأُجلس على كرسي بلا انتخاب ولا شورى !! لمَ هذا الاستخفاف بالمواطن في عصر العولمة والانكشاف ، واحد منهما في القضية صادق والآخر غير ذلك ، ومن يدعي تمثيل الشعب لا ينبغي أن يقول إلا الصدق ولا ينبغي أن يدخل أي دائرة حربية أو سلمية إلا خدمةً لمن انتخبه وللشعب كذلك ، مصيبتنا في الوطن الغالي أن أوراقا صُفْرًا تساقطت وأقنعةً قد اهترأت ووجوهًا قد جّفَّ ماؤها بيدَ أنها ما زالت تتقمص أدوار البطولة الخشبية الزائفة نفسها إلى أن يرث الله الديمقراطية وأخواتها. أ.د. خليل الرفوع